hit counter script

ليبانون فايلز - أخبار اقتصادية ومالية أخبار اقتصادية ومالية

المؤونة اللبنانية تستعيد رونقها في ظل انقطاع الكهرباء

الجمعة ١ تشرين الأول ٢٠٢١ - 06:31

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

تعد المؤونة اللبنانية ثقافة متوارثة أباً عن جد، بحيث تحاول بعض القرى اللبنانية التمسك بصناعتها وتخصيص مناسبات لها.

مؤخراً، في ظل انقطاع التيار الكهربائي استعادت المؤونة اللبنانية رونقها وعادت إلى الواجهة، لتحتل الرفوف والمساحات في السوبر ماركت والدكاكين. فمكوناتها التي تعتمد على المواد الطبيعية وزيت الزيتون واليد الحرفية، تسهم في حفظها لمدة طويلة. فهي لا تدخلها المواد الحافظة ولا السكر الصناعي ولا أي عنصر طعام غير مرحب به لصحة سليمة.

ويقول سمير، المشرف على المبيعات في تعاونية تجارية في منطقة سن الفيل: «نعرض هذه المصنوعات على رفوف خاصة، وعادة ما نحاول أن تكون في الأقسام الأمامية وبارزة، كي تلفت النظر. صحيح أن أسعارها مرتفعة لأنها تندرج على لائحة (شغل البيت)، ولكنها رغم ذلك عندها زبائنها الدائمون الذين لا يستغنون عنها».

وتقول جانيت داغر من بلدة مجدلونا الشوفية لـ«الشرق الأوسط»: «أحضر المؤونة اللبنانية منذ أكثر من 10 سنوات بناء على توصيات مسبقة من زبائني. اليوم اختلف الوضع وصار الناس يتهافتون على شرائها. فهي تشكّل باقة مشهيات ومخللات ومربيات وأطعمة، يمكن حفظها من عام لآخر خارج الثلاجة ومن دون أن تفقد طعمها اللذيذ».

الكشك والزعتر والبندورة المكبوسة بالزيت والمخللات على أنواعها، إضافة إلى عبوات زجاجية تحتوي على ماء الزهر وماء الورد ودبس الرمان وحامض الحصرم ودبس الخرنوب وغيرها تؤلف أنواع المؤونة اللبنانية.

«لا يمكننا حصر أنواع المؤونة، لأنّ كل بلدة لبنانية لديها صناعاتها المختلفة في هذا المجال». يقول نسيم كرم من بلدة جزين. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «هناك أكثر من 100 نوع مؤونة وبينها ما تحاول ربات المنازل استحداثه حالياً لجذب أكبر عدد من الزبائن. فكلما تفننّ بها، جمعن نسبة شراء أكبر».

بلدات عديدة تخصص للمؤونة اللبنانية معارض ومهرجانات خاصة، وبينها أميون والكورة وبعلبك وقرطبا وغيرها.

بلدة إهمج من ناحيتها تقيم للمؤونة اللبنانية مهرجاناً سنوياً يقصده اللبنانيون من البلدات المجاورة، إضافة إلى آخرين يأتون خصيصاً من بيروت لشراء ما يحتاجونه. في النسخة الثامنة هذه السنة يشارك في معرض المؤونة نحو 28 شخصاً.

ويقول رئيس بلدية إهمج نزيه أبي سمعان لـ«الشرق الأوسط»: «إنه معرض نتعاون فيه مع جمعية إنماء إهمج. تشارك نساء البلدة اللاتي يستفدن من مبيعاتهن ليدّخرن بعض المال ويساعدن أزواجهن في مصاريف المنزل. بدأنا في السنوات الأخيرة تنظيم نوعية المنتج كي نستحدث ماركة واحدة، يمكننا أن نسوّق لها في مراكز تجارية أو لتصديرها إلى خارج لبنان».

ويشرح رئيس بلدية إهمج معنى المنتوج الموحد: «هو اتباع نفس طريقة التحضير لكل صنف من قبل جميع سيدات الضيعة. فبهذه الطريقة تكون المؤونة تتمتع بنفس النكهات والمكونات مما يوحد جودتها».

