وتطرح التغيرات التي تشهدها الساحة السورية مؤخرا مع اقتراب موعد الجولة الـ 6 من محادثة جنيف لصياغة الدستور السوري في الـ 6 من أكتوبر المقبل، بعض التساؤلات حول درجة التقارب بين موسكو وواشنطون بشأن الأزمة السورية وإمكانية صياغة دستور يكتب نهاية للأزمة التي تجاوزت الـ 10 سنوات.

وتوقع بعض المراقبين مع وصول جو بايدن للرئاسة الأميركية، في مطلع العام الجاري، حدوث انفراجة في الأزمة السورية مع بداية تموضع القوات الأميركية في بعض المناطق بسوريا، مرجحين لجوء بايدن إلى قرار مجلس الأمن 2254 الذي أقر في ديسمبر عام 2015، وينص على أن الشعب السوري من له حق تقرير مصير بلاده بإجراء انتخابات برعاية دولية ووقف إطلاق النيران والسعي لتشكيل حكومة انتقالية.

واتسم اللقاء الأول الذي جمع بين بايدن وبوتن، يونيو الماضي، بنتائج مغايرة للقاءات السابقة التي جمعت البلدين خلال الفترة الماضية خاصة فيما يتعلق بسوريا، وأثنى الرئيسان على المحادثات التي أشارت إلى تقدم ملموس ولغة مشتركة بينهما بشأن القضايا الخلافية المتعلقة بالعقوبات الاقتصادية على سوريا والمعابر الإنسانية.

وقبل أيام من اللقاء رفعت الخزانة الأميركية عقوبات مفروضة على شركات تابعة لرجال أعمال مقربين من الرئيس السوري بشار الأسد، وهو الأمر الذي اعتبره النظام السوري مؤشر إلى تخفيف العقوبات ومنح مزيد من الإعفاءات لقطاعي الطاقة والنفط.

يرى المحلل السياسي السوري، غسان يوسف، أن الحوار الروسي الأميركي قد بدأ بالفعل بشأن الأزمة السورية حتى لو بشكل خجول، حيث حققت إدارة بوتن مع إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بعض المكاسب بالانسحاب الأميركي من بعض المدن السورية، بينما يصبح الاتفاق حول إبقاء معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا (شمال غربي سوريا) مفتوحا لنقل المساعدات الإنسانية إلى إدلب دون موافقة دمشق "بداية التعاون" بين الطرفين في ظل الإدارة الأميركية الجديدة.

وفي تموز الماضي، توافقت موسكو مع واشنطن في مجلس الأمن على عبور المساعدات الإنسانية عبر معبر باب الهوى إلى إدلب آخر معاقل المعارضة السورية التي يسكن بها نحو 3 ملايين سوري لمدة تصل 12 شهرا.

ويوضح يوسف، في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن اللقاء الذي يجمع بين مسؤول الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأميركي, بيرت ماكغورك، ونائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي فريشنين، ومسؤول الملف السوري في روسيا ألكسندر لافرنتيف, يبحث استكمال للحوار المشترك بين واشنطن وموسكو الذي انطلق في منتصف العام الجاري لمناقشة نقاط الخلاف حول الوضع في سوريا.

ومن المتوقع تناول اللقاء نتائج تنفيذ قرار إعادة فتح معبر باب الهوى، وإمكانية الانسحاب من منطقة شرق الفرات والوجود الإيراني رغم تأكيد روسيا الدائم على التنسيق مع إيران في سوريا، إضافة لمناقشة العقوبات الاقتصادية المفروضة على النظام السوري والضربات الإسرائيلية ضد المواقع السورية.

وعن درجة التفاهم بين الجانبين الأميركي والروسي، يستبعد المحلل السياسي السوري، التفاهم والتوافق بين الطرفين بشأن حل سياسي لسوريا، لاسيما مع اختلاف موقفهما بشأن المعارضة الراديكالية والوجود التركي في الشمال السوري، متوقعا التوافق بشأن المصالح المتبادلة وبقاء واشنطن بعيدة عن أي تسوية سياسية أو الإعلان بشكل علني عن توافق مشترك مع موسكو في حال حدوثه.

وبعد نجاح روسيا في تفعيل الاتفاق في أحياء درعا جنوب سوريا، تغيرت سياسات النظام السوري مع باقي الأطراف الإقليمية تمهيدا للمرحلة المقبلة من صياغة الدستور ومحادثات جنيف الشهر المقبل.

واتفقا وزير الخارجية السوري فيصل المقداد والمبعوث الأممي لسوريا غير بيدرسن، خلال اللقاء الذي جمعها السبت الماضي، على البنود الأساسية للجولة المقبلة من اللجنة الدستورية، لمناقشة التحديات الاقتصادية والإنسانية وتجنب التدخل الخارجي في عمل اللجنة.

وجاء هذا اللقاء عقب شهرين من رفض دمشق لاستقبال بيدرسن، اعتراضا على اجتماعه مع وفد المفاوضات أثناء التصعيد العسكري في درعا البلد، وتجاهله مناقشة مسودة لجنة العمل الدستوري مع الوفد المسمى من الحكومة السورية بقيادة أحمد كزبري.

وقدم المبعوث الأممي غير بيدرسون، آلية دولية لتحديد نقاط الخلاف والتوافق بين الأطراف المشاركة في محادثات جنيف، بهدف المقاربة في وجهات النظر والعمل على مراجعة دستور عام 2012، تجنيا لأخطاء الجولة الـ 5 من محادثات جنيف التي انتهت دون الإعلان على اتفاق أو منهجية للعمل بين الـ 45 عضوا الممثلين للحكومة السورية والمعارضة والمجتمع المدني.

ووافقت دمشق بتوجيه روسي على آلية دولية لصياغة الدستور السوري تمهيدا للمباحثات المقبلة في جنيف.

ويعتبر غسان يوسف، اللقاء الذي جمع المقداد وبيدرسن بمثابة جولة جديدة في تشكيل اللجنة الدستورية، متوقعا أن تلك الجولات لا تؤتي ثمارها في كتابة الدستور أو تقديم حل سياسي يجمع بين الفرقاء، نظرا لاستمرار الخلافات بين الدولة السورية من جانب وتركيا والمجموعات المسلحة من جانب آخر.

ويشدد على أن "التسوية السياسية لا تتم دون تحرير كافة الأراضي السورية للانطلاق إلى خطوات إجراء الانتخابات البرلمانية وصياغة الدستور".