ليبانون فايلز - خاص خاص - جاكلين بولس
أزمة نتنياهو بعد الحرب على غزة أكبر من توقعاته
السبت ١٨ تشرين الثاني ٢٠٢٣ - 00:11
لم تكن أزمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل السابع من تشرين الأول سهلة، وهو الذي أراد أن يعلي موقعه السياسي فوق السلطة القضائية لتجنيب نفسه المحاسبة والمساءلة، التي إن حصلت ستودي به إلى السجن بسبب ملفات الفساد التي تطوّقه مع زوجته على حدٍ سواء.
التعديلات القضائية أحدثت شرخاً كبيراً في الشارع الإسرائيلي، سبق طوفان الأٌقصى وربما ظهرت تداعياته بشكل أوضح في كيفية إدارة ملف الأسرى والرهائن لدى حركة حماس وإدارة المعركة الانتقامية بشكل عام.
يواجه نتنياهو اليوم ثلاث معضلات أساسية عليه أن يختار في ما بينها وهي ستحدد مسار الحرب وما بعدها، وهذه المعضلات بحسب خبير استراتيجي يمكن اختصارها بالآتي:
-أولاً: الاختيار بين استمرار الحرب على غزة أو فتح حرب ضد لبنان، وهو لا يستطيع الذهاب نحو الخيار الثاني، لأن كامل القوات النظامية الإسرائيلية موجود في غزة ومحيطها، فيما دفع بقوات الاحتياط إلى الجبهة الشمالية مع لبنان، وهو يعرف جيداً أن عامل الوقت لا يلعب لمصلحته، فالمتاح له راهناً يمكّنه من تحقيقٍ جزئي لأهدافه في غزة وليس بالكامل، إذاً هو لا يستطيع فتح جبهة أخرى.
-ثانياً: الاختيار بين القضاء على حماس واغتيال قادتها وتدمير بنيتها العسكرية ونظام الأنفاق، أو إعادة المحتجزين أحياء لدى حماس كما تعهّد للإسرائيليين، وهو لا يستطيع تحقيق الهدفين، لأنه يعي تماماً أنه إذا استمر بتدمير البنية التحتية لحماس وتدمير الأنفاق لن يعيد الرهائن أحياء وخير دليل على ذلك العثور على عدد من جثثهم في محيط مستشفى الشفاء، وقد أصبحت استعادة المحتجزين أولوية أكبر من القضاء على مقدّرات حماس العسكرية في غزة، وما استهداف المستشفيات سوى وسيلة للوصول إلى جثث الإسرائيليين المحتجزين بعدما أعلنت حماس عن مقتل عدد منهم بالقصف الإسرائيلي على قطاع غزة، والاحتفاظ بالجثث يكون عادة في الثلاجات وهو ما عمل الجيش الإسرائيلي على الوصول إليه من خلال تدمير كامل القطاع الصحي في القطاع.
-ثالثاً: على نتنياهو أن يفاضل بعد الحرب بين الإدارة الأميركية أو إئتلافه الحكومي، بما معناه أن هذا الائتلاف يفرض عليه بعد دخوله إلى غزة البقاء فيها وإعادة بناء "غوش قاطيف" وباقي المستوطنات، فيما تطالبه الإدارة الأميركية بالانسحاب، وعليه فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي سيخسر بعد الحرب إما الإدارة الأميركية وإما إئتلافه الحكومي.
هذه المفاضلات الثلاث تفرض نفسها على نتنياهو فهو لا يستطيع تحقيقها كلها، ما يجعل وضعه ووضع إسرائيل متأزّماً لأنّ كل ما نتج عن هذه الحرب يشكّل عبءاً سياسياً وعسكرياً واقتصادياً ويشكّل تحديات كبيرة لا بدّ لنتنياهو أن يخرج خاسراً في جزء منها.
ومع تدحرج الأمور والعنف الذي يتعاطى به الجيش الإسرائيلي مع المدنيين والأطفال والنساء والخسائر البشرية الضخمة التي تُسجّل في صفوفهم، وقد أقرّ نتنياهو بالفشل في حماية المدنيين، بدأ الرأي العام العالمي على المستويين السياسي والشعبي يطالبه بوقف العدوان على غزة، وطلبت كل من جنوب إفريقيا وبوليفيا وبنغلاديش وجزر القمر وجيبوتي من الجنائية الدولية التحقيق في هجمات إسرائيل على غزة، فيما حضّ مجلس الحكماء، وهي مجموعة أسسها نيلسون مانديلا وتضم مسؤولين كباراً وناشطين في مجال السلام وحقوق الإنسان وعدداً من الحاصلين على جوائز نوبل للسلام، الرئيسَ الأميركي جو بايدن على إرساء خطة لسلام دائم وشامل في الشرق الأوسط، وتجنّد أكثر من ثلاثمئة محامٍ يتقدّمهم الفرنسي "جيل دايفر" ليشكّلوا جيش الدفاع عن الشعب الفلسطيني بوجه وحشية نتنياهو وهو الذي وقف أمام قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي "مايكل كوريلا" أمس شارحاً مسار العملية البرية وأهداف إسرائيل النهائية من خلالها.