hit counter script

ليبانون فايلز - أخبار اقتصادية ومالية أخبار اقتصادية ومالية

مسلسل إستنزاف الأهل مستمرّ : مدارس خاصة ألغت النقل

الأربعاء ٢٩ أيلول ٢٠٢١ - 07:17

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

درجت العادة أن يقلق الأهل إبّان العام الدراسي من تكاليف كثيرة أولها وآخرها هاجس القسط السنوي، بالتوازي مع جودة التعليم ومستلزماتها من كتب وقرطاسية، ويأتي موضوع النقل على أهميته تاليا في هذه الورشة الأكاديمية السنوية فسعره كان مقدورا عليه بحدّه الأقصى.

إنّما اليوم ومع رفع الدعم ، ترأس النقل سدّة القرار، وأصبح صاحب الكلمة الفصل في تحديد المدرسة التي سيختارها الأهل لأبنائهم، فالمعيار يتمثل بمقدار المسافة بين البيت والمدرسة، ومدى تناسب كلفة النقل ضمن هذه المسافة مع ميزانية الأهل المتأرجحة هبوطا.

وفي السياق، لم يعد نزوح الطلاب من الخاصة إلى الرسمية أو إلى خاصة أخرى، يحصل بفعل القسط السنوي فحسب، بل بفعل كلفة النقل التي تضاهيه في بعض المدراس، وإمكانية رفع البدل مع ارتفاع أسعار المحروقات بفعل تأرجح سعر الصرف، أو بسبب تسعير بعض المدراس للنقل بالدولار وهنا وقع المصيبة على الأهل أعظم.

النقل المدرسي الخاص من 50 إلى 400 ألف ليرة شهرياً !
وسام ( 37 عاما أب لثلاثة أولاد - موظف - ابنته طالبة في مدرسة علمانية في ضواحي بيروت) قال لـ»الديار» إنّ تكلفة النقل المدرسي تبلغ هذا العام مليونين و500 ألف ليرة ، فيما بلغ العام الماضي نحو 900 ألف ليرة، إلّا أنّ وسام كان يسجل إبنته في نقل خاص بكلفة 50 ألف ليرة شهريا، ليصبح هذا العام 400 ألف ليرة، أي بمعدّل 3 مليون و600 ألف ليرة سنويا، لذلك قرر أن يتولّى بنفسه نقل إبنته من والى مدرستها.

تحديد النقل رهن توفر البنزين ورفع الدعم
أما فادي (35 عاما، أب لولدين في مدرسة خاصة في طرابلس-موظف) كان يرسل ولديه الى المدرسة بباص نقل خاص، إلا أنّ السائق أبلغه أن يتريّث بتسجيل ولديه في النقل، وأن يوصلهما بنفسه إلى المدرسة في هذه الفترة حتى يتوفّر البنزين ويتحدّد السعر النهائي له بعد رفع الدعم.

سرقة موصوفة
«أم محمد «( 45 عاما أم لطالبين يدرسان في مدرسة إسلامية في الضاحية الجنوبية) تتحدّث باستنكار وغضب عن الكلفة المرتفعة للتعليم هذا العام بكلّ جوانبه، وفيما خصّ كلفة النقل المدرسي فقد بلغت مليون ليرة للفصل الواحد الذي يعادل 3 أشهر، ولكنّها قابلة لزيادة يحددها موقع المنزل وارتفاع سعر المحروقات وعدد طلاب الباص، وهذا ما توقفت عنده «أم محمد» موضحة أنّه في حال كان عدد الطلاب قليلا في منطقة معينة مثلا- سترتفع الكلفة، وقالت:» هذا سرقة موصوفة»، واختارت على ذلك، أن توصل ولديها إلى المدرسة بسيارتها.

أمّا ( ثريّا أم لولدين- 29 عاما) أخبرت « الديار» أن قسط إبنها كان رمزيا العام الماضي ولا يتعدّى المليون ليرة متضمّنا كلفة النقل، كونه مسجّل في مدرسة شبه مجانيّة، أمّا في هذا العام فقد حدّدت المدرسة تكلفة النقل وحده بنحو 3 ملايين و500 ألف ليرة والقسط أصبح مليونين، فاضطرت ثريّا لنقل إبنها إلى مدرسة أخرى قريبة من منزلها، موضحة أنّ المدرسة الأولى كانت بعيدة ما سيرتّب عليها تكلفة نقل مرتفعة، أما الثانية فهي قريبة من المنزل ما خفف عنها من كلفة أجرة النقل.

