hit counter script
شريط الأحداث

ليبانون فايلز - أخبار اقتصادية ومالية أخبار اقتصادية ومالية

بين الأصيل والبديل… ماذا حلّ بسلامتنا الغذائيّة؟

الإثنين ٦ كانون الأول ٢٠٢١ - 07:19

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

جراء الأزمة الشرسة التي تحاول افتراس لبنان، اقتصر اللبنانيون على الضرورات فقط منها الغذاء، إنّما حتى الأخير أصبح محظورا عليهم في كثير من أنواعه، لا سيما مع جنون أسعاره.

ففي بلد الموائد العامرة، أصبح تنوع الغذاء يستحيل اليوم على شريحة واسعة من اللبنانيين، كما لم يعد العامل المادي يسعفهم لشراء أنواع أغذية جيدة أو متوسطة الجودة على الأقلّ، فيما يتجاوز الأمر هذا الجانب، لتتهدّد سلامة اللبنانيين الغذائية من قبل تجار فاجرين يُدخلون سموما قاتلة إلى ألاسواق، وبالتالي البيوت، مقابل حفنة من الدولارات. وبجولة خاطفة على الأسواق،هذه الأغذية المستجدة منتشرة في كل مكان.

فقد عبثت الأزمة بالنفوس التي عاثت بدورها احتكارا وغشا في الغذاء، ما أفقد أغذية كثيرة صلاحية الإستهلاك والقيمة الغذائية، وحوّلها إلى بكتيريا وجراثيم تفتك بمناعة الجسم، وهي كل ما يملكه اللبناني من سلاح لمواجهة الظروف المعيشية والكورونية.

«الديار» تقصّت من أهل الإختصاص ما يمكن أن نتعرّض له من سموم جراء الأغذية المستجدة على أسواقنا والمجهولة المصدر أحيانا، وسألت عن معايير تحقيق السلامة الغذائية، وعن دور المواطن في حماية نفسه في ظل عجز الدولة حتّى عن الرقابة!

الوضع الإقتصادي أثر على سلامة الغذاء
على ما يبدو أنّ مفردة «السلامة» تلاشت من القاموس الصحي، بعد أن اختفت من غير ميادين كالاقتصاد والنفس والتربية والمجتمع، فلم يعد الغذاء في مأمن. فماذا نعني بالسلامة الغذائيّة، وما الذي يهّددها؟

يعرّف الباحث في علوم الغذاء في الجامعة اللبنانية الدولية الدكتورعلي الخطيب سلامة الغذاء بأنّه التأكد من أنّ غذاء المستهلك سليم وخال من مسببات الأذى الذي ينقسم الى:

- أولا: الكائنات الحية التي تشمل البكتيريا والفيروسات والفطريات وبعض أنواع البروتوزوا (Protozoa) والديدان والتي قد تسبب مرضا مباشرا أو تفرز سموما تسبب المرض.

- ثانيا: المواد الكيميائية كالمبيدات الزراعية أو المضادات الحيويّة التي تستخدم في علاجات أمراض الحيوانات وقد تسبب نوعا من التسمم، أو قد تكون أنواعا من السموم تتنجها كائنات حية تؤدي للوفاة، أمّا ثالثا: المواد الفيزيائية التي تسبب جروحا كالحصى والقش والمعادن نتيجة العمليات الزراعية أو الغربلة السيئة للمنتوجات.

ويشير حول مرتبة لبنان في قائمة السلامة الغذائية،الى انها كانت متقدمة أثناء حملات سابقة لوزارة الصحة والبلديات، فيما اليوم لم يعد مراقبو الوزارة قادرين على ممارسة عملهم، بالاضافة إلى تزايد أعباء البلديات، وأفاد بأنّ بعض الشركات تحوّلت في وجهة استيرادها إلى أنواع غذاء أقل جودة وغير سليمة، فاجتاحت الأسواق معلبات من دون ملصقات توضح المكونات وطرق التصنيع وبلد المنشأ وإسم المصنع، وأخرى معلبة محليا وموادها الأولية مجهولة المصدر، ولا نعرف إن خضعت للفحوصات اللازمة على المعابر، وأضاف: أنّ بعض المؤشرات تؤكد على أنّ الوضع الإقتصادي أثر على سلامة غذائنا ، فقد ظهر مؤخرا الكثير من حالات الإسهال في المستشفيات، والذي يكون عادة نتيجة تسمم غذائي او عدوى جرثومية بسبب تناول غذاء ملوث.

