hit counter script
شريط الأحداث

ليبانون فايلز - أخبار اقتصادية ومالية أخبار اقتصادية ومالية

أربعة عيوب تطال البطاقة التموينية وقد تقف دون إبصارها النور

الخميس ٢٧ أيار ٢٠٢١ - 07:55

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

إستمع للخبر


من أين جاء رقم البطاقة المطروح على الإعلام؟ ومن قال إن 137 دولاراً للعائلة الواحدة هي مبلغ كافٍ لسدّ الحاجات بحدّها الأدّنى؟ إن طرح الرقم هو تكملة لمسلسل ا لعشوائية الحكومية في طرحها المشاريع. فهل الـ 137 دولارا أميركيا تُمثّل الحدّ الأدنى لتغطية الحاجات الأساسية للأسر الفقيرة، وبالتالي هي للكلام عن مشروع رفع الحد الأدنى للأجور والدخول في معضلة سلسلة رتب ورواتب جديدة تؤسس لإنهيار فوق الإنهيار؟ أم هو تخبّط من سلسلة التخبطات التي إعتدنا على سماعها من هذه الحكومة المُستقيلة.

في الواقع الحديث عن رفع الدعم مقابل إصدار البطاقة التموينية فيه من التضليل ما فيه. فرفع الدعم لن يطال الأدوية، ولن يطال فيول كهرباء لبنان ولا المازوت، ولا التلفون، ولا القروض بالدولار التي سيبقى سدادها على سعر الـ 1500 ليرة لبنانية. لأن رفع الدعم عن كل شيء سيؤدّي حتمًا إلى رفع الكلفة الشهرية للعائلة إلى حدود الـ 20 مليون ليرة لبنانية شهريًا، وبالتالي فإن وراء الأكمة ما وراءها، أي إن هناك قطبة مخفية خلف طرح الـ 137 دولارا أميركيا شهريًا للعائلة الواحدة!

المُشكلة الأولى التي ستواجه البطاقة هي مُشكلة التمويل التي تبلغ 1.2 مليار دولار سنويًا. فمن أين سيتم تمويليها؟ إذا كان من الإحتياطي الإلزامي – أي من أموال المودعين – فهذا أمر يرفضه العديد من النواب وسيؤدّي إلى ردّة فعل سلبية في الانتخابات النيابية. أمّا إذا كان التمويل سيتمّ من قرض البنك الدولي، فهذا الأمر مُمكن لعدّة أشهر فقط (قرض البنك الدولي هو 246 مليون دولار أميركي)، وبما أن القرض لم يُصبح نافذًا فبالتالي إقرار البطاقة سيبقى حبرًا على ورق.

المُشكلة الثانية التي يجب أن لا يستهان بها تكمن في أن رقم الـ 137 دولارا أميركيا أو 1.77 مليون ليرة شهريًا (على سعر السوق السوداء)، سيؤدّي إلى ضرب العدالة الاجتماعية. فكل عائلة لها مدّخول أقلّ من 1.77 مليون ليرة، عندها مصلحة بأن تتوقف عن العمل وقبض 1.77 مليون ليرة وبالتالي هناك دعوة واضحة إلى البطالة جراء سياسة غير مدروسة. أي إن عائلة بمدخول 2 مليون ليرة ولا تتلقى المساعدة عندها مصلحة بالتوقّف عن العمل وقبض المساعدة من خلال البطاقة التموينية.

المُشكلة الثالثة هي في خيار الـ 750 ألف عائلة التي سيتمّ توزيع البطاقة عليها. فالخيار لن يكون على معايير إجتماعية حتى لو تمّ إعتماد قاعدة بيانات وزارة الشؤون الاجتماعية التي أظهرت خللاً فاضحًا حين قام الجيش بتوزيع المساعدة بقيمة 400 ألف ليرة لكل عائلة. وبالتالي سيكون هناك توجّه لإعتماد معايير أخرى غير إجتماعية وغير مبنية بالضرورة على الواقع المالي للعائلة بل على المحسوبيات.

وهنا يُطرح سؤال جوهري: هل سيتمّ عرض لائحة المستفيدين على البوابة الإلكترونية للحكومة؟ وما المانع من عرضها قبل إقرار البطاقة إذا كانت الغاية الأساسية للبطاقة المصلحة العامة دون الاستنسابية والمصالح الضيقة؟ أوليست المساعدات المقدمة حق لجميع اللبنانيين وعلى كل من سيحرم منها أن يكون مقتنعاً بأن من صرفت له هو أحق منه وأن الغاية منها الإصلاح لا الفساد والإفساد وخلق ضغينة ومعاداة جديدة بين المواطنين.

