hit counter script

ليبانون فايلز - أخبار محليّة أخبار محليّة

الخطيب: نحذر القوى من استخدام القضاء للاستهداف السياسي

الجمعة ١٨ كانون الأول ٢٠٢٠ - 12:09

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

أدى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب الصلاة جماعة في مقر المجلس والقى خطبة الجمعة وقال فيها: "تأخذ العدالة في الإسلام أهمية كبرى وحيزا مهما من التركيز والتوجيه في التعاليم والنصوص، سواء على المستوى الفكري والثقافي العام، أو على المستوى التربوي والعملي التطبيقي على المستوى العقائدي أو على المستوى التشريعي، وأوضح أن كل التشريعات خاضعة لهذا المقياس، فعلى المستوى العقائدي والنظري لا يستقيم الايمان بالله تعالى من دون الايمان بعدالته، وهي تأتي بعد الايمان بوجوده تعالى في الترتيب الفلسفي، وإن كانت صفاته تعالى هي عين ذاته وجودا ولا يمكن انفكاكها عنه. وعلى المستوى التشريعي فهناك من النصوص القرآنية والسنة النبوية الكثير مما يدل على ذلك، وأنه تعالى يأمر بإقامة العدل، كقوله تعالى: (وأمرت لأعدل بينكم)، وقوله تعالى: (فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا)، والآية التي صدَّرنا بها هذه الكلمة (هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم). والترابط بين هذين المستويين، أي الأصل العقائدي أي (الايمان بأن الله تعالى عادل لا يقع منه ظلم) وبين الأصل التشريعي، ترابط عضوي في ما يتعلق بالحقوق وايصالها الى أهلها في باب القضاء، لأن الله تعالى اذا كان عادلا ولا يقع منه ظلم يقتضي ذلك بحكم الضرورة، أن ما جعله من قواعد الحكم في الخصومات هي قواعد العدل، وموازينه، وعبر عنها بقوله أنها ليست قائمة على أساس الهوى والميل النفسي لغاية أو نفع مادي، وهو ما يؤيده قوله تعالى: (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى)، فلا يخرجكم كرهكم أو بغضكم لأحد عن اعطائه الحق وانصافه (فلا تتبعوا الهوى أن تضلوا)، ففي اتباع الهوى انحراف عن موازين الحق والعدل".

أضاف: "وهذا يقتضي أن يتوفر في من يقوم على هذا الامر العلم بالأحكام ، وثانيا أن يكون على قدر عال من النزاهة وهو ما يعبر عنه بشرط (العدالة)، فمن يفتقد الى أحد هذين الشرطين وغيرهما من الشروط المعتبرة في القضاء لا يمكن أن يتقلد هذا المنصب، فالجاهل بالأحكام وبتشخيص موضوعاتها لا يمكنه استنباط الأحكام وتطبيقها على موضوعاتها، وبالتالي فهو غير مؤهل ليستلم هذا المنصب. وفي الإسلام فإن القضاء منصب الهي خطير، وقد ورد عن أمير المؤمنين قوله لشريح القاضي ما يدل على خطورة هذا المنصب الذي هو اما نبي أو وصي (يا شريح قد جلست مجلسا لا يجلسه الا نبي أو وصي أو شقي)، وقد وردت النصوص المعتبرة واتفقت كلمة الفقهاء على أن الفقيه الجامع للشرائط هو نائب للإمام وأن الإمام نصب بالنصب العام للفتيا والقضاء. وهذا مما لا خلاف فيه، واختلفوا في جواز القضاء بالتوكيل. وعلى كل حال، فإن الاسلام أخذ في من يقوم بهذه الوظيفة كل الشروط الضرورية التي يتحفظ فيها على أكبر قدر من تحقيق العدالة التي يقصد بها موازين الحكم والقضاء، فشرط في القائمين على هذا الأمر أن يتمتعوا بالجدارة العلمية والحصانة الاخلاقية السلوكية والنفسية والخبرة الاجتماعية والتقوى التي تحصنهم من السقوط واتباع الهوى عند الحكم، فلا يضلوا الطريق ويكونوا في محل غضب الله تعالى".

وتابع: "أما التشريعات فهي على نحوين، ما يتعلق بالأفراد وما يتعلق بالأمة والمجتمع، أما ما يتعلق بالأفراد وهي ما نسميه بالتكاليف الشرعية الفردية الالزامية وأن على المؤمنين أن يؤدوها والا يتخلفوا عن القيام بها سواء ما تعلق فيها بحقوق الله تعالى كالعبادات المبدئية كالصلاة والصوم، أو البدنية كالحج أو المالية المحض كالزكاة والخمس او ما تعلق منها بحقوق الناس كأداء الدين والامانات والشهادات والوفاء بالعقود وما شاكل ذلك، ويعتبر المتخلف عن أدائها عاص لله تعالى بفقد الأهلية لتولي المناصب العامة، أو الأحكام المتعلقة بالجماعة والامة كحفظ النظام العام ومصالح الامة والدفاع عن وجودها وهي ما تسمى بالتكاليف الكفائية، فعلى الامة القيام بها ولا يسقط عنها الا أن يقوم بها من يكتفى به، والا تعتبر عاصية لله تعالى، فالعدالة في كل ذلك تعني الاستقامة على جادة الشريعة بما يحقق المصالح التي لا يرضى الله تعالى بفواتها".