ما هي أكثر الأغذية خطراً؟
ويرى الخطيب أنّ المأكولات الأكثر خطرا، هي التي تحتاج الى تبريد وتلك المستوردة، فمثلا بعد أن كنّا نستورد لحوما مجلّدة من مصادر موثوقة، أصبحنا نستوردها من مصادر لا تراعي كثيرا مراحل التصنيع والجودة والنظافة، ومن الطبيعي أن تكون معرضة للتلوث أكثر وتتسبب بأمراض أكثر، ويتابع حول مخاطر المعلبات، بأنّها يمكن أن تحتوي على تلوث كيميائي يستحيل القضاء عليه بعمليات التصنيع والطهي، لذا لا بد من المتابعة والفحوصات الدقيقة عند تغيير المصدر.

وإذ لفت بأنّ التجار ربّما يفتشون على مواد «أرخص»، أكد أنّه يمكن التساهل في حال كانت الجودة أقل، إنّما بشرط الإستيراد من مصادر تضمن سلامة الغذاء، وأعطى مثلا حول خطر الزيوت التي إن لم تكن موثوقة المصدر، فإنّها تتأكسد عند التعليب.

لكن ما حيلة المواطن في ظل هذه الفوضى الغذائية، والعجز الرسمي؟ قبل الإجابة عن هذا السؤال، يوضح الخطيب بأنّ تأمين سلامة الغذاء يشمل كلّ مراحل الإنتاج من المادة الأولية الناتجة عن عمليات زراعية حيوانية أو نباتية، ومدى استعمال المواد الكيميائية بطريقة سليمة، وما إذا كانت المواد التي نشتريها منتهية الصلاحية، وماذا عن جودة تصنيعها وتخزيتها وتبرّيدها، لا سيّما في ظلّ انقطاع طويل ومستمر للتيار الكهربائي. وفي مقابل هذه المعايير، يقول إنّ الناس اليوم تختار «الأرخص» في ظل الوضع الإقتصادي الصعب، موصيا بضرورة البحث عن أسماء المصانع المعروفة، منها الوطنية التي تميزت بجودتها التاريخية في الازمات السابقة باسعار مقبولة، محذرا من شراء أي منتج مريب بطريقة تعليبه .

ونبّه على مستوى اللحوم من أنّه إذا كانت رائحتها سيئة، فهذا يدل بأنها فاسدة منذ مدة، وحتى طبخها لا يجعلها سليمة، مشددا على ضرورة التأكد من مصدرها وتجنب الملاحم التي تنقطع فيها الكهرباء باستمرار، ورأى أنّه يفترض في ظل التقنين القاسي للكهرباء أن نشتري قدر حاجتنا، فارتفاع درجة حرارة البراد لساعات يشكل خطرا من بعض المأكولات، كما أنّ عملية ذوبانها وتجمّدها من جديد خطرة، ونصح بالاعتماد على الأشياء المجففة، والكبيس على أنواعه، والمأكولات المحفوظة بالزيت كاللبنة، أو الأجبان التي تحفظ بدون براد.

