hit counter script

ليبانون فايلز - أخبار اقتصادية ومالية أخبار اقتصادية ومالية

"المركزي" يخفّض الدعم إلى النصف… في وجه دولار بـ10 آلاف؟

الأربعاء ٣ آذار ٢٠٢١ - 06:34

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

تجاوز سعر صرف الدولار في السوق السوداء عتبة الـ10 آلاف ليرة. صدقت التحليلات التي أشار إليها "أساس" قبل أسبوع، بعد تعليل الأسباب الموجِبة لهذه القفزة في سعر الصرف، والتي يصفها المراقبون النقديون بـ"العتبة الجديدة" التي قد يستريح عندها الدولار، بعد أن كسر حاجز الرقم 9، مسجلًا سابقة هي الأولى منذ بداية الأزمة الاقتصادية، خصوصًا مع الحديث عن تخفيض الدعم على أغلب السلع إلى النصف.

سعر صرف الدولار بـ10 آلاف، وهذا يعني أنّ الليرة اللبنانية تكون قد فقدت رسميًّا 85% من قيمتها، ويعني أيضًا أنّ السلع التي كان المواطن يشتريها قبل 18 شهرًا، بـ15 ألف (10 دولارات)، فإنّه بات اليوم يدفع ثمنها 100 ألف ليرة لبنانية (10 دولارات أيضًا). ومن باب التشبيه الإضافي، فإنّ ورقة الألف ليرة الزرقاء الصغيرة، ما عادت تساوي أكثر من 150 ليرة لبنانية.

أسئلة كثيرة تراود الأذهان من صنف: لماذا اليوم وليس قبل أسبوع أو شهر؟ ما السبب الجوهري الذي جعل الدولار يقفز إلى هذا الحدّ؟

الإجابات التي يطلقها الخبراء النقديون والمصرفيون سريعًا تأتي بعكس ذلك تمامًا: السؤال الأصوَب: لماذا بقي سعر صرف الدولار منخفضًا طوال هذه المدة أصلًا؟ طالما أنّ الأفق السياسيّ مسدود ولا حكومة ولا خطط إصلاح في المدى المنظور، والاحتياطات الدولارية إلى مزيد من الشحّ، وأزمة كهرباء خانقة تفتك بما تبقّى من الاقتصاد والأعمال.

إذًا، الإجابة على هذه الأسئلة ليست سهلة، خصوصًا أنّ ارتفاع سعر الصرف في هذا التوقيت الضيّق من الشهر (بداية الشهر)، أتى "من خارج السياق المعروف". فعلى مدى 18 شهرًا من عمر الأزمة، كانت أسعار الصرف تسجّل انخفاضات بدايات الشهر وترتفع بعد الأسبوع الأوّل منه، ثم تعود لتنخفض مجددًا في نهايته، وذلك ضمن الهامش الذي يشغله سعر الصرف.

البيانات اليومية لأسعار صرف الدولار تشير إلى هذا النمط في التحرك صعودًا وهبوطًا، والسبب في ذلك يعود إلى أنّ بداية الشهر، هو في العادة موعد دفع الرواتب، خصوصًا تلك المحوّلة "فريش" من الخارج. هذه الرواتب الدولارية هي أكثر ما يعني الصرّافين الذين يستغلّون تلك الفترة الزمنية، فيستفيدون من حاجة الناس إلى الليرة اللبنانية من أجل التسوّق المعهود ودفع الالتزامات الدورية بداية كل شهر، فيعمدون إلى "شدّ" سعر الصرف نزولًا قدر المستطاع، من أجل أن يصرفوا الدولارات "الفريش" بمبالغ أقلّ بالليرات لبنانية.

إلاّ أنّ ما حصل في اليومين الماضيين لم يكن وفق المرسوم، ولا يجاري المنطق الذي يتّبعه الصرافون أنفسهم منذ بداية الأزمة، كما أنّه لا يصبّ في صالحهم. إذ كان يُنتظر من سعر الدولار أن يرتفع في أغلب الأحيان بعد الأسبوع الأوّل من بداية الشهر.

المعلومات المستقاة من أوساط مصرف لبنان تفيد بأنّ الدولار اليوم "متروك لمصيره بشكل كلّي"، ولو كان هناك جوّ سياسيّ جدّي في البلد، أو حكومة مشكّلة وفاعلة تتحمل مسؤولياتها الاقتصادية كما يجب، لربّما تدخّل "المركزي". أقلّه من أجل "لجم السعر المتصاعد للحفاظ على التوازن، وعدم ترك السوق على سجيّته مثلما يحصل اليوم".

قد يقول البعض: وهل يملك مصرف لبنان الدولارات للتدخل في السوق أصلًا؟

تأتي الإجابة سريعة من تلك الأوساط على هذا السؤال: "بضعة ملايين قليلة من تلك الدولارات التي يدفعها مصرف لبنان "هباءً منثورا" على دعم السلع، التي يغذّي جزء يسير منها عمليات التهريب، هي كافية لخفض سعر الدولار 2000 و3000 ليرة في يوم واحد"، ثمّ تعيد وتستطرد: "لكن لماذا يفعل مصرف لبنان ذلك أصلًا؟ بل يفعل ذلك خدمةً لمن؟ ولأيّ أفق سياسي، فيما يشاهد الجميع غير آبه بعمق الأزمة التي تتهدّد الجميع وتنذر بالانفجار والانهيار؟".

