hit counter script

ليبانون فايلز - أخبار محليّة أخبار محليّة

المطران بو جوده: هل يحق لنا نحن ان نغسل أيدينا من دم لبنان؟

الجمعة ١٠ نيسان ٢٠٢٠ - 12:06

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

ترأس راعي أبرشية طرابلس المارونية المطران جورج بو جوده، رتبة سجدة الصليب، في كنيسة مار مارون في طرابلس، بمشاركة النائب العام على الابرشية الخورأسقف انطوان مخائيل، خادم الرعية المونسنيور نبيه معوض، والكاهنين جوزاف فرح وراشد شويري.

وتابع المؤمنون هذه الرتبة مباشرة على صفحة "فايسبوك" التابعة لابرشية طرابلس المارونية.

وألقى المطران بو جوده عظة في المناسبة قال فيها: "ليس من حب أعظم من حب من يبذل نفسه في سبيل أحبائه" كلمات المسيح هذه تحدد الهدف الذي من أجله صار إنسانا وسكن بيننا، ولم يعد مساواته لله غنيمة بل تواضع حتى الموت، والموت على الصليب".

اضاف:" نجتمع اليوم في الكنائس بأعداد كبيرة لا نرى مثلها في أي يوم آخر من السنة، كي نشارك في الشهادة على موت المسيح ودفنه، الحزن والأسى يبدوان على جميع الوجوه والدموع تترقرق على وجوه كثيرة. كيف لا ونحن نشارك في مأتم شاب ما زال في مقتبل العمر، لم يتخط الثالثة والثلاثين من عمره. نضعه في القبر وأمام والدته الثكلى وعدد من النساء اللواتي يتقبلن التعازي، ونعود إلى روتينية حياتنا اليومية، وكأن شيئا لم يحصل. إنها العواطف البشرية تسيطر على تصرفاتنا كما ما زال يحصل اليوم كل مرة نشارك في محفل شخص عزيز علينا. عواطف تجعلنا نتذكر ما للراحل عنا من صفات طيبة وأعمال خير كثيرة، ناسين أو متناسين ما كان في حياته من سلبيات. بالنسبة الى يسوع نحن مقتنعون أن حياته كلها كانت حياة مثالية صالحة، قام فيها بالكثير من أعمال الخير ونسبت إليه أشفية عديدة وعجائب متنوعة. ولذلك نتساءل: ولماذا إذا عومل هذه المعاملة السيئة، فتفلوا في وجهه وجلدوه وكللوه بالشوك وحملوه الصليب ثم رفعوه عليه. نعم، لماذا مات المسيح، وهو في الحقيقة ابن الله، هذه الميتة البشعة بعد أن عذبوه وحملوه الأمرين"؟ الجواب يأتينا على لسانه هو بالذات. لقد مات على الصليب حبا بنا، في فعل طاعة لله الآب الذي هكذا أحب العالم حتى أنه بذل ابنه الوحيد في سبيل فداء العالم".

وتابع: "موت المسيح على الصليب هو علامة حب لامتناهية ولا حدود لها، إذ ليس من حب أعظم من حب من يبذل نفسه في سبيل أحبائه. موت المسيح على الصليب جاء كفارة عن خطايانا لأنه عبد الله وخادمه الذي كرس له أشعيا النبي أربعة أناشيد في نبوءته حوالى الثمانمئة سنة قبل ولادته على الأرض. فيه قال في نشيده الأول: "هوذا عبدي الذي أعضده، مختاري الذي رضيَتْ عنه نفسي. قد جعلتُ روحي عليه فهو يبدي الحق للأُمم، لا يصيح ولا يرفع صوته ولا يُسمع صوته في الشوارع، القصبة المرضوضة لن يكسرها والفتيلة المدخنة لن يطفئها... لا يني ولا ينثني إلى أن يُحل الحق في الأرض، فشريعته تنتظر الجزر (أش42/1-4). وحدد في نشيده الثاني الهدف الذي من أجله أرسله الله فقال:"إن الرب دعاني من البطن وذكر إسمي من أحشاء أمي وقال لي:"إني قد جعلتك نوراً للأُمم ليبلغ خلاصي إلى أقاصي الأرض، وأضاف في النشيد الثالث قائلاً على لسانه آتاني السيد الرب لسان تلميذ... السيد الرب ينصرني لذلك لم أخجل من الإهانة ولذلك جعلت وجهي كالصوان. وأخيرا يقول في النشيد الرابع: عومل بقسوة فتواضع ولم يفتح فاه، كحمل سيق إلى الذبح كنعجة صامتة أمام الذين يجزونها ولم يفتح فاه... قد إنقطع من أرض الأحياء وبسبب معصية شعبي ضُرِبَ حتى الموت، فلذلك أجعل له نصيباً بين العظماء وغنيمة مع الأعزاء (أشعيا53...).