البهارات خطر نستبعده دائما!
إختصاصيّة التغذية لمى جوني غدار تخبر «الديار» عن المأكولات التي يمكن أن تحتوي على كثير من المخاطر هي الحبوب الموضبة بطريقة غير سليمة، إذ يمكن أن تحتوي على الأفلاتوكسين والأوكلاكسين، ما يسبب السرطان أو يضرب الكبد أو يؤثر على الذاكرة، ومنها البهارات التي نلاحظ إختلاف مذاقها بين محل تجاري وآخر، وكذلك الحبوب وكل ما يوضب باكياس ويكون مستوردا عبر المرفأ ، حيث لا يكون مكان التحميل والتوضيب معقما، والأمر يسري كذلك على الأجبان التي يمكن أن تحتوي على كمية مرتفعة من المضادات الحيوية، والمعلبات التي تحتوي على مواد حافظة، مشددة على ضرورة الإلتفات لكل ذلك، في ظل غياب الرقابة، وأوصت باستبدال المعلبات بما هو موضب في أكياس ومعروف في بلدنا ويفضل شراء اللبنة والجبنة البلدية، فأحيانا يكون سعر كيلو اللبنة 40 الف ليرة، وتكون بودرة تحتوي نشاء أكثر من الحدّ الطبيعي، ولا تكون مصدرا جيدا للكالسيوم. تقلّصت خياراتنا الغذائية، وكذلك السلامة فيها، وبتنا نبحث عن بديل يحاول أن يمدّنا بفيتامينات نحتاجها، ويكون معافى في نفس الوقت.

وفي هذا الشأن، تفيد غدّار بأنّ الأساس في قائمة غذائنا هي مصادر البروتين كاللحوم الحمراء التي يجب أن نستهلكها ولو لمرّة في شهر، على أنه يمكن إستبدالها بالدجاج والسمك، إلّا أنّها أفضل لاحتوائها على نسبة مرتفعة من الحديد سريع الامتصاص و فيتامين B12 ، كما يمكن إستبدالها بسمك التونة والبيض، ويجب أن نركز على البقوليات التي يفضّل دمجها مع بعضها البعض، كالعدس والأرز، والبرغل والفاصولياء، والفول والحمص، ونصحت بدمج الكربوهيدرات والنشويات مع البروتين كي يكون كاملا و شبيها بالبرويتن الحيواني.

الغذاء بموسمه وطبخ البيت
وعن الطرق التي يمكن ان تساعد المواطن في إدراك البضائع الجيدة من السيئة؟ قالت غدار: هذا ممكن بنسبة معينة ، شرط أن ننتبه إلى شكل المعلبات التي نشتريها، وما إذا كانت سليمة من الخارج، وإلى نوعية الغذاء عند فتحها، وما إذا كان يحتوي على طبقة لزجة أو له رائحة معينة، والتدقيق في تاريخ الانتاج والانتهاء والذي قد يكون أحيانا غير واضح أو عند أطراف العلبة كي لا يظهر للمستهلك، مشيرة إلى أنّ هناك نوعيات وطنية جيدة، وأخرى ليست كذلك يتم استيرادها وتوضيبها في لبنان، و يمكن أن تحتوي على السموم الفطرية Aflatoxins او انواع من البكتيريا والغاز ليست مفيدة للجسم.

اضافت: فلنحاول أن نأكل كلّ شيء بموسمه، إلّا إذا كانت ربة المنزل قد «فرّزت» الأغذية منزليا، وتنبّهت حين شراء المواد المثلجة بمراقبة ما إذا كانت ملتصقة ببعضها البعض، فهذا يعني أنّ حفظها سيء وقد ذابت وتجمدت من جديد ولا تصلح للإستهلاك، ويفضل الإبتعاد عن المعلبات لاحتوائها على مواد حافظة وأملاح، والتركيزعلى الاكل البلدي والطبخ المنزلي، واشارت الى ان البديل عن اللحمة خيارات كثيرة كي يكون غذاؤنا متوازنا وحياتنا صحية.

هل نستورد مواد أولية من مصادر موثوقة؟ هل يتم أخذ عينات بالطرق العلمية السليمة وفحصها بالمختبرات المعتمدة في لبنان؟ أسئلة طرحها الخطيب وبما أنّ الإجابة عنها هو من شأن الدولة، فلا خيار أمام المواطن اليوم، إلا أن يستجيب لنصائح أهل الإختصاص والخبرة، منها الحذر والتدقيق فيما نستهلك، وأبرزها العودة إلى الغذاء الطبيعي فهو أكثر أمانا من وحش الإستهلاك المسموم.

يمنى المقداد - الديار

  • شارك الخبر