المدارس: بين إلغاء النقل وتحرير سعره !
يشكّل مستوى المدرسة عاملاً أساسياً في تحديد كلفة النقل فيها، فالمدارس التي تصنّف فئة أولى يتجاوز نقلها بكثير المدارس الأقل مستوى، وهذا ما يثير التساؤل ما إذا كان الوقود المستهلك في باصات مدراس الفئة الأولى يختلف عنه في المدراس الباقية!.

«الديار» تقصّت حول أسعار النقل المدرسي وأحوال الأهالي في بعض المدراس الخاصة. فمدرسة «Lycée des arts» – الحدث إتخذت قرارها بإلغاء النقل المدرسي هذا العام، وأن تكون هذه المهمة على عاتق الأهل، نتيجة عدم توفر المحروقات بصفة مستمرة، إضافة إلى العبء المادي المترتب على النقل والذي تتجاوز كلفته قيمة القسط المدرسي.

أمّا «إنترناشونال سكول الكورة» فقد سعّرت النقل المدرسي بالدولار أو ما يعادله وفق سعر الصرف اليومي بدءا من 350 حتى 500 دولار سنويا. فيما يبلغ بدل النقل في مدرسة الليسيه ناسيونال- بعبدا، مليونا و500 ألف ليرة.

النقل المدرسي في مدرسة «الفرير- دّده» في طرابلس» يتراوح بين 225 و 375 ألف ليرة شهريا، أي بين مليونين و25 ألف ليرة و 3 مليون و375 ألف ليرة سنويا، على أنّ فرق التسعيرة بين المناطق، تثير علامات إستفهام فالمسافة بينها لا تتعدى 200 أو 300 م والفارق مرتفع جدا مقارنة بالمسافة المذكورة.

من جهتها حدّدت المدرسة الأنطونية الدولية كلفة النقل السنوية بمبلغ 600 ألف ليرة قابلة للتعديل بحسب سعر المحروقات في لبنان، فيما أعلنت مدارس الإيمان الإسلامية التابعة لجمعية التربية الإسلامية -طرابلس عن رسم نقليات شهري ابتداء من 200 وصولا لـ 300 ألف ليرة أي ما بين مليون و800 ألف ليرة ومليونين و700 ألف ليرة سنويا، إلّا أنّ المدرسة ضمّنت إعلانها ملاحظة ختامية تقول فيها إن أسعار النقليات قابلة للزيادة والنقصان لاحقا.

معايير المدراس الخاص في تحديد النقل
مما لا شكّ فيه أن ارتفاع سعر المحروقات يحتّم رفع بدل النقل المدرسي، إنّما أن يتجاوز الأخير الحدّ الأقصى في بعض المدراس، فهذا بمثابة جريمة بحق الأهالي الذين يتجرّعون الأمرين لتعليم أبنائهم هذا العام. ما يفتح الباب للسؤال عن العوامل التي تتحكم بتحديد سعر النقل.

مدير مؤسسة تربوية خاصة في ضواحي بيروت أكّد في إجابته لـ»الديار» أنّ الهمّ الأساسي لمؤسسته هو مساندة الأهل من دون تحقيق أرباح، وذلك لضمان إستمرارية النقل الذي وصفه بالتحدي الكبير أمام الأهل والمؤسسات، فمشكلة المحروقات وطنية، وحول احتساب بدل النقل، لفت إلى وجود عدّة عوامل تتحكم بذلك، أهمها أسعار المحروقات، رواتب السائقين، صيانة الباصات وغيرها، وقال إنّ مؤسسته احتسبت التكلفة بين 350 و500 ألف ليرة شهريا بسعر 125 ألف ليرة لصفيحة المازوت، مشيرا الى أنّ البدل يتغيّر تبعا للمكان وسعر صرف الدولار، الذي يعدّ لاعبا أساسيا بالموضوع. ومن ناحية أخرى، أشار إلى إقبال قوّي للتسجيل بالنقل المدرسي على عكس ما كان متوقعا، ويعتقد أنّ السبب هو رغبة الأهل بأن تتحمّل المدرسة مسؤوليتها، أو لثقتهم بأن المؤسسة تستطيع أن تتدبر أمورها.

