hit counter script
شريط الأحداث

ليبانون فايلز - أخبار اقتصادية ومالية أخبار اقتصادية ومالية

الكهرباء... مغارةٌ رابحة وعزٌ بعد فاقة

الإثنين ١ حزيران ٢٠٢٠ - 07:54

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لا يختلف ذوو العقول الراجحة في الرأي بأن الكهرباء والفساد في لبنان وجهان لعملة واحدة، وأن تعيين وزراء للطاقة من الخط السياسي المعارض لنهج الرئيس الشهيد رفيق الحريري منذ ثلاثين عاماً وحتى اليوم ليس محض صدفة، بل هي سياسة عن سابق تصوّر وتصميم تتمحور حول إنجاز الصفقات وجني السمسرات وتعطيل كل الحلول لتحميل السياسة الحريرية مسؤولية ذنب لم تقترفه. فسوداوية التعاطي مع هذا القطاع لا تزال تشتد ظلمةً عاماً بعد عام وعقداً بعد عقد، فكلّما لاح بصيص حلّ أو بارقة أمل كان يتم الانقضاض عليهما بكل تعنت وكيدية وطائفية، فالمساس بمغارة علي بابا من المحرّمات وإغلاق بابها وسد مزاريب الهدر والفساد فيها من المعجزات.

إن قطاع الكهرباء الذي يشكل الأداة الأولى للفساد السياسي والهدر المالي، أصبح شاهداً على استنزاف خزينة الدولة بحوالي ملياري دولار سنوياً مشكلاً بذلك نصف حجم الدين العام أي ما يفوق الـ 150% من الناتج المحلي اللبناني، فسنوات الإصلاح والتغيير المباهاة بها كبّدت الدولة 30.585 مليار دولار أي ما يعادل 73.8% من مجمل العجز العام للمؤسسة.

وهنا يلوح لنا حلم رفيق الحريري المشع بتيار كهربائي 24/24، عندما استطاع تدريجياً في حكومته الأولى وبجهد شخصي تحقيق هذه الغاية، مستذكرين قانوناً شكل عام 2002 خارطة طريق لقطاع الكهرباء وحلاً لأزمته. إنه قانون رفيق الحريري رقم 462 الذي كان يرمي إلى تنظيم القطاع وخصخصته عبر ثلاث زوايا رئيسية تشمل الانتاج والنقل لخطوط التوتر وقطاع التوزيع... إنه القانون الذي تلقى ضربات موجعة وسياسات تعطيل مبرمجة من قبل أطراف المحكومة السياسية التي أسقطته بالرغم من تبني مؤتمر باريس "2" له ... إنه القانون الذي تمت سرقته حيناً وخطفه أحياناً لبناء خطط وهمية تحت عناوين شتى أبرزها "خطة سياسة قطاع الكهرباء" التي وضعها وزير الطاقة جبران باسيل عام 2010، والتي كان أبرز شروطها التمويل عبر الاستدانة وتعيين مجلس إدارة للكهرباء خلال شهرين وتشكيل هيئة ناظمة لتأمين ضمان توفير التيار الكهربائي بوتيرة دائمة عام 2015، ووضع القطاع على مساره الصحيح والبدء بتحقيق الأرباح والتخلص من عجز الكهرباء تدريجياً.

بقي هذا الوعد رهينة الصراعات والتجاذبات السياسية بالرغم من إقرار الخطة، حيث لم يتم تأمين احتياجات لبنان المطلوبة من الميغاوات أو بناء أي معامل جديدة. وما زاد الطين بلّة هو ذاك الصراع الطائفي حول إنشاء معامل التغويز بعد مطالبة باسيل بإنشاء معمل في سلعاتا في قضاء البترون إسوة بمعمل طرابلس في الشمال الذي أوصى به مشروع FSRU، والذي مهّد بالمطالبة لإنشاء معمل في الزاهراني في الجنوب. هذا الصراع على مدى الأعوام العشر الأخيرة، كان عنواناً لمرحلة تمّ فيها عرقلة تنفيذ خطة الكهرباء وشرّعت الأبواب لصفقات البواخر التي كانت حلاً مؤقتاً لتصبح حلاً دائماً بعدما أغنت جيوب منتفعيها.

لبنان 2020 الغارق بظلام دامس، ليس أمامه اليوم إلا الإصلاح في الكهرباء كحلّ لأزمته المستعصية، فلعبته مع الوقت لعبة خاسرة ورهان خاطئ. وإن كان وقت ملىء الجيوب قد أخذ من هذا القطاع ما أخذ، فقد حان وقت العمل والتنحي والمحاسبة واستعادة القطاع من سارقيه لتجاوزهم كل محظور. فسنوات الإصلاح الوهمي والتمسك بحلول المنفعة الخاصة، لم تعد تجدي نفعاً خصوصاً مع صندوق النقد الدولي الذي لن يقدّم أي مساعدات مالية دون الإقدام على إجراء إصلاحات الكهرباء بقرار سياسي من الأوصياء عليه.

يزعمون أن عجز الكهرباء سببه قرار حكومة رفيق الحريري عام 1994 تثبيت سعر كيلو واط الكهرباء على أساس 20$ لسعر برميل البترول، وعدم زيادة تعرفة الكهرباء بعد ارتفاع سعره ودعمه من خزينة الدولة.

يدّعون أن المسؤول عن عجز القطاع هو من وضع هذه السياسة ويجاهرون زيفاً أنهم مع إصلاح الكهرباء وتطبيق القانون الخاص بها وتعيين الهيئة الناظمة المنوطة بتسيير أعمالها.

يتهربون من تحمّل مسؤولياتهم ويتهمون كلّ من يدينهم بحقيقة أرقام فسادهم ليبرروا فشلهم وصفقاتهم وسمسراتهم المشبوهة، ويبشرون اللبنانيين بعتمة حالكة تشبه نواياهم، ويكرّسون بنداً من بنود الطائفية عنوانه سلعاتا...

ولكنهم في حقيقة ذواتهم يدركون أن ليس لحل أزمة الكهرباء اليوم عنواناً غير عنوان رفيق الحريري الأمس الذي يبدأ بالخصخصة، مروراً بتشكيل هيئة ناظمة للقطاع وما بينهما من تحسين أداء الإدارة وتنظيمها وسدِّ بؤر الهدر والفساد.

إن كانت مشكلة رفيق الحريري أنه أراد إضاءة سماء لبنان بتيار كهربائي 24/24، على عكس مشكلة خصومه التي تعكس سماءً متلبدّة بالذاتية والأنانية.. فشتان ما بين هاتين المشكلتين!!

فالتقنين باق والظلام باق ما دام إبريق الكهرباء لا يرشح زيتاً بل يرشح هدراً وفساداً...

هدى علاء الدين - نداء الوطن

  • شارك الخبر