hit counter script

ليبانون فايلز - أخبار محليّة أخبار محليّة

التعدّيات على الأملاك البحرية أكثر من 70 %: نتائج بيئية مُخيفة!

الأحد ٢٨ تشرين الثاني ٢٠٢١ - 07:17

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

إن التعديات على الأملاك العامة البحرية وغير البحرية لأمر محبط في لبنان، فالتعامل معه غير ذي أهمية ولا محاسبة أو رقابة أو حتى محاولة مقاومة لحيتان الأموال الذين يستغلون قوتهم ونفوذهم للتعدي على هذه الأملاك بحرية. تعتبر التعديات على الأملاك البحرية ضارة إلى درجة أكثر مما تبدو عليه، فهي لم تحرم اللبناني من الوصول إلى أكثر من ٧٠٪ من الشواطئ اللبنانية فحسب، بل تعدى ضررها البيئي والايكولوجي والإقتصاد وغيره من النواحي المختلفة للحياة بشكل عام.

للوقوف عند هذا الموضوع بالتفصيل العلمي، قامت «الديار» بالإتصال برئيس جمعية «نحن» محمد أيوب الذي أكد أن الدول التي تحترم نفسها تبقي شواطئها العامة مفتوحة أمام المواطنين، خصوصا أن تنظيم هذا الأمر يسهم أيضاً في جذب السياح والنشاطات الإقتصادية والإجتماعية والثقافية ويسهم في إنتعاش ونمو المدن المنتشرة على طول هذه الشواطئ، وبالتالي يجب التشديد على أهمية هذا الأمر. جمعية «نحن» قامت بدراسة تحت عنوان الإقتصاد والشاطئ لتبيان الجدوى الإقتصادية من فتح الشواطئ أمام العموم من عدمه وتبين في الدراسة أن المنتجعات الخاصة قد تفيد أشخاص محدودين، بينما فتحها أمام العموم سوف يفيد المدن القريبة منها بشكل أوسع وأكبر، حيث تبين أن دخل المدن بجانب الشواطئ المفتوحة زاد من ١٠ إلى ٧٠٪ بالإضافة إلى توظيف أكثر من ٦٠٠ شخص مقابل عدد ضئيل جداً من الأشخاص الموظفين في المنتجعات الخاصة، وبلديتي صور وكفرعبيدا أكبر مثال على نجاح هذه التجربة حيث يدخل إلى بلدية صور مثلا ٤ مليارات ليرة لبنانية في الموسم الواحد من خدمات الشاطئ المفتوح فقط.

ويجزم أيوب أن الأملاك العامة البحرية هي أموال عامة تفوق قيمتها الأموال التي تدفع بالسيولة كونها مورداً ثابتاً، معتبرا أن هذا الأمر يعرضها لأن تبقى عرضة للاطماع المتعددة التي توجب الحفاظ عليها كثروة وطنية وبذل كافة الجهود للحفاظ عليها.

وفيما يتعلق بالنواحي الإجتماعية والثقافية، يعتبر أيوب أن الشواطئ اللبنانية لطالما كانت مواقع لتلاقي الناس والقيام بالنشاطات والممارسات الثقافية كبحر العيد في صيدا، النوروز في دالية بيروت، أربعاء أيوب في الرملة البيضاء، والزامبو في الميناء، بالإضافة إلى المساحات التي كانت تستعمل لصيد الأسماك وتربية الأحياء المائية والمسطحات الملحية، كما المهن الاخرى المرتبطة بالبحر من صناعة شباك الصيد والمراكب وغيرها. هذه القيمة الثقافية باتت مهددة اليوم وفق الدراسة التي اجرتها الجمعية، إذ أنها باتت تحت تهديد الانقراض والانحصار بسبب التعديات على الاملاك البحرية وبالتالي حرمان الناس من مجالات التلاقي والإجتماع بهدف ممارسة النشاطات الثقافية والإجتماعية وحتى الإبداعية.

