hit counter script

ليبانون فايلز - أخبار إقليمية ودولية أخبار إقليمية ودولية

هنري كيسنجر: كورونا سيغير النظام العالمي إلى الأبد

الأحد ٥ نيسان ٢٠٢٠ - 17:13

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

أكد وزير الخارجية الأمريكي الأسبق ومستشار الأمن القومي في عهد الرئيس نيكسون ،هنري كيسنجر ،أن  جائحة فيروس كورونا "كوفيد - 19" ستغير النظام العالمي للأبد وأن تأثيرها المضر على الصحة العامة قد يكون مؤقتا إلا إن الأزمة السياسية والاقتصادية التي خلفها تفشي الفيروس ستستمر إلى أجيال عديدة.

وأشار كيسنجر في مقال نشرته صحيفة وول ستريت جرنال الأمريكية ، إلى أن الأمم تتماسك وتتعاطف بسبب اعتقادها بأن مؤسساتها يمكن ان تتوقع الكارثة وتستطيع أن توقف تأثيرها وتستعيد الاستقرار ، مضيفا أنه وبعد انتهاء الجائحة سينظر إلى العديد من المؤسسات في مختلف الدول على أنها فشلت في مواجهة الفيروس بغض النظر عن عدالة الأنظمة في هذه الدول من عدمه.

وقال إن الإدارة الأمريكية قامت بعمل كبير لتجنب الكارثة الفورية ولكن الاختبار النهائي لها هو ما إذا كانت قادرة على إيقاف انتشار الفيروس بالصورة التي تحافظ على الثقة العامة.

وقال وزير الخارجية الأمريكي الأسبق إن القادة في العالم يتعاملون مع أزمة كورونا على أساس وطني إلى حد كبير مشيرا إلى أن آثار الفيروس الاجتماعية لا تعرف الحدود ، وأن المهمة العاجلة أمام القادة الآن تتمثل في إطلاق مشروع مواز للانتقال إلى نظام ما بعد جائحة كورونا.

وأبدى وزير الخارجية الأمريكية الأسبق نظرة متشائمة حول الآثار المترتبة على تفشي الفيروس مشددا على أنه لا يمكن لأي دولة حتى الولايات المتحدة الأمريكية أن تتغلب على الفيروس بمفردها ، مؤكدا أن مواجهته تتطلب رؤية وبرنامجا تعاونيا عالميا وإذا لم يحدث ذلك فسوف يواجه العالم ما هو أسوأ من تفشي فيروس كورونا.

واستدعى كيسنجر تاريخه وتجربته الخاصة على إثر ما أسماه بالجو السريالي والعبثي الذي خلفه وباء كوفيد - 19 ، قائلا إن ما يحدث الآن جعله يستذكر مشاركته في الحرب العالمية الثانية في معركة الثغرة "Battle of the Bulge" عندما كان شابا في الفرقة 84 مشاة في أوآخر عام 1944 وحينها  راوده الاحساس بالخطر الكبير الذي لا يستهدف شخصا بعينه وإنما يضرب الكل وبكشل عشوائي ومدمر.

واستطرد بالقول إنه وعلى الرغم من أوجه الشبه بين تلك الحقبة والزمن الحالي إلا أن هناك فرقا جوهريا يكمن في أن الصمود الأمريكي وقدرة التحمل في الحرب حينذاك كان مدفوعا بطاقة قوية لتحقيق غاية وطنية عظمى، ولكن في ظل وجود دولة منقسمة سياسيا نحتاج إلى حكومة أمريكية بالضرورة أن تمتاز بالكفاءة وطول النظر للتغلب على العقبات غير المسبوقة والتي لم يسبق لها مثيل على مستوى العالم والمتمثلة في تفشي كورونا، مشددا على أن المحافظةعلى ثقة الجمهور أمر حاسم للتضامن الاجتماعي وترابط المجتمعات وعلاقتها ببعضها البعض كما أنه ضروري لتحقيق السلام والاستقرار العالميين.

