hit counter script

ليبانون فايلز - أخبار محليّة أخبار محليّة

اللبناني قلب "الطاولة" على "الاسرائيليين".. رفع سقف المطالب ليس "مناورة"

الخميس ٥ تشرين الثاني ٢٠٢٠ - 07:03

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

سواء انتهت فوضى الانتخابات الاميركية بطي صفحة ولاية «المهرج» دونالد ترامب، او عاد الديموقراطيون الى البيت الابيض عبر جو بايدن، لا تنتاب الجانب اللبناني اي اوهام حيال نزاهة الوسيط الاميركي في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية جنوبا، فالادارتان «وجهان لعملة واحدة»، لكن ما قد يتغير مع ادارة جديدة ليس المضمون بل ربما الشكل، فترامب يستند في ادارة حكمه الى استراتيجية تجارية،ويرى أن رؤساء الدول هم مجرد مدراء، او رؤساء شركات، ويكفي وجود علاقة شخصية وطيدة مع زعيم او رئيس لاتمام الصفقة، هكذا ادارالتطبيع الخليجي مع «اسرائيل»، وعلاقته مع دول العالم، وهو اراد ان يدير ملف التفاوض البحري من خلال فريق عمله الدبلوماسي، وفقا للاسس نفسها وعلى طريقة الصفقات التجارية، ولهذا اصيب الجانب الاميركي بالصدمة في جلسة التفاوض الاخيرة، بعدما قلب المفاوض اللبناني «الطاولة»من خلال خرائطه الجديدة، وكان الظن ان هذا البلد المنهار غير قادر على المطالبة بصفقة رابحة وانما سيقبل ما يعرض عليه، وفق معادلة تقليل الخسائر لا تحقيق الارباح.

لكن المفاجأة كانت مدوية عندما رفع الجانب اللبناني سقف مطالبه، معززا بالوثائق المنسجمة مع القانون الدولي،وهو امر لا يعيره «الوسيط» الاميركي اي اهتمام فهو جاء الى التفاوض بصفته الطرف المخول تحديد ما يمكن منحه للبنان باعتباره الطرف الاضعف في ظل حالة الاهتراء السياسي والاقتصادي في البلاد، لكنهم اكتشفوا ان صلابة الوفد العسكري المغطى من قيادته في اليرزة، ومن قبل رئيس الجمهورية ميشال عون، يستند من جهة الى قوة «الحق»،والقانون الدولي من جهة اخرى، كما لا تغيب معادلة توازن الردع التي تمثلها المقاومة عن المشهد في الناقورة،ومن المنتظر ان تتظهر على نحو اوضح في الكلمة المرتقبة للامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في الحادي عشر من الجاري خلال احياء «يوم شهيد حزب الله، حيث سيُمنح الوفد المفاوض اللبناني ما يحتاجه للثبات على موقفه، والمضي قدما في عملية استرجاع حقوق لبنان المسلوبة، مهما علا الصراخ «الاسرائيلي» الرافض لاي مفاوضات على حقلي الغاز «كاريش» و«تنين»، ومهما ضغط الجانب الاميركي لدفع الجانب اللبناني الى «التواضع»..

وفي هذا السياق، تشير المعلومات الى ان التدخل الاميركي المباشر عبر السفيرة دوروثي شيا، او عبر راعي التفاوض الاممي،يان كوبيتش، اصطدم خلال الايام القليلة الماضية، بموقف لبناني حاسم يؤكد عدم التنازل عن الخريطة التي تم عرضها خلال جلسة التفاوض الاخيرة في الناقورة، وتبلغت واشنطن موقفا رسمياً حاسماً بان الامر ليس مناورة او رفع لسقف التفاوض تمهيدا للتنازل لاحقاً، فالمساحة الموثقة دوليا وهي تقارب 2300 كيلومتراً مربعاً، وليست 865 كيلومترا مربعا فقط، وهذا يعني ان حقلي «كاريس» وتنين»، جزئياً او كلياً، هما ضمن الحصة اللبنانية، وهذا الامر مسلم به، ويبقى التفاوض محصورا في احتساب نسب الحصص بين الجانبين..

ووفقا، لاوساط معنية بالملف، لم تكن السفيرة الاميركية «راضية»، ونصحت بعدم التعنت، لكنها ابلغت بان لا شيء يجبر لبنان على التنازل عن حقوقه، خصوصاً ان القانون الدولي يقف الى جانبه، بعد اسقاط «الذريعة الإسرائيلية» المبنية على «الخطأ» المرتكب ابان الترسيم الذي رعته حكومة الرئيس فؤاد السنيوة عام 2007 مع قبرص، فالمفاوض اللبناني يحمل معه الوثائق الدالة على التراجع عن هذا الخطأ، فالاتفاقية لم توقع، ولم تصبح قانوناً، وثمة مرسوم صدر عام 2011 من الحكومة اللبنانية عرف من خلاله المنطقة الاقتصادية الخالصة، وفق أحكام اتفاقية قانون البحار الصادر عن الامم المتحدة، ولدى المفاوضين اللبنايين إحداثيات وخرائط تحدد الحقوق اللبنانية من الجهات الغربية، والجنوبية، والشمالية، وهي موثقة لدى الامم المتحدة.

