تصدرت منطقة المتن الشمالي قائمة المناطق اللبنانية في عدد الاصابات بفيروس كورونا، وحلت العاصمة بيروت ثانية، وكسروان في المرتبة الثالثة، في توزيع الاصابات، الأمر الذي طرح تساؤلات حول اسباب ارتفاع عدد المصابين بالفيروس مقارنة بأقضية أخرى. علماً ان البلدات الموزعة جبلاً وساحلاً غير مكتظة شعبياً وتتمتع بمواصفات البلدات النموذجية المراقبة والخاضعة للشروط الصحية.
لا يوجد تفسير علمي ومثبت لعملية الانتشار في منطقة دون أخرى، خصوصاً اذا كانت المناطق والناس ملتزمة الاجراءات الاحترازية. إلاّ ان الواضح ان تسلل الاصابات حصل من مصادر غير متوقعة، او من خلال عدد من الاشخاص الذين اختلطوا بمسافرين وأصدقاء أتوا من خارج البلاد، ومن مناطق انفجر فيها الوباء في مرحلة احتواء المرض، وحيث لم تظهر عليهم عوارض المرض.
وقد يكون من سوء حظ منطقة المتن ان تكون صاحبة اللون الأحمر القاتم على خريطة الحالات المؤكدة التي توزعها ادارة مخاطر الكوارث يوميا، وربما من حسن الحظ ان الناس في المتن على معرفة بكل حالة بحالتها وفي كل شارع وحي، وهذا ما دفع البلديات والمسؤولين السابقين والحاليين الى إعلان حالة طوارىء متنية. كما ان ابناء المتن من اكثر الملتزمين بالتعبئة العامة، وقد خلت شوارع البلدات الساحلية الكبرى والوسط والجبل من مظاهر الحياة والناس، احتماء من الفيروس، منذ اللحظة الاولى التي اعلنت الحكومة منع التجول والحجر المنزلي.
الفيروس لا منطقة له ولا حدود ولا دين، لكن من المفارقات ان مناطق الهرمل والنبطية والمنية والصنية ذات الكثافة السكانية المرتفعة والازدحام، لا تتجاوز فيها الحالات المؤكدة خمسة اشخاص، فيما مناطق اتخذت احتياطات من بداية الأزمة وليس فيها ضغط شعبي سجلت عددا مرتفعاً نسبياً من مصابي كورونا. ووفق مصادر متنية مسؤولة، فإن الأمر ربما يعود الى عملية التبليغ عن الاصابات في ما تتستر مناطق أخرى عن الحالات لديها.
من حسنات وايجابيات كورونا في المتن، انها خلقت حالة تعاضد غير مسبوقة بين الناس والمسؤولين في المنطقة، ومسارعة فعالياتها لنجدة المتن كما فعل الوزير السابق الياس بو صعب، الذي استأجر مستشفى لاستقبال حالات كورونا المنتشرة في القضاء.