يتميز معرض المؤونة في بلدة إهمج بتنوعه وبكثافة النساء المشاركات فيه، 60 في المائة منهن يقمن في البلدة صيفاً وشتاءً. فهن يملكن من الخبرة ما يتيح لهن إعطاء دروس في كيفية صنع المؤونة. ويوضح نزيه أبي سمعان في سياق حديثه: «من يزور معرض المؤونة في إهمج، فهو كمن يعود للزمن الماضي، وأيام البركة في القرية اللبنانية. فيكتشف كيف يجري عصر العنب والدبس في معاصر خاصة بها نملكها في إهمج. كما يستطيع أن يستعيد أيام أجداده وكيف يجري درس القمح على البيدر. فيشاهد عملية الحصاد وكيف يركب العامل المورج (يسير بواسطة البقر) ليقطف الحصاد. كما يشاهد الزائر كركة اليانسون المصفّى والذي شرابه يحتفظ به لأيام الشتاء. وفي المعرض أيضاً منتوجاتنا المقطوفة من أرضنا».

وتفتخر نساء إهمج بجودة منتجاتهن وبأنهن تعلّمن كيفية تحضيرها بعد أن خضعن لدورات مكثفة. وتقول سعدى من البلدة: «طعم منتجاتنا ونكهتها لا يعلى عليها، فمكوناتها طازجة و75 في المائة هي من نتاج أرضنا. نحن متعلقات بجذورنا ونحاول أن تكون المؤونة موروثاً يتناقله سكان الضيعة من جيل إلى آخر. فالمؤونة تزدهر يوماً بعد يوم ولا يمكننا الاستهانة في صناعتها كونها تدل على تشبثنا بأرضنا».

أما سيدة فتقول: «إننا نحضر المؤونة بالطريقة نفسها التي نجهزها لبيوتنا ولأولادنا، وهو ما يميزها عن غيرها من أصناف المؤونة المنتشرة في الدكاكين هنا وهناك». وعندما تمنينا لها أن تبيع جميع منتجاتها بادرتنا بالقول: «أتمنى أن أبيع ما تيسر وما أحتاجه فقط، لأن البضاعة التي تبقى أحتفظ بها لبيتي، فنأكل منها طيلة فصل الشتاء».

يحتار زائر معرض إهمج وهو يتنقل بين خيم المعرض الـ28 ماذا يختار من أنواع مؤونة ليشتريها ويحتفظ فيها. فكما الفاصوليا الخضراء كذلك البندورة الجبلية والملفوف والخيار البلدي وغيرها من أنواع الخضراوات العضوية. وتضفي مشهدية أرز إهمج المحيطة بالمكان المخصص للمعرض متعة التواصل مع الطبيعة. فساحة المعرض استحدثت مؤخراً، بعد أن حولت بلدية إهمج مكباً للنفايات باحة خضراء، تستضيف فيها المعرض سنوياً.

ويخصص المعرض زاوية لمنتجات لبنانية غير متوفرة في بلدة إهمج ويعلق أبي نجم: «هي وسيلة للترويج للمؤونة اللبنانية الأصيلة أينما كانت. فبذلك نشجع أهالي قرى محيطة بنا على صناعتها».

من ناحيتها تشير ماريا قسطنطين المشرفة على المعرض إلى أنّ مجموعة من النساء في إهمج تقف وراء تنفيذه سنوياً. وتضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إنها ثقافة متوارثة من جيل لآخر ونحن نتقن هذا التقليد القروي. نحافظ على الإرث لأنه بالنسبة لنا حياة وطريقة عيش عنوانهما الجودة». وترى قسطنطين أنه في ظل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، والتي طالت نسبة كبيرة من اللبنانيين، قررت إهمج أن تنتج أصنافاً جديدة غير تقليدية. «إنّها منتوجات قابلة للحفظ لفترات طويلة دون تبريد وخالية من المواد الحافظة، ومنها غير موسمية ».

فيفيان حداد - الشرق الاوسط

  • شارك الخبر