hit counter script
شريط الأحداث

ليبانون فايلز - فن وإعلام فن وإعلام

عرض "الرقص مش إلنا"... يعيد عمر راجح إلى بيروت

الثلاثاء ٦ حزيران ٢٠٢٣ - 06:56

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

«الرقص مش إلنا» هو العرض الذي يعود به عمر راجح إلى لبنان، بعد انتقاله إلى فرنسا منذ سنوات قليلة، ليقدمه على «مسرح مونو» يوم الخميس المقبل 8 يونيو (حزيران)، في إطار جولة ستقوده إلى زغريب في كرواتيا ومن ثم روما وميونيخ لتقديم العرض نفسه. وثمة جولات بعد ذلك، تبدأ في فرنسا خلال شهر يوليو (تموز) وإسبانيا في سبتمبر (أيلول)، والعام المقبل يقدم في أستراليا وكندا.

والعرض الذي تتخلله نصوص مسموعة تختلط بموسيقى الألماني جوس تورتبول وشربل الهبر، وتختلط بموسيقات مسجلة لأسمهان ونصري شمس الدين، يدور حول فكرة رئيسية هي الفوقية، والسلطة بما هي قوة تبسط سطوتها وسيطرتها على الناس. ويتساءل عمر راجح في هذا العرض الذي يرقص فيه منفرداً على الخشبة لمدة ساعة كاملة، «إذا كان هذا هو الرقص الذي حلمنا به، ونحن نبحث عن الحرية والثورة، ونسعى من أجل مفاهيم الانعتاق» يقول راجح لـ«الشرق الأوسط». والسؤال هو «هل كل هذه المفاهيم يحق لنا أن نفكر بها في بلد العصبيات؟ بهذا المعنى العرض يحث على التفكير بالرقص كرديف للحرية وتطوير الذات». ويشرح راجح أن هناك «فكرة شائعة أن الرقص يليق بمن يملكون الإمكانات المادية أو النفوذ أو الانتماء لطبقة بمقدورها تحمّل تكاليفه والأثقال المادية المترتبة عليه، لهذا فإن سؤال الرقص لمن؟ يمكن لنا عند الإجابة عليه بأن نوسّع الدائرة أو نصغّرها، تبعاً لرغبتنا في ذلك».

هذا العرض صمم عمر راجح الكوريغرافيا الخاصة به بمساعدة شريكته ميا حبيس، وهما رغم وجودهما في فرنسا، يشعران وكأنهما في علاقة متواصلة مع جمهورهما اللبناني. «نحن عندنا أسئلة كثيرة، حول ما مرّ به البلد، وكنا جزءاً من هذه الظروف سواء أثناء وجودنا أو بقرارنا ترك البلد، وهناك أسئلة حول التحولات التي يمر بها العالم. ما هو عرض الرقص اليوم؟ وما العلاقة بين الراقصين على المسرح والجمهور في الصالة». يضيف راجح: «من مدة ونحن نبحث في هذا الموضوع، وعرض (بيتنا) الذي قدمناه في بيروت سابقاً، يطرح السؤال نفسه بطريقة مختلفة».

«الرقص مش إلنا» فيه شيء من عرض «بيتنا» لكنه مختلف عنه. يومها قرر راجح أن يحضر طاولة طعام يشارك بها الجمهور على المسرح. ويقول: «إن هذا الجمهور هذه المرة سيكون شريكاً في العرض أيضاً وإن بطريقة مغايرة. فالجمهور في المسرح لا يعرف بعضه البعض، وهو لم يوجد صدفة في هذا المكان، وإنما جاءوا جميعهم بهدف رؤية عرض واحد، فشكلوا مجموعة. هم كما مجموعة لا تعرف بعضها، لكنها تذهب للتظاهر من أجل غرض واحد يجمعها ويوحد بينها، قد يكون الاحتجاج أو الثورة أو المطالبة بأمر ما».

العرض يستمر لساعة كاملة، يظهر خلالها عمر راجح مزيداً من القدرة على التحكم بالجسد، واستخدامه كأداة للتعبير عن خوالج النفس «هو ليس عرضاً أوتوبيوغرافياً، لكنه يمر على أفكار كثيرة، ويعود عبوراً على أعمال سابقة قدمتها على المسرح. فالتعامل مع الماضي له أساليبه، ولكل شخص طريقته، لكن الثابت الوحيد هو أن الماضي حصل».

