hit counter script

ليبانون فايلز - خاص خاص - ماريا واكيم - ليبانون فايلز

ديناميكية النظام الإقليمي ومسارات التحوّل... معالم غير واضحة

الثلاثاء ٦ حزيران ٢٠٢٣ - 10:15

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

السودان يشتعل... عُّلّقت مفاوضات وقف القتال، أو تمديد الهدن بينما اكتفى الاتحاد الافريقي وجماعات وقف القتال ومجلس الامن بإرسال سيل من النداءات والإستنكارات، في حين ان أصحاب هذه الشعارات يعلمون جيداً أن نار القتل التي تحرق السودان منذ عشرات السنوات، والتي إمتدت للمرة الاولى الى الخرطوم لا تهدد الدولة فقط بل محيطها الجيوسياسي أيضاً.

من السودان وصولاً الى الإتفاق الايراني- السعودي، وعودة سوريا الى الحضن العربي، تشهد منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا تحوّلات جيوإستراتيجية كبيرة، حيث باتت علاقة الولايات المتحدة بحلفائها التاريخيين في "العناية الفائقة".

بالعودة في التاريخ الى الوراء، إستطاعت أميركا الفوز ديبلوماسياً بعد الحرب الباردة وكسب الحلفاء الإقليميين الذين كانوا يبحثون عن حماية بديلة بعدما ترك البريطانيون مواقعهم شرق قناة السويس الى صفوفها، فباتت بذلك أكثر إنخراطاً في شؤون الشرق الاوسط من خلال السعي المستمر للمحافظة على أمن إسرائيل وحماية دول الخليج لضمان تدفق النفط اليها.

لكن في عالم السياسة، لا يختلف إثنان انه لا حلفاء ولا أعداء دائمين، وخير مثال على ذلك العلاقة الاميركية الخليجية التي خضعت لإختبارات متعددة ونخرت الأزمات المتوالية جسدها، كما وشكّلت الحرب الروسية- الأوكرانية منعطفاً هاماً تمخّض منه مواقف خليجية لم نشهد عليها من قبل، فالسعوديون والإماراتيون رفضوا طلب بايدن بضخ مزيدٍ من النفط في ظل ارتفاع الأسعار العالمية، كما والتحرّك الروسي غرباً منع الحكومة الإماراتية عن التصويت على قرار يدين الغزو الروسي في مجلس الأمن.

في الوقت الذي سعى فيه بايدن لحشد العالم ضد روسيا، إمتنعت السعودية والإمارات عن التعليق أو إتخاذ الإجراءات ضد شريكتهما في "أوبك بلس".

كانت المشكلات التي اصابت علاقة واشنطن بحلفائها تتطور ببطء، لا سيما ان الإدارات الأميركية المتعاقبة لم تعد تولي أهمية كبرى لنفط الخليج، بل عملت على توسيع مروحة المصادر فحاولت البحث عن بديل في بحر قزوين حيث التنافس الإقتصادي في أوجه، ونقلت المواجهة مع منافستها الصين الى جنوب شرق آسيا وبحر الصين الجنوبي.

على مرّ العقود، كانت التجارب خير دليل على عدم الثقة التي تكوّنت في دول الخليج إذاء واشنطن، فالحرب الاميركية في أفغانستان وتخليها عن حلفائها عند شعورها بالإمتعاض الداخلي منهم يزعزع مستقبل علاقاتها مع أي دولة، كما وتصميم إدارة بايدن على إتفاق نووي جديد مع إيران وتصويرها كمفاوض قوي لا يستسلم يجعل من التقارب الخليجي- الفارسي مسألة شبه حتميّة، ما يعزّز دور إيران كقوة إقليمية بارزة.

ولعلّ الصين التي تجتاح العالم وتنسج علاقاتها بجوارها الإقليمي من خلال ديبلوماسية ناعمة ومرنة، حيث المصالح الإقتصادية تعلو على السياسية خير حليف لدول تحتاج حماية أو رعاية إقليمية قوية نتيجة داخلها الهش، وسعيها الدائم إلى الإستقرار شبه المفقود نتيجة سياسات ديمغرافية وإجتماعية ضعيفة.

اضف الى ذلك طبيعة التكتلات الإقليمية والإعتماد المتبادل في ظل نظام عالمي غير واضح المعالم، حيث أن طبيعة التهديدات والمخاطر تبدّلت، فبعد ان كانت المخاطر الجغرافية التوسعية والقدرة العسكرية تشكّل قوة الدولة، بات الإقتصاد وإمتلاك التكنولوجيا المحدد الاساس لمفهوم القوة، كما وأن إمتلاك الأفراد للتكنولوجية الرخيصة باتت قادرة على إنشاء حروب سيبرانية معروفة البداية ومجهولة النهاية.

كما وأن طبيعة التكتلات الإقليمية المستقبلية لا تزال غير واضحة، منهم من يتحدّث عن نهاية "الديمقراطية"، منهم من يتحدّث عن تكتلات اساسها الدين والعرق، منهم من يتحدث عن منطقة إقتصادية ستخضع لسيطرة الـ"ين" الياباني.

لا شك أن النظام العالمي كما أي شيء متحرك ديناميكي يخضع لحركة التطور، لكن المعالم لا تزال غير واضحة بإنتظار ما ستؤول إليه المشاكل الإقليمية العالقة.

  • شارك الخبر