hit counter script

ليبانون فايلز - أخبار محليّة أخبار محليّة

فراغ وتشتت الصوت السني وخلط اوراق في الدوائر الانتخابية المختلطة...

الأربعاء ٢٦ كانون الثاني ٢٠٢٢ - 07:19

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

المؤكد ان الرئيس سعد الحريري عاد من الامارات بقرار لا رجعة عنه، اعتزال السياسة حتى اشعار آخر. اما اللقاءات والمشاورات التي اجراها مع اهل البيت ومع بعض الاصدقاء والحلفاء، فلم تكن سوى مجرد تحرك شكلي ممزوج بالعاطفة لاعلان اعتزاله المؤقت من بيروت وليس من اي مكان آخر.

الجميع او معظم الاوساط الشعبية والسياسية ادركوا منذ فترة غير قصيرة، ان الحريري اخذ ينسحب تدريجا من الساحة السياسية، بعد ان ادرك ان الضغوط عليه تفوق قدراته، وهي اكبر من كل المحاولات التي بذلت على غير صعيد لبقائه شريكا سياسيا في لبنان، ومن الخطأ حصر اسباب قرار الحريري الانسحاب من المسرح السياسي في المرحلة المقبلة بسبب واحد، لكن الصحيح ايضا، ان هناك عاملا قويا اثقل كاهله منذ فترة طويلة ساهم مساهمة رئيسية في خروجه او اخراجه من المشهد السياسي حتى اشعار آخر.

ولا يختلف الخصوم والحلفاء، ان هذا العامل المؤثر بقوة الى قراره هو الموقف السعودي منه شخصيا ومن «تيار المستقبل» كنهج واداء وهيكلية سياسية. اتخذ ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان منذ توليه السلطة قرارا لا رجعة عنه بتصفية حساب الحريري السياسي دون ان يفكر بالبديل السني، واكتفى في مرحلة لاحقة بعد حادثة احتجازه ثم الافراج عنه بوساطة الرئيس الفرنسي ماكرون بالتعامل مع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع كحليف رئيسي للمملكة في لبنان، مضافا له بعض المنصّات السياسية غير الفاعلة والمؤثرة في الشارع وفي غير الشارع.

ادرك الحريري منذ ذلك الوقت ان «الفيتو» السعودي لن يرفع عنه بسهولة، وانه بات امام خيارين: اما فكّ الارتباط مع الرياض وسلوك مسار آخر، وهذا غير وارد او ممكن عنده، او التوجه الى الاصدقاء الدوليين لرأب الصدع مع القيادة السعودية، لكن الوساطات الدولية لا سيما وساطة الرئيس الفرنسي ماكرون فشلت غير مرة، ما احبط باريس فاختارت الاستسلام للامر الواقع والرهان على الرئيس ميقاتي لخلافة الحريري في رئاسة الحكومة.

اصيب الحريري بخيبة امل من الرهان على الوساطة الدولية، ولم ينجح رهانه ايضا على مسعى مماثل لمصر والامارات، فوجد نفسه امام خيار الانسحاب من المشهد السياسي والنيابي الى حين توافر فرصة عودته الى الساحة السياسية اللبنانية.

والى جانب عامل «الفيتو» السعودي، واجه الحريري ظروفا معقدة وصعبة في الداخل اللبناني، خصوصا من قبل الرئيس عون وصهره باسيل بعد سقوط التسوية معهما واستقالته بعد اندلاع انتفاضة ١٧ تشرين في خطوة احادية ساهمت في حشر العهد وزيادة نقمته عليه.

رفض الحريري بعد ١٧ تشرين ٢.١٩ عقد اتفاق او تسوية جديدة مع الرئيس عون وباسيل، وراهن لاحقا بعد انفجار المرفأ وتداعياته تشكيل حكومة من وزراء اختصاص مستقلين اقرب الى مواصفات وشروط المجتمع الدولي وخصوصا واشنطن والاتحاد الاوروبي، لكنه اصطدم بعقبتين اساسيتين: معارضة رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر بالدرجة الاولى، وغياب مؤازرة حلفاء الامس، بل سعيهم بكل قوة ايضا لافشال مهمته وهدفه.

اما الثنائي الشيعي فقد حاول قدر المستطاع ان ينجح بتشكيل حكومة اختصاصيين تكون موضع ثقة سياسية ونيابية، لكنه فشل في تحقيق هذه المعادلة لاسباب عديدة، داخلية ابرزها من تعنّت الرئيس عون وباسيل، وخارجية ابرزها الضغوط السعودية التي ازدادت على الحريري وساهمت باعتذاره.

والى جانب هذه العوامل السياسية والخارجية، برزت عوامل اخرى منها ما يتعلق بوضع «تيار المستقبل» وتراجع شعبيته نسبيا مثل باقي التيارات والاحزاب، ومنها ما يتعلق بوضعه الشخصي والازمة المالية التي حلّت به، خصوصا بعد تصفية شركة «اوجيه» وتراكم الديون عليه نتيجة ما انفقه على غير صعيد.