المُشكلة الرابعة تكمن في آلية توزيع هذه الأموال (في حال توافرت)، فما هي الآلية المتبعة في التوزيع؟ هل هي عبر الجيش كما كان الأمر سابقًا؟ وهل الجيش قادر على توزيع الأموال على 750 ألف عائلة كل شهر؟ أم أنها ستكون من خلال البطاقات المصرفية؟ وماذا عن العائلات التي لا تملك حسابًا مصرفيًا أو تلك التي تعيش في مناطق بعيدة نائية وهي من المفترض أن تكون النسبة الأكبر من هذه الفئة؟

طرح البطاقة في ظل غياب حكومة أصيلة هو أمر غير واقعي وقد يكون خارجاً عن الدستور اللبناني الذي شبع الخروقات والمخالفات، ففي تصريح لنائب رئيس المجلس النيابي إيلي الفرزلي خلال مقابلة على شاشة الـ MTVجاء موقفه لافتاً من الناحية القانونيةبقوله إن كل مشاريع القوانين التي تُرفع من حكومة تصريف الأعمال إلى المجلس النيابي هي «غير دستورية» (!!!). من هنا نستطيع أن نشتمّ رائحة صراع سياسي بين السلطة التنفيذية من جهة والسلطة التشريعية من جهة أخرى؛ فالسلطة التنفيذية تُحاول رمي كرة النار – أي البطاقة التموينية – في ملعب المجلس النيابي الذي يعلم مُسبقًا أنها ستخلق إنقسامات بين النواب من جهة، ومن جهة أخرى أيضًا عدم واقعية المشروع في ظلّ غياب أي حلّ سياسي.

المُقاربة المنطقية لمُشكلة الدعم يجب أن تنبع من خلال البحث عن سبب الأزمة ومعالجته، أي غياب الثبات النقدي الذي أوصلت إليه عوامل عديدة على رأسها: إقفال المصارف لمدّة أسبوعين في تشرين الأول من العام 2019، وقف دفع سندات اليوروبوندز، سقوط خطّة الحكومة وفشل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، إنفجار مرفأ بيروت، جائحة كورونا والقرارات المُتتالية بالإقفال (غير المُجدي)، وبالطبع غياب حكومة أصيلة قادرة على فرض حلول وإستعادة الثقة، وغيرها من الأمور الخاصة بالأمور الطائفية اللبنانية.

وعليه فإن العنصر الأساس الذي يجب العمل عليه هو الثبات النقدي الذي يُشكّل العمود الفقري لثبات الأسعار. لكن كيف يُمكن أن يكون هناك ثبات نقدي في ظلّ غياب حكومة أصيلة، إضافة إلى تسهيل تهريب الدولارات إلى الخارج، وزيادة المضاربة على الليرة. وبالتالي، وبإنتظار تشكيل حكومة أصيلة، فإن هناك إلزامية للقيام بعدد من الخطوات الضرورية، منها:

أولاً – وقف التهريب بكل أنواعه وهو ما يحتاج إلى قرار سياسي من الظاهر أن السلطة عاجزة عن أخذه في الحد الأدنى؛

ثانيًا – إلزام كلّ مُصدّر (تاجر، صناعي، أو مزارع) بإعادة الدولارات إلى لبنان في حال إستفاد من دعم مباشر أو غير مباشر من مصرف لبنان (كهرباء، محروقات، تلفون، إنترنت...)؛

ثالثًا – مكافحة السوق السوداء التي يتمّ عليها أبشع أنواع الجرائم بحقّ الليرة اللبنانية سواء من مهرّبين، أو من تجّار الشيكات، أو حتى من عامّة الشعب؛

رابعًا – أخذ قرار واضح وصريح من قبل حكومة تصريف الأعمال بإلزام كل البلديات على تخصيص 1% من أراضيها أقلّه لكي يتمّ زراعتها بمنتوجات يحتاجها السوق اللبناني أو تربية المواشي أو إنشاء مصانع غذائية بالدرجة الأولى وتحويلية بالدرجة الثانية؛

خامسًا – إعادة إعمار مرفأ بيروت من خلال الشراكة مع القطاع الخاص وتلزيم تطوير العديد من مرافق الدوّلة (كهرباء، إتصالات...) من خلال نفس الآلية؛

سادسًا – تحرير الإستيراد في كل القطاعات (بدون إستثناء) من الإحتكار عبر إلغاء القيود على الراغبين في الإستيراد؛

سابعاً – مطالبة البنوك بمصارحة المودعين الذين ائتمنوهم على جنى أعمارهم ووثقوا بحرفيتهم وأهليتهم للتصرف بأموالهم، خصوصاً مع ما بدأ يشاع في الأسواق أن بعض هذه البنوك بعد أن صرفت عدداً لا بأس به من موظفيها بدأت تدفع رواتب بعض المحظيين لديها بالدولار الأميركي، والسعي لرفع رواتب من أبقتهم. فهل ستقوم لجنة الرقابة على المصارف بالاطلاع على هذه التجاوزات التي لا يحق للمصرف القيام بها في ظل حبسه الحسابات الجارية للناس.

بالطبع لائحة الإجراءات قد تطول، لكن هذه الإجراءات المذكورة أعلاه تبقى الأهم خصوصًا في ظل غياب حكومة قادرة على القيام بإصلاحات والتفاوض مع صندوق النقد الدولي.

جاسم عجاقة - الديار

  • شارك الخبر