ليبانون فايلز - مقالات مختارة مقالات مختارة - هيام عيد - الديار
البطريرك الراعي على مسافة واحدة من القيادات المسيحيّة
السبت ٤ شباط ٢٠٢٣ - 08:13
لا يبدو أن البطريرك بشارة الراعي، يستعد اليوم لإطلاق أي مبادرة رسمية من بكركي، من أجل جمع الأقطاب الموارنة لبحث ملف استحقاق رئاسة الجمهورية الذي بات أمام منعطفٍ خطير، بحيث تؤكد مصادر سياسية مسيحية مواكبة، بأن البطريرك الراعي، ما زال يعمل في مقاربة الإستحقاق الرئاسي وفق الإستراتيجية نفسها، والتي ثبت عليها منذ ما قبل انتهاء عهد الرئيس السابق ميشال عون. فالبطريرك الراعي، وكما تنقل عنه هذه المصادر، يقف على مسافة واحدة من كل القيادات والمرجعيات السياسية المسيحية، ويدرك أن التباينات في ما بينها كبير وعميق جداً، ولن تؤدي أية لقاءات أو اجتماعات ذات طابعٍ خاص بالملف الرئاسي، إلى توحيد الموقف بينهما، أو حتى تقاطعها كلها على ورقة عمل مشتركة، أو الوصول إلى صياغة نواة اتفاق سياسي تحت عنوان حصري ووحيد، وهو إنجاز الإنتخابات الرئاسية في أقرب فرصة ممكنة.
وعلى الرغم من أن البطريرك الراعي، قد رفع سقف خطابه عالياً في مواقفه وعظاته الأخيرة خلال القداس الذي يرأسه كل أحد، فإن المصادر السياسية المسيحية، ترى أن القيادات المعنية بالإستحقاق الرئاسي، لا تعتبر أنها في دائرة هذه المواقف، أو أنها مسؤولة عن عدم الوصول حتى اليوم إلى انتخاب رئيسٍ للجمهورية، وبالتالي، فإن كل "زعيم" يحمّل غيره مسؤولية استمرار الشغور في قصر بعبدا، خصوصاً وأن الأقطاب المسيحيين ينظرون إلى انتخاب الرئيس من زاوية مختلفة كل واحد منهم عن الآخر، ولتدعيم نظرتهم هذه، يعتمدون أكثر من مقاربة أو تفسير أو حتى "اجتهاد" سياسي وطني ومسيحي، وإنما من دون نجاح أي من هذه القيادات، في المبادرة تجاه الآخر أو التراجع خطوةً إلى الوراء تحت سقف ملء الشغور الرئاسي الحاصل، والحدّ من الإرتدادات الكارثية له على كل المستويات.
وبالتالي، فإن "تحميل النواب" عموماً مسؤولية الإنهيار بإحجامهم عن انتخاب رئيس الجمهورية، قد قرأته المصادر المواكبة نفسها، في سياق دقّ جرس الإنذار لكل القوى السياسية مجتمعةً، وليس فقط للقيادات المسيحية، وذلك، من أجل الخروج من منطقة المراوحة والإنقسامات الحالية، ومباشرة الإضطلاع بدورٍ محوري وجدي يتجاوز كل الحسابات السياسية والطائفية، والتركيز على إتمام الإستحقاق من دون أي تأخير.
ومن هنا، فإن أي دعوة قد يوجّهها البطريرك الراعي إلى اجتماع يعقد في الصرح البطريركي، بغطاء من القيادات الروحية المسيحية كافة، بعد القمة الأخيرة في بكركي، وفق ما تكشف المصادر نفسها، هي حالياً قيد الدرس لأسبابٍ عدة تتعلق بالأهداف المستقبلية للرئيس العتيد، والتي قد لا تكون مشتركةً بين رؤساء الكتل النيابية التي قد تستجيب للدعوة، مع العلم أن التركيز ينصبّ على عدم إبقاء أسباب الأزمة في استمرار الخلاف المسيحي، على الأقلّ راهناً، بحيث تكون أي قمة قد تتمّ الدعوة إليها، منطلقاً لتوحيد الموقف المسيحي، وإن كانت المصادر المسيحية، لا تبني الكثير من التوقعات الإيجابية على ما قد ينتج عن أي لقاء مسيحي للأقطاب أو للنواب في بكركي، وهو ما قد يدفع نحو التريّث على هذا الصعيد.