hit counter script
شريط الأحداث

ليبانون فايلز - أخبار اقتصادية ومالية أخبار اقتصادية ومالية

البنزين يشتعل: نصف اللبنانيين في الإقامة الجبرية؟

الجمعة ٢٢ تشرين الأول ٢٠٢١ - 06:24

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

بعد رفع الدعم، باتت العلاقة بين المحروقات وسعر صرف الدولار علاقة جدليّة، بحيث إنّ حجم استهلاك المحروقات يؤثّر على سعر صرف الدولار، فإذا ارتفع الدولار خفّ الاستهلاك، وإذا زاد الاستهلاك ارتفع سعر الصرف.

أول من أمس، رفعت وزارة الطاقة سعر صفيحة البنزين نحو 60 ألف ليرة، فوصل إلى 312 ألف ليرة، بزيادة بلغت 25% عن الأسعار السابقة، وذلك على سعر 20 ألفاً للدولار الواحد، بحسبما كشف عضو نقابة أصحاب المحطات جورج براكس في اتصال مع "أساس"، أي على سعر السوق الموازي، وذلك للمرّة الأولى منذ الحديث عن رفع الدعم بداية العام الحالي.
يقول براكس إنّه على الرغم من ارتفاع سعر البنزين إلى هذا الحدّ، فإنّ سعر البنزين ما زال مضبوطاً بسبب "استمرار مصرف لبنان بمدّ الشركات المستوردة للنفط بالدولارات من احتياطاته". ويضيف براكس أنّ هذا الأمر يختلف عن آليّة تسعير مادة المازوت التي باتت محرّرة بالكامل، وتعتمد على الدولار "الكاش" فقط، كاشفاً في الوقت نفسه أنّ خطوة مصرف لبنان هي حاجة "ضروريّة"، ولا يمكن الاستغناء عنها في هذه الظروف، وخصوصاً إذا كنّا نريد الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي، وضبط سعر البنزين وسعر صرف الدولار على السواء، لأنّ التخلّي عنها سيرفع سعر صرف الدولار إلى أرقام خيالية نتيجة الضغط الذي سيُمارَس على "السوق الموازي" من أجل الحصول على الدولارات الخاصّة بالاستيراد.

كشف براكس لـ"أساس" أنّ حجم توزيع البنزين (وليس الاستيراد) على المحطات خلال الشهرين الفائتين "انخفض بحدود 30%، إذ كان يراوح التوزيع بين 10 و12 مليون ليتر يومياً، لكنّه تراجع اليوم وبات بين 7 و8 ملايين ليتر فقط"، متوقّعاً في الوقت نفسه أن يسجّل استهلاك مادة البنزين في السوق اللبناني المزيد من التراجع، ولم يستبعد أن يصل إلى نحو 40% في الأسابيع القليلة المقبلة.

لكن على الرغم من هذا كلّه، يبقى السؤال الأبرز: هل يستمرّ مصرف لبنان ببيع الدولارات إلى مستوردي البنزين أم يتخلّى عن هذه السياسة مثلما فعل مع مادة المازوت؟

مصادر مصرف لبنان

تكشف مصادر مصرف لبنان لـ"أساس" أنّ هذه الخطوة "لن تستمّر لوقت طويل"، لأنّ ذلك يُعتبر امتيازاً للشركات المستوردة لمادة البنزين دون الشركات المستوردة للمواد والسلع الأخرى. المصدر يؤكد أنّ "رفع سعر صفيحة البنزين قلّص الهامش بين سعرها الفعلي وبين السعر المدعوم سابقاً، وبالتالي إذا باع المصرف المركزي الدولارات أو لم يبِعها فالنتيجة ستكون نفسها بالنسبة إلى المستهلك".

أما عن تهافت المستوردين المحتمل إلى "السوق الموازي" من أجل تأمين الدولارات "الكاش" وفرضية ارتفاع سعر صرف الدولار كنتيجة لذلك، فيؤكد المصدر أنّ "حجم استيراد المازوت هو أكبر من حجم استيراد البنزين، وحين توقف مصرف لبنان عن مدّ المستوردين بالدولارات لم يتأثر سعر الصرف"، خصوصاً أن "المركزي" سيعود تباعاً إلى مندرجات المادة 75 من قانون النقد والتسليف، أي أنّه سيعود إلى سياسة التدخل في السوق بيعاً وشراءً من أجل الحفاظ على سعر محدّد، لم يُتفق عليه إلى الآن، ولم توضع الآليات اللازمة له بعد.

