ليبانون فايلز - خاص خاص - علاء الخوري
بكركي تستعيد زخمها: هل تجمع الأقطاب المسيحيين؟
الجمعة ٣ شباط ٢٠٢٣ - 00:35
إستمع للخبر
تتجنب بكركي الرد بالمباشر أو عبر قنواتها على أي فريق سياسي يُحاول زجها في لعبة المحاور، وتُفضل العمل بصمت وفي كثير من الاحيان بعيدا من الاعلام لحل ورقة التوت الرئاسية، ولكنها في المقابل تواجه منظومة متكاملة تسعى الى البقاء كلاعب قوي على الارض بعد أن انهكتها تجاربها المريرة داخل السلطة.
لفترة طويلة كانت بكركي بعيدة عن الاستحقاقات، أو بالاصح "مُستبعدة" من قبل بعض الاطراف المسيحية، فهي التي كانت لها مواقف تاريخية في الوجدان المسيحي مع الجمهورية الثانية حين دعت الى المقاطعة للانتخابات النيابية عام 1992 مرورا بدفاعها الشرس عن الوجدان المسيحي في تلك الحقبة والذي أنتج بيان المطارنة عام 2000 ليعقب ذلك لقاء قرنة شهوان حيث كانت بكركي عرابته، وصولا الى العام 2005 حيث دفعتها التطورات الى الذهاب بعيدا في تبني العناوين السيادية التي أطلقتها ساحة 14 آذار، قبل أن تعتكف وتترك الساحة الى الاحزاب المسيحية من التيار الى القوات والكتائب فالمرده.. أحزاب اختارت المواجهة فيما بينها بعيدا عن "مشورة" بكركي، وذهب بعض قيادات تلك الاحزاب بعيدا في هجومه على رأس الكنيسة وتقديم شكاوى بالجملة عليه لاسيما بعد العام 2005، والحديث هنا عن البطريرك نصرالله بطرس صفير الذي عانى من الهجمات المرتدة عليه وظل على موقفه المتمسك بهوية لبنان وسيادته وهو موقف يُحاكي قسما كبيرا من المسيحيين.
محطات كثيرة شهدها لبنان بعد العام 2005 ولعل أبرزها المصالحة المسيحية المسيحية والتسوية السياسية التي جاءت بالرئيس ميشال عون الى كرسي بعبدا، وما تبعها من حكومات وتفاهمات كانت بكركي بعيدة عنها. وكانت "سكرة الشامبانيا" تدور برأس الطرف المسيحي في السلطة وتدفعه نحو عقد الصفقات في شهر العسل الرئاسي حيث لا ناقة لبكركي به ولا جمل، فتراجع دور الكنيسة في هذه الفترة واقتصر على عظات وأفكار لم يأخذ منها الفريق السياسي المسيحي الا بعض الافكار لانتقادها أو تركها من دون تعليق مكتفيا بالسير وفق أجندته الحزبية الخاصة.
جاءت ثورة 17 تشرين وتلقى الشارع المسيحي من أحزاب ومؤسسات ومستثمرين الضربة تلو الأُخرى، واستيقظ الطرف المسيحي على خسائر فادحة اصابته وحده من دون الاطراف الأٌخرى التي ساهمت بإغراقه في المستنقع الداخلي، وجاء الاهتمام الدولي ببكركي ليعيدها كلاعب أساسي لأي استحقاق، فلجأ التيار الوطني الحر عبر رئيسه جبران باسيل الى الصرح طالبا "اللجوء الكنسي"، بعد أن وجد نفسه محاصرا من قبل الاصدقاء قبل الخصوم. ووجد الشريك الآخر أن البلاد كما تسير اليوم ذاهبة حكما نحور التحلل والمطلوب محاور جيد وقادر على جمع الساحة المسيحية، فوجد في بكركي ملاذا آمنا لهذا المطلب، ومصلحة مشتركة مع القوى الأُخرى لتدارك الوضع قبل الانهيار.
وفيما تستضيف باريس يوم الإثنين المقبل اجتماعاً مخصّصاً للبنان يضمّ ممثّلين عن كلّ من فرنسا والولايات المتّحدة والسعودية وقطر ومصر في محاولة لتشجيع السياسيين اللبنانيين على إيجاد مخرج للأزمة التي يتخبّط فيها بلدهم، كما جاء في بيان للخارجية الفرنسية، من المنتظر أن تُلاقي بكركي هذه المساعي عبر الدفع بالقوى السياسية وتحديدا المسيحية الى الاتفاق على رئيس للجمهورية في مهلة لا تتعدى آخر آذار المقبل، على أن تعقد اجتماعات مع قيادات الصف الاول من القوى المسيحية حيث تشير المعلومات الى رغبة البطريرك الراعي وعمله الدائم على جمع كل من رئيس حزب القوات سمير جعجع برئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل اضافة الى رئيس تيار المرده سليمان فرنجية، الا أن هذا اللقاء لن يعقد ان لم يقرر كل طرف التنازل عن مطلبه والتوافق بشكل جدي على اسم مرشح يحظى ايضا بموافقة القوى السياسية في البلاد.
واليوم تسعى بكركي الى جمع النواب المسيحيين من دون أن يعني ذلك الوصول الى توافق حتمي على مرشح رئاسي، فبورصة الاسماء تضيق وبات الخيار بحسب المطلعين على الملف محكوم باثنين لا ثالث لهما.