وفي هذا السياق، نجح المفاوض اللبناني في قلب «معادلة» التفاوض رأساً على عقب، ودفع بالمفاوض «الاسرائيلي» الى «الحائط» وجعله في موقف دفاعي، وبعدما كانت الاستراتيجية «الاسرائيلية» تقتضي بالمناورة لتحقيق افضل نتيجة من خلال مقاسمة لبنان مساحة 860كلم2 المتنازع عليها، ووضع الجانب اللبناني امام الامر الواقع للتسليم «بخط» هوف الذي يقضم نحو 60 بالمئة من الحقوق اللبنانية، وجدت «اسرائيل» نفسها تفاوض لحماية حقول الغاز لديها، وهي اضافة الى «كاريش» «وتنين» ثمة احتمال بان يضع لبنان حقل «ليفتان» على «طاولة» التفاوض ايضا!

اما النقطة المهمة التي يعمل المفاوض اللبناني على تثبيتها فتتعلق بالتوصل الى تصور نهائي غير قابل لاي انواع من المناورة حيال وضع قواعد واضحة تمنع استيلاء «الاسرائيليين» على مخزونات الغاز اللبناني من تحت البحر، تحت حجة تداخل «الآبار»،وهذا الامر يحتاج الى ضمانات رقابية من الامم المتحدة التي ستتولى مراقبة التنفيذ اذا ما نجحت المفاوضات.

لكن المشكلة الرئيسة في التفاوض فتبقى عدم انضمام «اسرائيل» الى معاهدة قانون البحار الموقعة عام 1983وهي لا تعترف بها كمرجع، وتسعى الى فرض تفاهمات «ثنائية» مع الجانب اللبناني من خلال وقائع تسعى الى فرضها دون اي مسوغ قانوني، ولذلك رفض الجانب اللبناني محاولة المفاوض «الاسرائيلي» المدعوم اميركياً، تثبيت احدى «الصخرات» الكبيرة في البحر كنقطة انطلاق للترسيم، ولا يزال يتمسك بموقفه بضرورة الانطلاق من نقطة «راس الناقورة»..

وفي الخلاصة، نجح لبنان حتى الان، في الشكل والمضمون، لم ُتمنح «اسرائيل» «الصورة» في الناقورة، ولم ُتمنح اي شرعية «بالاعتراف»، وفهم الاميركيون و«الاسرائيليون» جيداً بان حالة العوز الاقتصادية لن تدفع الجانب اللبناني الى «تسول» اي اتفاق، وباي ثمن.. الاميركيون «مصدومون»، و«الاسرائيليون غاضبون»، وظنا كلاهما ان التفاوض سيكون نزهة، لكن التعليمات للوفد اللبناني لا تزال على حالها، اصرار على الخرائط المدعومة بشرعية القانون الدولي، لا تنازل عن اي متر من الحقوق المائية، والغازية، والبرية،واي تهديد بوقف المفاوضات من العدو الاسرائيلي لن يغير قواعد التفاوض، وعليه تحمل مسؤولية ذلك، لبنان ينتظر ما سيحمله «الوسيط» الاميركي في جولة التفاوض المقبلة بعدما انتقل المفاوض اللبناني من الدفاع الى الهجوم،ويبقى الرهان على صمود القيادة السياسية اللبنانية على موقفها، سواء تشكلت الحكومة العتيدة او لم تتشكل، لكن ثمة خشية جدية لدى بعض القوى المؤثرة من حرمان لبنان من حقوقه،اذا رضخت بعض الاطراف السياسية للابتزاز الاميركي، فالمعركة تحتاج الى «ركاب»، وسيكون موقف المقاومة واضحاً لجهة دعم اي قرار تتخذه الدولة اللبنانية المسؤولة عن مفاوضات الترسيم، وما تراه حقوقا لبنانية سيكون الدفاع عنها مشروعاً بشتى الوسائل، فـ«اسرائيل» لا تملك «اليد العليا»، ويجب استغلال حاجتها لتطوير حقول الغاز الموجودة على حدود فلسطين المحتلة مع لبنان لانجاز هذا الملف دون شوائب او تنازلات.

ابراهيم ناصرالدين - الديار

  • شارك الخبر