ليبانون فايلز - مقالات مختارة مقالات مختارة
"فرنجية يوك"... ماذا عن التسوية؟
السبت ٢٥ آذار ٢٠٢٣ - 06:01
كل شيء يدور حول التسوية الإيرانية - السعودية وانعكاساتها على لبنان لا سيما على ملف الرئاسة، إذ إنه من الواضح أن أي تسوية أو تفاهما لا يشمل موضوع الرئاسة لا لون له ولا طعم وأن استكمال الحديث عن المواصفات ما هو إلا مضيعة للوقت، فالجميع بات يعرف المواصفات ويعرفها عن ظهر قلب وهي أصبحت لازمة يرددها كل المرشحين والطامحين إلى موقع الرئاسة، كما اللازمة التي رافقت الطامحين في الـ2016 والقائلة بتأييد اتفاق الطائف حتى أنه لم يبقَ شخص واحد في الجمهورية إلّا وأعلن التزامه به وتأييده له، وأصبحت قيمته توازي الشهادتين عند المسلمين وفعل الإيمان عند المسيحيين. واليوم يعلن كل طامح ولنقلها بصراحة كل ماروني، فكل ماروني هو مشروع رئيس في قرارة نفسه وهو في ذلك يطبق مقولة «ليه مش أنا»، يعلنون أنهم مطابقون للمواصفات. والمواصفات وكما يعلمها الجميع هي عموميات وتشبه إلى حد بعيد ما تعلّمه طالب البريفيه في كتاب التربية المدنية، يعني وبدون لف ودوران المطلوب شهادة بريفيه للترشح لرئاسة الجمهورية.
فلا الحيثية السياسية مطلوبة ولا حتى الخبرة بالشان العام، فأصبح الجميع يتحدث عن الحيثية الوطنية وكأن الوطن كل الوطن دخل في بازار الانتخابات وكأن هنالك خونة لا سمح الله أو متعاملون مع الخارج لا يمكنهم الترشح. فالجميع يؤمن بالوطن وهو وطني بالكامل حتى ولو كانت علاقاته الخارجية تتخطى الميول فتجنح صوب الإملاءات. نعم وبكل بساطة وبغياب التفاهم الداخلي على الرئيس، يصبح الخارج هو من يأتي بالرئيس وله التأثير الكبير إن لم يكن الوحيد في هذا الموضوع.
ولكن السؤال سيبقى، هل يستطيع الخارج أياً يكن هذا الخارج الإتيان برئيس خارج إطار تفاهم اللبنانيين؟ أي بمعنى أوضح هل يستطيع الخارج فرض رئيس على اللبنانيين؟ وماذا عن حيثية الطامحين الذين يتمتعون بالحيثية السياسية والحيثية داخل طائفتهم، تتقدم على الحيثية الوطنية؟ وبمعنى أوضح ماذا عن الذين يتمتعون بتأييد الطائفة المارونية والتأييد المسيحي؟
فالمنصب هو في الأساس للمسيحيين وتحديداً للموارنة، إلّا إذا كان المطلوب تغيير شروط اللعبة فنعود إلى زمن المتصرفية فيؤتى برئيس مسيحي من الإمبراطورية العثمانية ولكن ليس من جبل لبنان، يومها اتفقت الدول الست على ذلك وكلف الباب العالي تطبيق الاتفاق. فهل تغيّرت اللعبة اليوم ليؤتى برئيس مسيحي ولكن من خارج الحيثية المسيحية؟ أي بمعنى آخر هل يأتي التفاهم الدولي برئيس مسيحي ولكن لا يرضى عنه المسيحيون؟
لقد جرى سابقاً تجربة ذلك وحاول المجتمع الدولي فرض رئيس على اللبنانيين ومثال مخايل الضاهر لم يزل في الأذهان «مخايل الضاهر أو الفوضى».
عملية الفرض هذه لم تنجح في السابق وهي اليوم تبدو ولغاية كتابة هذه السطور مستحيلة، فترشيح سليمان فرنجية أصبح في خبر كان، وقائد الجيش دونه عقبات أكثر من أن تحصى أو تُعد. فهل يلجأ الخارج إلى لعبة الضغط على اللبنانيين من جديد؟ البعض يقول أن عملية الضغط بدأت فعلاً وأن التلاعب بالدولار صعوداً ونزولاً هو من أدوات اللعبة الجهنمية، وذلك لزعزعة الأسواق بشكل لا تتلاءم لا مع الارتفاع الجنوني للدولار ولا مع انخفاضه الجنوني، وكلها أساليب شيطانية لا يمكن أن تتم بدون رضى وموافقة حاكم المركزي وأصحاب المصارف. لقد خسر رياض سلامة كل شيء وليس أقلّه زوال طموحه وبشكل نهائي من حلم الرئاسة عدا عن تشويه السمعة والملاحقة القضائية المفتوحة، وهو يطبق مقولة: أنا الغريق فما خوفي من البلل. أما أصحاب المصارف فإنهم يعتقدون أنهم إذا مشوا باللعبة فإنهم سيفلتون من العقاب ولن يتحملوا تبعات أفعالهم الجرمية.
لقد بات من الثابت حتى الآن أن سليمان فرنجية يوك وأن الغموض يلف المرشحين المحتملين، فماذا عن مصير التسوية؟
حبيب البستاني- اللواء