لعلّ هذا الكلام يعيدنا إلى تصريح وزير الاقتصاد أمين سلام لقناة "العربية" قبل أيام. فقد أعلن أنّ الحكومة "ستعمل مع المجتمع الدولي وصندوق النقد والبنك الدولي لخفض سعر الصرف إلى ما بين 10 و12 ألف ليرة في الأشهر المقبلة"، وقد قوبل هذا التصريح بحملة سخرية على مواقع التواصل الاجتماعي.
المصدر رفض التأكيد على الرقم (10 إلى 12 ألف ليرة للدولار الواحد)، لكن أكّد أنّ هذا التوجه هو ما يسعى إليه "المركزي". عندها، ربّما تكون البلاد قد قطعت شوطاً في التفاوض مع صندوق النقد الدولي، ووُضِعت جدّيّاً على سكّة الخلاص من خلال عودة الثقة وتأمين مصادر إضافية من العملات الصعبة، غير تلك الخاصّة بتحويلات اللبنانيين المغتربين من الخارج، وتلك اللازمة للاستهلاك الفردي من المأكل والمشرب.

التفاوض مع صندوق النقد

كلّ هذا يعيد النقاش إلى المربع الأول، ويطرح سؤالاً آخر: هل الحكومة جدّيّة في التفاوض مع صندوق النقد الدولي؟

قد تبدو الإجابة على هذا السؤال صعبة بعض الشيء، خصوصاً إن ربطنا الإجابة بجملة من التطوّرات.

1- أحداث "الشياح – عين الرمانة" التي "أكلت الجو" على مدى الأسبوع الفائت، وأدت إلى تعطيل إجتماعات الحكومة واستبدالها بما يشبه "الحلقات الوزارية الطيارة" بين السراي ومبنى بلاتينوم (مكان إقامة ميقاتي في وسط بيروت).

2- الخطاب الناريّ للأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله مع ما رافقه من تهديد ووعيد وحديث عن مقاتليه الـ100 ألف.

3- الجدل الانتخابي الذي رأيناه في "الأونيسكو" داخل مقرّ مجلس النواب المؤقّت، والذي يوحي بأنّنا قد دخلنا حقبة "الانتخابات دون الإصلاحات"، إذا صحّ القول.

4- وأخيراً كلام المدير التنفيذي لـ"صندوق النقد الدولي" محمود محيي الدين، إثر لقائه الرئيس نجيب ميقاتي أمس الأربعاء، الذي أكّد الشكوك حينما علّق الرجل آماله على أن "تنطلق المفاوضات قبل العام الجديد"، وذلك بما يشبه الشكوى أو الاعتراض على تأخير ما من أحد ما، متحدّثاً عن "ضرورة توفير بيانات ومعلومات" لعلّها ناقصة أو مفقودة حتى اللحظة، من أجل بدء هذه المفاوضات.

كذلك أسرّت مصادر مصرف لبنان لـ"أساس" عن "جوٍّ مريحٍ" أرخى بظلاله على المصرف المركزي بعد تشكيل الحكومة، خصوصاً مع تحوّل الأنظار عن "المركزي" إلى الحكومة، المسؤول الفعليّ عن شؤون البلد.

وكشفت المصادر أنّ حكومة ميقاتي ووزراءها لم يطالبوا المركزي بأيّ مطلب "برّا الطريق" يستنزف ما تبقّى من دولاراته مثلما كانت تفعل الحكومة السابقة. هنا ينتهي اقتباس هذه المصادر، وهنا نفتح نحن مزدوجين آخرين لنسأل: "لم تطلب الحكومة؟ نعم. لكن في المقابل: ماذا قدّمت؟".

الجواب حتّى اللحظة: لا شيء. الأكيد أنّ نحو نصف اللبنانيين في الطريق إلى ما يشبه "الإقامة الجبرية" في منازلهم، مع تواصل انحسار استهلاك البنزين إلى النصف تقريباً.

عماد الشدياق - اساس ميديا

  • شارك الخبر