hit counter script
شريط الأحداث

ليبانون فايلز - مقالات مختارة مقالات مختارة - جورج شاهين - الجمهورية

سيناريو لما هو "أسوأ" من إقالة أو استقالة؟

السبت ١٣ حزيران ٢٠٢٠ - 07:07

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

تعددت السيناريوهات التي واكبت الانتفاضة الليلية للبنانيين اوحت باحتمال احياء ثورة "17 تشرين" متجاوزة ظروف "حركة 6 حزيران". وان نضحت بما يرغب به كل فرد او مجموعة فهي افتقدت اي معطى يؤدي الى الخروج من المأزق، وهو ما دفع الى توقع اكثر من سيناريو اسوأ من "اقالة حاكم" او "استقالة حكومة"، فالحلول ما زالت بعيدة. فما الذي يقود الى هذه المعادلة؟
كوت: يعتقد البعض ان البت بالتعيينات الأخيرة وتجاوز ما كان محظورا يمكنه تشكيل قيادة نقدية جديدة
كلام الصورة: لرئيس الحكومة ورياض سلامة: لا اقالة الحاكم ولا استقالة الحكومة حل!؟
قياسا على حجم الفرز الحاصل بين اللبنانيين موالين ومعارضين ومتفرجين من دون اي موقف يتصل بما يجري من تجاذبات، فقد بقيت كل السيناريوهات المتوقعة مظلمة جدا طالما انه ليس هناك اي بصيص امل يمكن ان يؤدي الى الإضاءة على اي من المخارج الواقعية التي يمكن ان ترسم خريطة الطريق الى بداية الخروج من النفق الطويل الذي دخلته البلاد. فقد توالت الاحداث السلبية التي قادت الى مجموعة الازمات السياسية والنقدية ومعهما مختلف وجوه الحياة في لبنان.
على هذه الخلفيات، توسعت دائرة التحليلات بعد احداث ليل اول امس وراحت بعض التوقعات لتوحي ان انتفاضة السابع عشر من تشرين قد تجددت لمجرد الحديث عن بداية نصب الخيم في الساحات وفي بعض المناطق التي تحولت مسرحا رمزيا للتعبير عن النقمة الشعبية. وبمعزل عن اعمال الشغب الاخيرة التي طاولت فروعا لمصرف لبنان المركزي في بعض المناطق والإعتداءات التي طاولت مصارف ومؤسسات خاصة ومنشآت عامة أخرى عبرت عن هوية المعتدين الذين لم يكونوا في معظمهم من اهل الانتفاضة الاولى، إلا بعد ان دخلت على الخط مجموعات لم يعد من الصعب تحديد هويتها السياسية ومن تمثل من افراد وجماعات سياسية وحزبية وشخصيات قاومت لفترة بدايات الانتفاضة وعملت على تفكيكها وتحريف اهدافها وشيطنتها.
ليس في ما سبق اي جديد يشكل اي مفاجأة، لكن المستجد سياسيا واداريا وماليا اوحى بسيناريوهات جديدة تستند الى الفشل الحكومي في تطويق اي من الازمات القديمة او الجديدة. وزاد في الطين بلة ان احيت الحكومة في ملف التعيينات الادارية والمالية النموذج السابق الذي ادى الى تزخيم الانتفاضة في ذروة الرفض الشعبي لحجم الازمات النقدية والاقتصادية وفقدان العملة الخضراء وارتفاع الاسعار الجنوني، عدا عن ارتفاع نسبة البطالة وتراجع الموارد المادية للعائلة اللبنانية الى اكثر من الثلين وفقدان عشرات الالوف لمصادر عيشهم.
ولذلك كان طبيعيا ان تستفز الحكومة في إجراءاتها الاخيرة - التي لم تستطع الدفاع عنها وتبريرها - ليس اهل الإنتفاضة والمعارضين فحسب انما الموالين لها الذين انضموا اليهم ومعهم فئة واسعة ممن كانوا في المنطقة الرمادية. ولكن ما كان لافتا ان المنتفضين الجدد نقلوا معهم الى الشارع شعارات مغايرة لتلك التي رفعها الاوائل. فضاعت الاولى وحضرت البديلة منها بما يعبر عن الإنقسام من ضمن اهل البيت الحكومي والسلطة. وهو ما برز لافتا منذ اللحظة الأولى التي تلاقى فيها الطرفان في ساحة الشهداء فبرزت الشعارات التي تعبّر عن عدم التفاهم حول الملفات الخلافية التي وضعت على الرف لفترة من الفترات ريثما تعبر صفقة التعيينات المالية والادارية التي عبرت عن صورة شوهت الحكومة وافقدتها ما تبقى لديها من صدقية وضاع السعي الى الاستقلالية عن الانقسامات الداخلية فخسرت كل شيء بما فيها رضى من رعى تركيبتها وتوزع مقاعدها والحصص.