وقال بو جوده: "بموته أراد المسيح أن يعيد إلينا الحياة، ذلك هو التناقض المسيحي الذي بنى عليه يسوع كل تعاليمه إذ أراد أن يبرهن للإنسان أنه بتكبره وتعجرفه وإدعائه أنه بمخالفته لله وبالثورة ضده يستطيع تحقيق ذاته فيصير إلها لذاته، قد حكم على نفسه بالموت. والمسيح وحده، الذي وطئ الموت بالموت هو القادر أن يهب الحياة للذين في القبور، لأنه هو الحياة، ومن آمن به فسيحيا. وقد برهن عن قدرته هذه أولا بإعادة الحياة إلى عدد من الموتى، كإبن أرملة نائين، وإبنة قائد المائة وصديقه لعازر، ثم أخيرا بقيامته هو بنفسه وبقدرته الذاتية. بقيامته حول المسيح معنى الموت وأعطاه معنى آخر. فلم يعد ذلك الأمر المرعب والمخيف وعودة إلى العدم، بل أصبح مرحلة إنتقالية في حياة الإنسان، لأن هذا الإنسان مخلوق على صورة الله ومثاله وقد نفخ الله فيه روحه عندما خلقه. وكما أن الله كائن أزلي لا بداية له ولا نهاية، فقد جعل الإنسان على مثاله، لا نهاية له بل هو مدعو للعيش الدائم معه في الملكوت. ولذلك قرر هو بنفسه، بشخص إبنه يسوع المسيح أن يفتدي هذا الإنسان ويكفر عن خطاياه ليُعيد تأهيله للعيش معه في الملكوت لذلك فإن المرحلة الرابعة عشرة من درب الصليب التي نضع فيها جثمان المسيح المائت في القبر، ليست المرحلة النهائية، بل هنالك مرحلة أخرى، هي الخامسة عشرة وهي مرحلة القبر الفارغ، كما وجدته النساء القديسات ثم سائر الرسل. وهذا ما قاله لهن الملاك بألا يبحثن بعد اليوم عن الحي بين الأموات لأنه قام كما قال".

وختم بو جوده: "إننا بإحتفالنا اليوم بذكرى موت المسيح على الصليب مدعوون لتجديد إيماننا به كفاد ومخلص، ولتجديد إيماننا بأننا مهما عانينا على الأرض من عذاب وآلام وموت فإننا مدعوون كذلك للإنتصار معه على الموت وللقول مع الرسول بولس: أين شوكتك يا موت وأين قوتك يا جحيم؟ فلنرفع الصلوات اليوم نحوه طالبين منه ان يجعل من الالام التي نعاني منها آلاما تطهيرية، وان يلهم المسؤولين في بلادنا كي يتشبهوا بسمعان القيرواني الذي ساعد المسيح على حمل صليبه، وبالقديسة فيرونيكا وبالنساء القديسات اللواتي رافقنه حتى الصليب، ومسحن وجهه القاطر دمائا والا يتشبهوا برؤساء الكهنة والفريسيين الذين كانوا يدعون الدفاع عن الامة، بينما كانوا في الحقيقة هم الذين باعوها للمستعمر الاجنبي، من خلال طلبهم الى الوالي الروماني بلاطس البنطي، بان يحكم على المسيح بالموت، وقد تبرأ هذا الاخير من هذه المسؤولية وغسل يديه وقال انا بريء من دم هذا الصديق، فلنتساءل جميعا ونقول هل يحق لنا نحن مسؤولين ام مواطنين عاديين ان نغسل ايدينا من دم لبنان. فليجعل الرب من الامنا آلاما تطهيرية وتقديسية كي تستطيع الإنتصار على الموت، فيتغلب أبناؤها على أنانيتهم وحبهم المفرط للذات والسعي إلى المصالح الشخصية على مصلحة الوطن وإخوتهم المواطنين، كي نستطيع جميعا أن نعيش في بلاد يحلو فيها العيش ويشعر الجميع فيها أنهم في أمان وسلام، مطمئنين إلى مستقبلهم ومستقبل أبنائهم، شاهدين أن المسيح بعد تحمله كل تلك الآلام ووصوله إلى الموت، عاد وإنتصر عليه وهو وحده القادر أن يُعيد إلينا الحياة لأن موته فعل محبة ولأن المحبة لا تموت".

  • شارك الخبر