وفي الشق الأهم الذي إنطلق منه أيوب للتقدم بمشروع تعديل قانون، تقول الدراسة أن لبنان هو من الدول الموقعة على بروتوكول مدريد للإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية في حوض البحر الأبيض المتوسط الموقع في مدريد عام ٢٠٠٨ والذي أصبح نافذاً عام ٢٠١٧. يهدف البروتوكول إلى تعزيز الإدارة المتكاملة والمستدامة للمناطق الساحلية من خلال تحقيق التوازن الأفضل بين كما الساحل البيئية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية والترفيهية/السياحية مع التشديد على حماية المناطق ذات الأهمية الايكولوجية والمناظر الطبيعية والإستعمال الرشيد للموارد. ويضيف أيوب أن الدراسة القت الضوء أيضاً على القرار التشريعي رقم ١٤٤/س الصادر عام ١٩٢٥ والذي لديه قوة القانون ولا يزال ساري المفعول، حيث ينص على أن الأملاك العمومية لا تباع ولا تكتسب ملكيتها بمرور الزمن ذلك أن الإعتبار الأول هو بقاء تخصيصها للنفع العام، ويحق للدولة منح إجازة الاشغال المؤقت وبشكل إستثنائي وازالتها في أي لحظة على أن لا يترتب عن ذلك أي حقوق للمستثمر.

جمعية نحن تقدمت بمشروع تعديل قانون موازنة ٢٠١٧ عبر إضافة بند يحمل رقم ١٢ إلى المادة الحادية عشرة التي تتضمن إحدى عشر بنداً، على أن تنص على:

- بغض النظر عن الغاية من الأشغال سواء كانت زراعية، صناعية، سياحية، تجارية، أو خلافه، يحظر على أي جهة رسمية الترخيص لمصلحة أشخاص طبيعيين أو معنويين باشغال أملاك عمومية بحرية أو باشغال قعر المياه الإقليمية أو جوفها أو سطحها، على أن يتم إيقاف منح التراخيص للنشاطات كفى وذلك لحين وضع المخطط التوجيهي الشامل للشاطئ اللبناني موضع التنفيذ وبعد أن يصار إلى إزالة كافة التعديات عن الشاطئ.

- يحصر حق اشغال الأملاك العمومية البحرية بالدولة اللبنانية تأميناً لمقتضيات الدفاع الوطني والمصلحة العامة حصراً، شرط عدم الحق الضرر بالمدى المنظور أو البعيد بالمواقع البيئية والأثرية والتاريخية بصورة عامة والشاطئ بصورة خاصة.

-وجوب إخضاع أي ترخيص باشغال الأملاك العمومية البحرية لمصلحة الدولة اللبنانية للموافقة المسبقة من قبل وزارة البيئة ووزارة الأشغال العامة والنقل والمديرية العامة للتنظيم المدني ووزارة الثقافة.

وقامت «الديار» ايضا بالإتصال برئيس نادي العلوم، السيد أنطوان تيان الذي أكد أنه في ٦ حزيران من العام الحالي، أي في اليوم العالمي للبيئة، كان الموضوع الذي تبنته الأمم المتحدة هو إستعادة المنظومات الايكولوجية، واطلقت عقد مدته ١٠ سنوات للقيام بنشاطات ومبادرات لإستعادة هذه المنظومات. أهمية هذا الأمر في نظر تيان تكمن في أن حماية البيئة لا يمكن أن تتم دون حماية المنظومة الايكولوجية بشكل كلي وإعتبار كل عناصر المنظومة الحياتية واللاحياتية مهمة وأساسية، وبالتالي إن البيئة البحرية لا تقل أهمية عن البيئة البرية وتختلف بها المنظومات الايكولوجية كما تختلف في البرية وان أي تعدي على أي منظومة سوف يؤثر بشكل سلبي على كافة الكائنات الحية الموجودة داخل البيئة بشكل كامل.