أوساط مصرف لبنان تؤكد لـ"أساس" أنّ السلطة ككل، والحكومة المستقيلة تحديدًا، لا تبدي أيّ مسؤولية تجاه الوضع الاقتصادي. فهي حكومة تصريف أعمال آفلة، ولا تأبه إلّا لأمر واحد فقط: "عدم وقف دعم السلع الرئيسية بأيّ ثمن". ولهذا تراها تتفلّت من كل التعهدات والوعود بترشيد الدعم، فتترك مصرف لبنان وحيدًا وسط الأزمة، ليصرف من احتياطاته في سبيل الحفاظ على سمعتها و"سمعة العهد"، طالما لا حكومة جديدة في الأفق.

السلطة لا تطالب مصرف لبنان فقط بتمول الاستيراد من احتياطي الدولارات الذي يملكه، وشارف على النهاية فحسب، وإنّما تلقي عليه مسؤوليات إدارية ولوجستية ليست من اختصاصه أصلًا، فتجبره على مراقبة آليات الاستيراد، والمفاضلة بين السلع والشركات وأولويات السوق، من خارج صلاحياته... فيما تكتفي الوزارات المعنية بالإجراءات الإدارية، مثل تحضير الطلبات والاستمارات والملفات، وتمهرها بـ"موافقة عمياء" من دون أيّ عملية مفاضلة أو ترشيد أو Filtrage، ولصالح حفنة من التجّار، مفيد جدًّا التدقيق بعلاقاتهم وصلات القربي بينهم وبين الكثير من السياسيين.

أوساط مالية مطّلعة، كشفت أنّ مصرف لبنان قد اتّخذ، قبل أيام، قرارًا لم يعلنه بخفض الدعم 50% على السلع كافة. وزارة الاقتصاد نفت لـ"أساس" أن تكون هي أو أيّ وزارة أخرى قد تسلّمت من المصرف المركزي أيّ كتاب أو بيان يؤكد هذا الأمر. وهذا يُعدّ سببًا كافيًا ليحلّق سعر الصرف، نتيجة تهافت المستوردين على السوق السوداء في محاولة لسدّ النقص في دولاراتهم. وهذا بدوره يطرح سؤالًا جوهريًّا آخر عن جدوى السماح للتجار بالاستيراد من أصله، وخصوصًا الكماليات التي تصرف الدولارات لتتكدّس على الرفوف.

الـ10 رسالة سياسية؟

أما الصرّافون فلهم في هذا كلّه رأي آخر. إذ يكشف مصدر مصرفي لـ"أساس" أنّ رقم 10 آلاف" ليس ثابتًا، وهو يأتي في إطار "ترف تسجيل رقم قياسي جديد" لأسباب سياسية: "اعتبارات السوق مفهومة وصحيحة، والارتفاع التدريجي في سعر الصرف مبرَّر ومنتظر، لكن ليس إلى حدود القفز سريعًا إلى عتبة الآلاف العشرة، وفي غضون أيام قليلة".

ويتحدّث المصدر عن وشوشات وأحاديث تدور في كواليس الصرافين أنفسهم، حول "مساجلة سياسية" بين بعض صرّافي الفئة "أ" الكبار، وبين القضاء. والدليل هو الربط بين القفزة من 8900 ليرة قبل أسابيع، إلى 10 آلاف مع استدعاء القاضي المالي علي ابراهيم عددًا منهم وتوقيف نقيبهم ونائبه وآخرين، ثم إخلاء سبيلهم.

ويضاف إلى هذا الدعوى القائمة من مجموعة "محامون متّحدون ضدّ الفساد"، ضدّ نقيب الصرّافين محمود مراد، والصيارفة وليد المصري، ووائل حلاوي، ووليد وهبة، ورامز مكتّف، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ومصرف "سوسيتيه جنرال" ممثلًا برئيس مجلس إدارته أنطون صحناوي، ومدير العمليات النقدية في "المركزي" مازن حمدان، وشقيق الحاكم رجا سلامة، ومساعدته ماريان حويك، بجرائم تبييض الأموال المتعلقة بالتعرض للنقد الوطني، والإخلال بأمن الدولة، وإساءة الائتمان، والإثراء غير المشروع، وذلك أمام المدعي العام لجبل لبنان القاضية غادة عون، التي لم تبتّ بالدعوة منذ 17 أيلول... فترجّح المصادر أن يكون ارتفاع سعر الصرف رسالة ضغط على السلطة.

لكن بعيدًا عن هذا كله، فإنّ الثابت الوحيد هو أنّ ارتفاع سعر صرف الدولار يقلق القلّة من الناس. بل على العكس فإنّ كثيرين لا يُخفون فرحتهم. فارتفاع الدولار يزيد من قيمة ما يخزّنونه في منازلهم (التقديرات تشير إلى أنّها بحدود 10 مليارات دولار) بينما انخفاضه، وبكلّ أسف وحسرة، لا يعود عليهم بأيّ منفعة، خصوصًا أنّ أسعار المواد الغذائية والسلع تواصل ارتفاعها على الرغم من انخفاض سعر صرف الدولار في بعض المرّات... فلِمَ يجزعون أو يحزنون طالموا أنّهم باتوا أكثر تكيّفًا مع "جهنّم" التي وعدهم بها "العهد القوي"؟

عماد الشدياق - اساس ميديا

  • شارك الخبر