وأوضح أنه "بالإجمال فإن الأحكام (الشرعية تابعة كما يقول الفقهاء للمصالح والمفاسد، فما كان فيه مصلحة ملزمة لا يرضى الله تعالى بفواتها كان واجبا، وما كان في تحقيقه مفسدة لا يرضى الله تعالى بوجودها كان فعلها حراما، والعدالة تقتضي الاتيان بكل ما فيه مصلحة ملزم وترك كل ما فيه مفسدة ملزمة. ولعل اختصاص التسمية بالعدالة بباب القضاء من باب أنه أبرز وجوهها، فإن اختلال العدالة في القضاء او تعطيل دوره في فصل الخصومات وفق الموازين السليمة، سيؤدي حتما الى اختلال الاجتماع الانساني والنظام العام والفوضى وشيوع الظلم والفساد، وهو من أخطر ما يمكن أن تبتلي به أمة من الامم، ومن أهم أسباب سقوط الدول ونهايتها وقد قيل في ذلك (أن الملك يبقى مع الكفر ولا يبقى مع الظلم)، نطق بهذه العبارة العلامة المجلسي في كتابه المعروف بحار الانوار".

وشدد على أن "رأس الهرم في وجود قضاء عادل، هو أن يكون هناك نظام قائم على أساس عادل وعلى أساس موازين عادلة. وإلا فإن الخلل سينسحب على كل بنية النظام، فلا يمكن أن يكون هناك عدالة اجتماعية مع نظام لا يقوم على أسس العدالة وموازينها، إن اول موازين العدالة التي يجب ان يقوم الحكم على أساسها، هي المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات وتكافؤ الفرص، فلكل مواطن الحق في التعليم والحصول على الفرصة في الوظيفة العامة حسب الكفاءة والرعاية الصحيه، فلا يجوز أن يكون هذا الحق محصورا بفئة أو بطائفة وحرمان الآخرين منه، وأن يكون المواطنون متساوين أمام القانون، ولكل منهم حق التقاضي وأن يعطى حقه وفقا لذلك، فلا يجوز أن يكون هناك استنسابية في العدالة ويطبق القانون على الضعفاء، بينما لا يطبق على المتنفذين والمحظيين، كما لا يجوز تجزئة العدالة، فلا يجوز أن يكون لأحد حصانة تحميه من المثول امام المحاكم، فإن كل ذلك مخالف لمقتضى العدالة وهو ظلم وان تلبس بلباس النظام والقانون".

وأسف لأن "النظام اللبناني مبتلى بكل هذه القبائح فلا مساواة بين المواطنين ولا تكافؤ فرص ولا مساواة أمام القانون ولا محاسبة، فهو خال من كل معايير العدالة، ولذلك كان من الطبيعي ان تصل فيه الامور الى هذا الحد من الفساد والأزمات الاقتصادية والمعيشية التي تكاد تغرقه في اتون الفوضى".

ورأى أنه "كان حريا بالسلطة السياسية بعد النكبات المتتالية التي حلت بالشعب اللبناني الاقتصادية والنقدية والمالية وكارثة المرفأ، ان تعيد حساباتها وتمتلك الجرأة في الدفع نحو محاسبة المسؤولين وتضع جانبا خلافاتها السياسية وتعطي الفرصة من أجل انقاذ البلاد وتخفيف وطأة الازمات التي طالت غالبية الشعب اللبناني، بدل الاستمرار في نفس اللعبة بكل وقاحة ومن دون استحياء أو وجل أو الاخذ بعين الاعتبار هذه الاخطار والمسؤولية التي تتحملها حيال ذلك، وهي مع ذلك ما زالت تحجم عن تشكيل حكومة تتحمل مسؤولية إدارة البلد وتعمل على وقف انزلاقه نحو اللاعودة، ينتظرون الاذن الخارجية غير عابئين بمعاناة المواطنين ولا بالمصير القادم، ومع ذلك تستخدم القضاء في لعبة الانتقام السياسي الداخلي في هذه اللحظة الخطيرة من تاريخ البلد والادعاء الذي بدا لاول وهلة واضحا في الاستهداف السياسي، حيث تم الاقتصار على توجيه الاتهام لدولة رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب والوزراء فنيانوس وخليل وزعيتر، وبشكل يخالف الدستور كما أجمعت عليه غالبية اراء الاطراف السياسية حتى المتهمة بأنها وراء هذا الاستهداف. نرجو ان تكون من باب سقط سهوا وان لا يكون انتقائيا أواستنسابيا أو انتقاميا، وأن يتم تصحيحه والتراجع عنه، فإن جعل القضاء اداة للانتقام السياسي خطأ فادح وخطير ومرفوض، لا ينبغي للقضاء الوقوع فيه ولا للقوى السياسية ان تدخله فيها لانه مخالف للعدالة ويؤدي الى ما لا تحمد عقباه".

وختم: "إننا في الوقت الذي ندين فيه استخدام القضاء للاستهداف السياسي، نحذر القوى السياسية من هذه اللعبة الخطرة ونحملها مسؤولية أي تداعيات تنشأ عن هذا الاستخدام، وندعوها إلى التكاتف والتعاون لاخراج البلد من هذا الواقع، وأن يكونوا نموذجا للمواطنين في تحمل المسؤولية، وداعيا لثقتهم في ان التعاون معهم سيساهم في الخروج من أزماتهم الاقتصادية والاجتماعية والصحية، بدلا من اليأس الذي أصابهم وكان أحد أسباب التفلت وعدم التزام التوجيهات الصحية".

  • شارك الخبر