ثلاثة ملفات حملها معه وكيل وزارة الخارجية الاميركية السفير دايفيد هيل الى طاولة المحادثات الاميركية اللبنانية في زيارته الوداعية للبنان والتي واصلها امس بعقد لقاء مع رئيس الجمهورية ميشال عون شكل محطة انظار الاوساط السياسية والاعلامية ولا سيما انه اتى بعد يوم على خطوة رئيس الجمهورية بعدم توقيع مرسوم تعديل الحدود البحرية وتوجيه كتاب إلى ‏الأمانة العامة لمجلس الوزراء مؤكدا انه يحتاج إلى قرار يتخذه مجلس الوزراء ‏مجتمعاً وفقاً لرأي هيئة التشريع والاستشارات، حتى في ظل حكومة تصريف ‏الأعمال نظراً إلى أهميته والنتائج المترتبة عليه، خصوصاً أن الوزراء الموقعين ربطوا توقيعهم بإقرار المرسوم في مجلس الوزراء.

بعيدا عما اذيع في البيانات المكتوبة سواء من جانب هيل او رئاسة الجمهورية، كشفت مصادر مطلعة لـ»الديار» ان الضيف الاميركي ثمّن ورحب بخطوة رئيس الجمهورية عدم توقيع المرسوم ناقلا احترام وتقدير بلاده لجرأة وشجاعة الرئيس عون في هذه النقطة تحديدا، علما ان اجتماعا تنسيقيا عقد ليلا فور وصول هيل الى بيروت بقي بعيدا عن الاعلام بين مستشار رئيس الجمهورية سليم جريصاتي والنائبين الياس بو صعب وألان عون مع هيل.

وفيما رفض المعنيون الخوض بتفاصيل اللقاء، كشفت بعض المعطيات انه اتى بطلب اميركي، وناقش ملفين اساسيين هما الترسيم والحكومة، وقد لمس خلاله المجتمعون قلقا اميركيا من التأخير في التشكيل وحماسة للاسراع في هذا الموضوع للشروع بالاصلاحات.

في كواليس اجتماعه مع عون، لم يتطرق هيل بحسب المصادر الموثوقة لموضوع حزب الله وايران، (ولو انه تطرق له في العلن عبر البيان الذي قرأه)، انما جدد التأكيد ان الولايات المتحدة «المرتاحة» لقرار الاستمرار بالتفاوض التقني غير المباشر بين لبنان واسرائيل ستجري الاتصالات اللازمة في هذا الاتجاه من دون تحديد اي موعد لاستكمال عملية التفاوض.

من الترسيم انتقل هيل للحديث عن الملف الحكومي، هنا اشارت المصادر الى ان هيل جدد على مسمع الرئيس عون في بعبدا ما قاله في عين التينة امام الرئيس بري ومفاده ان الولايات المتحدة تهتم ببرنامج الحكومة اكثر من الحكومة نفسها بغض النظر عن الاسماء، مشددا على وجوب ان تعتمد برنامجا واضحا باتجاه تحقيق الاصلاحات ومكافحة الفساد كي تتمكن من الحصول على دعم صندوق النقد الدولي والمجتمع الدولي.

وفي هذا الاطار كشفت اوساط بارزة للديار بان الرئيس المكلف سعد الحريري أسمع السفير هيل خلال لقائه به الاربعاء بان ما يريده هو «حرية مطلقة» في عملية تشكيل الحكومة حتى ولو لم تأخذ (حكومته) الثقة، على حد تعبيره وان الاساس بالنسبة له ان تكون حكومة اختصاصيين لا ثلث معطلا فيه لاحد.

اما في معراب، فقد جدد هيل ما قاله سواء ببعبدا او عين التينة او بيت الوسط، الا ان الاهم هو في ما قاله رئيس حزب القوات سمير جعجع لضيفه الاميركي اذ كشفت مصادر مطلعة على جو اللقاء ان جعجع اكد امام هيل انه غير معني بملف التشكيل وتوجه له بالقول: «لا يجب ان يضيّع المجتمع الدولي وقته على موضوع الحكومة في لبنان لانها امام خيارين حتميين: فاما انها لن تتشكل واما ستتشكل لكنها ستكون عاجزة على انجاز اي شيء وبالتالي يجب ان يركز المجتمع الدولي جهوده على دعم اعادة انتاج السلطة بلبنان عبر دعم اجراء انتخابات نيابية مبكرة اذ لا امكانية للخروج من الازمة الا عن طريق اعادة انتاج السلطة بحسب جعجع».

كما تشير المصادر الى ان رئيس حزب القوات تمنى على هيل دعم بلاده لمطلب القوات بلجنة تقصي حقائق دولية بانفجار مرفأ بيروت.

المواقف نفسها رددها المسؤول الاميركي في كل من بنشعي حيث القتى رئيس تيار المردة سليمان فرنجية والصيفي حيث اجتمع برئيس حزب الكتائب سامي الجميل الا ان اللقاء الذي حمل بابعاده اكثر من رسالة فتمثل بحلول هيل ضيفا الى مائدة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وقد علم ان الاجتماع كان ايجابيا وجدد التأكيد على استمرار الدعم الاميركي لسلامة اقله في المرحلة الراهنة.

اما في بكركي فقد اكتفت مصادرها بالاشارة عبر «الديار» الى ان هيل استمع بانتباه شديد لطروحات البطريرك الراعي بشأن الحياد والمؤتمر الدولي لاخراج البلاد من الازمة اللبنانية.

في الساعات المقبلة يودع هيل بيروت رافعا تقريره للادارة الاميركية فهل سيكون ما سمعه وكتبه كافيا للافراج عن اسر الحكومة محليا وخارجيا على وقع «ورقة ترسيم تفاوضية» يزال رئيس الجمهورية يمسك بزمامها بقوة؟

جويل بو يونس - الديار