الدويهي: الأهل متروكون في مواجهة مع المدارس
وبسؤال لجان الأهل عن موقفهم، رأي عضو اتحاد لجان الأهل في المدارس الخاصة غالب الدويهي أنّ القطاع التربوي مهمل من الدولة، والأهالي متروكون في مواجهة المدارس الخاصة التي تمتلك السلطة والقدرة على «تكسير» كلمتهم، لافتا إلى أنهّ لا مجالس تحكيمية تنصفهم، واصفا الوزارة بـ»الصمّاء» لأنّها لا تستمع لوجعهم، كما وتغضّ الطرف عن الشوائب المتواجدة في الموازنات، وتمرّر بعضها حتى لو لم تكن موقعة من لجان الأهل وهذا بمثابة» فضيحة كبرى» على حدّ تعبيره.

وفي معرض حديثه عن ضرورة دعم القطاع التربوي، أشار الدويهي إلى أنّ سبب مصائب التربية في لبنان يعود لسوء إدارة القطاع من الحكومات المتعاقبة، ملمحا إلى أنّه قد فات الحكومة أن تدعم القطاع ومحروقاته، متسائلا عن حصّة التربية من مستحقات لبنان من البنك الدولي التي تبلغ مليار و135 مليون دولار، وإن كان هناك من خطة لدعمه كي لا يتسربّ آلاف االطلاب من مدراسهم.

الحلّ بتأمين بنزين مدعوم للمدراس
الدويهي عرض لمشكلة النقل التي تطال القطاعين العام والخاص بتفاصيلها ، وسأل:» كيف يمكن للأهالي والأساتذة تأمين المحروقات، وكيف للمدرسة أن تحدّد كلفة النقل بالأخص أنّ تسعيرة المحروقات تتغيّر أسبوعيا؟»، ولفت إلى أنّ ذلك ممكن في حالة واحدة فقط، وهي أن يتّم التسعير وفقا لسعر صفيحة البنزين الأسبوعي، ووفق المسافة وكمية المحروقات المستهلكة، لافتا إلى أنّ الصيانة تفاقم بدورها الفاتورة على الأهل.

أمّا الحل لهذه المشكلة برأي الدويهي يكون بتأمين بنزين مدعوم للمدراس، وموازنات شفافة تنظر من لجان الأهل وتراقب وتصحح من الوزارة، فضلا عن إرسال منح وهبات من قبل الأمم المتحدة واليونيسف كونها الجهات الوحيدة القادرة حاليا على إنقاذ قطاعنا التعليمي، «فنحن في انهيار شامل يمكن أن يجعل التعليم في لبنان حكرا على الأغنياء فقط».

أسئلة كثيرة تؤرق فكر الأهل على سبيل: كيف سنوصل أبناءنا للمدراس، فلا نمتلك سيارة ولا يسعنا تسجيلهم في النقل؟ كيف سنؤمن البنزين لسيارتنا؟ هل ستنخفض كلفة النقل مع انخفاض سعر الدولار؟ ما حجم عن زيادة القسط التي تنتظرنا؟ كيف سنؤمن الكتب والقرطاسية والزي المدرسي؟

بين الـ»ماذا؟» والـ» كيف؟» وفي ظل غياب موضوع تأمين الوقود المدعوم من خطّة التعليم الحضوري، أقلّه كي يتمكّن الأساتذة والطلّاب من الوصول لمدراسهم، يتلقّى الأهل وحدهم الضربة تلو الأخرى، ويتصدّون لتعليم أبنائهم بـ»اللّحم الحيّ» ، في وقت أصبح فيه التعليم حكرا على الميسورين ، فالطبقة الوسطى تلاشت، وبعد أن خرّجت لمجتمعها أجيالا من المتعلّمين، الخوف اليوم أن تخرّج له أجيالا من المتسربّين والعاطلين!

يمنى المقداد - الديار

  • شارك الخبر