يعدنا راجح بعرض يجمع بين شيء من الشاعرية، والغوص في التساؤلات الحاضرة والمقلقة. هو ليس رومانسياً، فهذا ليس أسلوب راجح، وإنما عمل مركب من حيث النصّ والموسيقى والحركة والأدوات.

ولمصمم الرقص عمر راجح جمهوره العريض في لبنان الذي تشكل ليس فقط من عروضه التي قدمها على مسارح مختلفة في بيروت منذ ما يزيد على عشرين عاماً، وإنما لما له من فضل على تطوير الرقص عموماً في لبنان والمنطقة، خاصة من خلال مهرجان «بيبود» الذي وصل إلى دورته الـ18، وينقطع هذا العام استثنائياً، في انتظار تبلور الأوضاع. «تنظيم المهرجان ليس أمراً سهلاً، كنّا نركبه كما لو أنه بناء من قطع بزل، يحتاج الشغل على تفاصيل كثيرة، وتنسيق أمور عديدة، في وقت واحد. من عملوا معنا طوال فترة تطوير المهرجان، وكان بمقدورهم أن يديروا العمل في غيابنا، في غالبيتهم تركوا لبنان. ومع ذلك نحن لم نتنازل عن فكرة مواصلة المهرجان في السنوات المقبلة، لكننا نتريث لنرى كيف ستستقر الأمور، وأي منحى ستأخذ، وكيف سيكون حال البلد، لنعرف كيف يمكننا أن نتصرف».

ولعمر راجح تجربة خاصة، فقد بدأ بعد دراسته في لندن من الصفر. يقول: «الأشياء بدأت عفوية. لم أفكر في حياتي أن أنظم مهرجاناً. عندما كنت لا أزال أدرس في لندن، فكرت في البقاء هناك، قلت في نفسي، لا مجال للرقص في بيروت». بعد عرض «صفرا» ثم «حرب عالبلكون» بدأ راجح يفكر بتشكيل أرضية. «تطورت الأمور بعفوية. واحدة من أهم الإنجازات فعلاً هو حين طورنا شبكة للمهرجان عام 2007، وقتها هذا التشبيك لم يكن موجوداً أو قليلاً». مهرجان الرقص الذي كانت تشهده بيروت يومها، كان راقصوه وفرقه التي تأتي من بلدان مختلفة في العالم تقدم العروض نفسها في بيروت وعمّان ورام الله وحتى في الشام لعدة سنوات. هكذا لم يعد المهرجان لبنانياً فقط، وإنما يجول في أكثر من مدينة عربية، وهو ما أعطاه بعده وأهميته. في عام 2009 قدم راجح عرضه «اغتيال عمر راجح» ومن بين العروض «هاشتاغ مئذنة» عام 2018.

مع تدهور الأوضاع الاقتصادية في لبنان قرر الثنائي عمر راجح وميا حبيس، ترك لبنان إلى ليون، حيث نظما مهرجان «بيبود» من هناك، وهما يعودان الآن لتقديم عرض راقص جديد. يقول راجح: «منذ عام 2015 كانت فكرة السفر تراودنا، أردنا تكبير المساحة، وتوسيع الرؤية. كنا نبحث عن ديناميكية جديدة، دون أن نوقف المهرجان. لكن ما حصل بعد ذلك دفعنا دفعاً لأن نختار المغادرة». لكن راجح يؤكد أن السفر لا يعني أبداً الهجرة، أو «أننا اخترنا بلداً آخر. نحن ذهبنا كي نتمكن من الحفاظ على ما بنيناه هنا. أنا لا أعد نفسي في فرنسا لا لاجئاً ولا مهاجراً. أنا مثل الفرنسيين الذين يعملون في لبنان. يقيمون في بيروت ويعودون إلى بلادهم، ويتنقلون حيث يشاؤون. أينما كنا فإن ما يحدث في بيروت يسكننا. نحن ذهبنا لنكتسب ونضيف إلى تجربتنا، وهذا ننقله أينما حللنا».

لا ينكر راجح أن تجربة فرنسا أضافت له الكثير، وفتحت أمامه آفاقاً جديدة في المعرفة. يشارك في ورشات تجمعه بخبراء من كل أنحاء العالم، ومديري مدارس رقص، وراقصين، هذا عدا الدروس التي يعطيها، وخبراته التي يشاركها مع الآخرين كراقص عربي، له تجربته وهمومه وثقافته.

سوسن الأبطح - الشرق الاوسط

  • شارك الخبر