وأكد تيان أن البحر في لبنان يتميز بتنوع التضاريس فيه كما هو الامر على اليابسة، وهو ما يغني ويكثر من أعداد المنظومات الايكولوجية المتواجدة فيه بشكل فريد من نوعه، وأن التعديات على الأملاك البحرية هو تعد مباشر الى هذه النظم الايكولوجية ويسبب خللا بالتنوع كونها، هذه النظم على علاقة مباشرة وغير مباشرة فيما بينها في البحر ومع النظم الأخرى المنتشرة على اليابسة لتخلق ما يسمى بالتوازن الطبيعي، وإن التعديات تخلق خللاً في هذا التوازن لتؤثر سلباً في الكثير من الأطراف ولعل أهمها وأكثرها ضرراً الانسان. تيان أوضح أن هذا الضرر يتمثل بالعديد من الأمور أهمها أن التعديات على الأملاك البحرية كرمي الردميات والبناء القريب وغيره من الأعمال العشوائية التي حصلت، سببت خسارة في الثروة السمكية والبحرية التي يتمتع بها لبنان، كما ساهمت في تغيير نوعية الحياة والمشاركة في التسبب بالمزيد من الاحتباس الحراري الذي إنعكس إختفاء أنواع بحرية من بحرنا وظهور أنواع أخرى غريبة على البيئة البحرية اللبنانية.

من ناحية أخرى تحدث تيان عن تلوث مياه البحر بسبب هذه التعديات وهو ما سبب خسارة في الأملاح البحرية عبر تلويثها بالميكروبلاستيك و المواد الملوثة الأخرى الخطيرة و التي تصل إلى الإستهلاك البشري عبر ملح الطعام، وهي التي كانت تعد أيضاً ثروة يتغنى بها لبنان. وفي سياق متصل تحدث تيان أيضاً عن تعديات من نوع أخر كرمي النفايات في البحر الناتج عن النشاطات الترفيهية أو عن كميات النفط التي ترمى من حركة السفن والقوارب والتي تؤثر بشكل مباشر وأولي على الحيوانات البحرية المجهرية المسؤولة عن تحويل المواد العضوية إلى عضوية والنباتات البحرية المجهرية التي تطفو على وجه المياه وتساهم في عملية التمثيل الضوئي.

بالإضافة إلى ما سبق ذكره، لفت تيان إلى خطورة مياه الصرف الصحي المتأتية عن هذه التعديات تحديداً والتي باتت تصب على الشواطئ لا في عرض البحر والتي يعجز عن تفكيكها الحيوانات البحرية المجهرية، وبالتالي يتوجب تكريرها ومعالجتها قبل رميها لتصبح أقل سموماً وأن يتم تفريغها في عرض البحر حيث توجد كثافة أكبر للحيوانات البحرية المجهرية وتصبح عملية تفكيكها أسرع (هذا فيما خص المواد البيولوجية) أما المواد الكيماوية فتصبح في عرض البحر إمكانية تخفيف كثافتها أكبر.

وإلى جانب المنظومة الايكولوجية ومدى تأثرها بالتعديات المذكورة سابقاً، تحدث تيان عن أن تغيير المعالم الجيولوجية على الشواطئ وفي أرضية المياه القريبة كحفر الرمال وتكسير الصخور وغيره في المناطق التي تشهد هكذا تعديات من شأنها أن تضيف خللاً أخراً غير مرجو ومؤذي.

في الختام أكد تيان أن نادي العلوم يعمل على قدم وساق للإضاءة على النظم الايكولوجية على الأرض وفي البحر وهو يقوم بشكل دائم بعرض حلقات عبر صفحاته على الانترنت للتوعية عن هذا الموضوع، كما أنه ملتزم بالحملة التي اطلقتها الأمم المتحدة لإستعادة النظم الايكولوجية البرية والبحرية.

رجاء الخطيب- الديار

  • شارك الخبر