وعليه، وبمعزل عما يمكن ان يؤدي اليه مسلسل جلسات مجلس الوزراء امس، لا بد من التوقف عند مجموعة السيناريوهات المتوقعة التي تم التداول في شأنها بين اهل الربط والحل والمتحكمين بالسلطة وبمجرى الاجراءآت الحكومية. ولذلك طرح اكثر من سيناريو يتجنب معظمها "التغيير" او "التعديل" الحكومي. ومنها على سبيل المثال:
- اقالة حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة بعدما اعتقد البعض ان مجرد احياء الاتفاق على التعيينات المالية والنقدية والادارية وتجاوز بعض ما كان صعبا داخليا وخارجيا دون ان يكون محظورا، فانه يمكن القضاء على التركيبة المالية كاملة فلا تبقى مجتزأة على مستوى نواب الحاكم والهيئآت الملحقة بالمصرف والدائرة في الفلك المالي والنقدي.
- الطلب الى مصرف لبنان ضخ مزيد من الدولارات في السوق النقدية من اجل اعادة التوازن الى حركة السوق بغية الحد من ارتفاعه غير الطبيعي بعدما اختلط ما هو واقعي بما هو عكسه، وخصوصا عندما قادت موجة الشائعات عن اسعار لدولار مفقود الى تجاوز كل السقوف التي كانت متوقعة تمهيدا لفرض رؤية اقتصادية ونقدية جديدة لا تتوافق مع نظرة الحاكم الحالي للمصرف المركزي ولا المصارف التي هالها ما هو مطروح من مشروع لافلاسها.
- الإعلان عن حال طوارىء تتقدم على ما تقول به التعبئة العامة بغية وضع حد لما يجري في الشارع المتفلت من كل الضوابط. فالانتفاضة بصورتها الجديدة امس تجاوزت ما كان قائما من قبل. فانضمام من انضم امس الى التحركات اقلق الجميع من اهل السراي الحكومي وبعض مكونات الحكومة والخصوم معا. وان كان البعض رغب في ان يعتبرها تعويضا او سعيا الى طي صفحة مساء "السبت المذهبي الاسود" الماضي فقد تجاوزت الاعتداءات منذ اللحظة الاولى ما كان متوقعا من بوادر الرفض الشعبي وهو ما قاد ليلا الى التحرك على مستوى مجلس الوزراء.
ليس في ما سبق ما يوحي بانتصار اي من اصحاب هذه السيناريوهات، فالاول صعب جدا وخطير في شكله وتوقيته ومضمونه. فالمس بالحاكم اليوم دونه عواقب لا تحتسب ببساطة، ومن يعتقد ان هناك من يتسلم مهماته لقلب الآلية المعتمدة غبي وغير طبيعي. والرهان على مواجهة القرارات الاميركية والعقوبات الدولية هو مجرد هراء. ودعاة هذا السيناريو الذي يقترحه "حزب الله" ومعه "التيار الوطني الحر" من ضمن دعوته الى قيادة جديدة تدير السلطة النقدية بعدما اسقطا كل الخطوط الحمر يدركان انه سيشق "الثنائي الشيعي" أولا، قبل ان ينعكس على بقية الأفرقاء عدا عن تجاوزه ما يقول به قانون النقد والتسليف والمعايير الدولية.
اما اصحاب السيناريوهين الآخرين فيدركون سلفا صعوبة الأول لفقدان المال الكافي للسيطرة على السوق وضمان استقراره، ومن يقول غير ذلك لا يريد ان يقرأ الواقع. كما استحالة الثاني بكل المقاييس السياسية والعسكرية فتطبيق "التعبئة العامة" كما تقول به اصولا لم يقر خوفاً من سطوة العسكر على شيء من السلطة. ولذلك كله، يبدو واضحا ان كل ما هو متوقع سلبي وخطير ويوحي بالاسوأ من اسقاط الحكومة او "الحاكم" في انتظار خطوة ما تحيي الامل في امكان نجاح السلطة الحالية بقيادة المرحلة مع العلم سلفا بالفشل المحتم. فزمن العجائب ولى من دون رجعة.

  • شارك الخبر