ومما لا شك فيه ان الحريري وجد نفسه مجبرا على الانسحاب من المشهد السياسي والانكفاء حتى توافر ظروف اخرى تعيده الى الساحة مجددا، لكنه بقي رغم كل الضغوط متمسكا بهوية الاعتدال ورفض الانخراط في اي مشروع يصبّ في اشعال فتنة طائفية او مذهبية في البلاد، وربما يكون هذا الموقف احد الاسباب التي ادت الى الاطاحة به وبتياره في هذه المرحلة.

ما هي تداعيات تعليق عمل الحريري وتياره السياسي والنيابي؟

يؤكد مصدر سياسي بارز ان خروج الحريري وتياره من اللعبة السياسية بكل ادواتها يترك فراغا كبيرا على صعيد الساحة السنية، خصوصا ان القوى والشخصيات السنية الاخرى ليس بمقدورها ملء هذا الفراغ من الآن وحتى موعد الانتخابات النيابية في ايار.

ويقول المصدر في هذا المجال، ان ابرز الشخصيات السنّية الوازنة سياسيا اليوم هو الرئيس ميقاتي الذي يحظى برصيد دولي وعربي جيّد، ويترأس الحكومة المغطاة من المجتمع الدولي ومن الاكثرية النيابية والسياسية اللبنانية، ويحظى ايضا برصيد شعبي لا بأس به في الشمال عموما، لكنه لم يتمكن من توسيع رقعة هذا الرصيد الى بيروت وصيدا والبقاع، لذلك فانه غير مهيأ لملء الفراغ الذي تركه انسحاب الحريري وتياره.

اما الشقيق بهاء الحريري فهو ينشط من خلال فريق عمل مشكل من بعض النشطاء لتكوين وتأليف لوائح في المناطق السنية، معتمدا في الدرجة الاولى على الخطاب المتشدد ضد ايران وحزب الله كمادة تعبئة في الوسط السنّي، وعلى عنصر المال الذي يسعى من خلاله الى تكرار تجربة والده وشقيقه «على مصغّر». وحتى اليوم لم يتمكن بهاء الحريري من تكوين رصيد شعبي يعوّل عليه في تحقيق خرق مؤثر في الانتخابات المقبلة، وربما تتنامى لديه ولدى رئيس «القوات اللبنانبة» فكرة التعاون الانتخابي في بعض الدوائر لتحقيق منافع متبادلة، لكن مثل هذا التحالف، برأي المصدر، لن يحقق نتائج مهمة بسبب النقمة في الشارع السني ضد جعجع واتهامه بطعن الشيخ سعد بالظهر.

اما القوى المتشددة من الذين خرجوا من «المستقبل» امثال اشرف ريفي واحمد فتفت وغيرهما، فان تحالفهما اليوم مع بعض الجماعات السياسية من المسيحيين او الناشطين تحت عنوان محاربة ايران لن ينجح في تكوين تحالف انتخابي مؤثر.

وبرأي المصدر السياسي ان «الجماعة الاسلامية» لم تعد تشكل تيارا يحسب له الحساب في الاستحقاق الانتخابي كما كان في التسعينات، وان الدعم التركي لهذه الجماعة لن يغير من واقعها المأزوم.

من هنا، يرى المصدر ان لا احد يستطيع ان يملأ فراغ اعتزال الحريري وتياره في الوقت الراهن، وان الشارع السني سيتشتت في الانتخابات ويتوزع يمينا وشمالا. فهناك من سيلتحق بميقاتي اذا ما قرر المشاركة في الانتخابات ترشيحا وانتخابا، وهناك من يلتحق بالفريق السياسي السني المتحالف مع الثنائي الشيعي، وهناك نسبة غير قليلة ستنخرط في تأييد لوائح المجتمع المدني، ويبقى هناك فئة ستلتحق وتؤيّد بهاء الحريري والجماعات والشخصيات السنية المتشددة.

ويؤكد المصدر ان خروج الحريري و «المستقبل» من الحلبة السياسية يساهم في خلط الاوراق انتخابيا ليس على صعيد الساحة السنية فحسب، بل ايضا على الساحة الوطنية، خصوصا في الدوائر المختلطة التي يملك فيها «المستقبل» ثقلا شعبيا مثل الشوف وزحلة وصيدا وبعلبك الهرمل والبقاع الغربي وطبعا بيروت.

ويقول المصدر ان عملية خلط الاوراق ستكون موضع تركيز واهتمام لدى كل القوى، لا سيما الحليف وليد جنبلاط والحلفاء في البقاع الغربي وزحلة، اما الثنائي الشيعي فحساباته الانتخابية بمنأى عن «المستقبل» بشكل عام.

محمد بلوط - الديار

  • شارك الخبر