وتناول كيسنجر في مقاله الأوضاع في أمريكا في ظل جائحة كورونا مؤكدا أن الفيروس  يهاجم بشراسة وسرعة غير مسبوقتين، مؤكدا أن الحالات في الولايات المتحدة تتضاعف كل يوم وحتى لحظة كتابته لهذا المقال، لافتا إلى أنه لا يوجد علاج للفيروس والإمدادات الطبية غير كافية في ظل موجات الحالات المتزايدة التي تتجاوز قدرات وحدات العناية المركزة في المستشفيات الأمريكية، مضيفا أن الحصول على لقاح للفيروس ربما يستغرق من 12 إلى 18 شهرا.

ودعا كيسنجر إلى استخلاص الدروس عبر تطوير خطة مارشال ومشروع مانهاتن ، وعلى الولايات المتحدة الالتزام ببذل جهد كبير في ثلاثة محاور:

أولا :دعم الجهود العالمية لمقاومة الأمراض المعدية ودعم البحوث العملية ولقد تحققت إنجازات في هذا المجال مثل لقاح شلل الأطفال والقضاء على الجدري والذكاء الاصطناعي، مؤكدا الحاجة الماسة إلى تطوير تقنيات جديدة لمكافحة العدوى وتوفير اللقاحات المناسبة لأعداد كبيرة من السكان ، وأن المدن والولايات والمناطق تحتاج باستمرار لحماية سكانها من الأوبئة وذلك من خلال التخزين والتخطيط الاستراتيجي.

ثانيا: السعي إلى تضميد جراح الاقتصاد العالمي ، مشيرا إلى أن قادة العالم تعلموا دروسا مهمة من الأزمة المالية العالمية 2008 ، وأن الأزمة الاقتصادية الحالية تعتبر أكثر تعقيدا حيث إن تفشي فيروس كورونا  السريع أدى إلى الانكماش على مستوى العالم بصورة لم يعرفها التاريخ من قبل. وقال إنه لا بد من إيجاد برامج تعمل على تحسين آثار الفوضى الوشيكة التي تهدد سكان العالم.

ثالثاً : حماية مبادئ النظام العالمي الليبرالي.. وأن الأسطورة التأسيسية للحكومة الحديثة تقوم على أنها مدينة مسورة يحميها حكام أقوياء  ربما يكونوا أحيانا صالحين وأحيانا مستبدين ولكنها في كل الاحوال قوية دائما بما يكفي لحماية الشعوب من أي عدو خارجي، وأشار كيسنجر إلى أن مفكرو عصر التنوير أعادوا صياغة هذا المفهوم بحجة أن الغرض من الدولة الشرعية هو توفير الاحتياجات الأساسية للشعب وهي الأمن والنظام والرفاهية الاقتصادية والعدالة ولايمكن للأفراد تأمين هذه الأشياء بأنفسهم ،  ولفت إلى أن وباء كورونا أثار مفارقة تاريخية بأن إحياء المدينة المسورة جاء في عصر يعتمد فيه الازدهار على التجارة العالمية وحركة الناس.

وخلص وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر في خاتمة مقاله إلى أن ديمقراطيات العالم تحتاج إلى الدفاع عن قيم التنوير والحفاظ عليها ، مؤكدا أن التراجع العالمي عن موازنة السلطة مع الشرعية سيؤدي إلى تفكك العقد الاجتماعي محليا ودوليا، ورغم ذلك لا يمكن تسوية قضية الشرعية والقوة في وقت واحد مع محاولة التغلب على وباء كوفيد - 19، مؤكدا أن ضبط النفس ضروري في جميع الجوانب سواء كانت في السياسة الداخلية أو الدبلوماسية الدولية فيجب تحديد الأولويات.

وختم بالقول لقد انتقلنا من معركة الثغرة "Battle of the Bulge" إلى عالم الازدهار المتزايد وتعزيز الكرامة الإنسانية فالعالم يعيش الآن فترة تاريخية، والتحدي التاريخي أمام قادة العالم هو إدارة هذه الأزمة وبناء المستقبل والفشل في تحقيق ذلك قد يؤدي إلى إشعال العالم.

  • شارك الخبر