تقصّدت واشنطن ضخّ جرعة من التفاؤل في مسعاها التفاوضي من أجل إرساء التسوية التي طال انتظارها بين تل أبيب وحركة حماس، متجاوزة كذلك تداعيات اغتيال رئيس المكتب السياسي في حماس اسماعيل هنية. إذ أعلن وزير الخارجية أنتوني بلنكن أن "محادثات صفقة التبادل وصلت الى مرحلة نهائية وحرجة ويتعيّن على الطرفين التوصل الى توافقات في اقرب وقت ممكن"، مُقلّلا في الوقت عينه من أهمية تعيين يحيى السنوار بديلا من هنية، فيما كشف المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي "وجود اقتراح جيد معروض على تل أبيب وحماس يجب قبوله", داعيا السنوار الى قبول وقف النار واطلاق الرهائن.

وتوجَّه بدوره الى ايران بالقول: جهودنا الديبلوماسية مستمرة، واذا قررت طهران تنفيذ تهديدها, فنحن في وضع عسكري جيد لردعها.

وبات واضحا أن هذا الضغط الأميركي ينطوي على اصرار الإدارة الديموقراطية على تحقيق اختراق كبير يؤدي إلى وقف الحرب في غزة مع ما يستتبعه من وقف المعارك بين تل أبيب وحزب الله عند الحدود اللبنانية - الإسرائيلية، ما يعينها في الانتخابات الرئاسية التي باتت تشكل مفصلا رئيسا في توجهات المنطقة.

ولا ريب أن واشنطن لا تزال تعوّل على حوارها مع طهران عبر الفناة العُمانية، فيما كان لافتا أن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في حديثه الهاتفي مع نظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون ,حدّد لواشنطن ودولِ الغرب سبل تجنّب اندلاع الحرب، داعيا اياهما الى اجبار إسرائيل على وقف الإبادة الجماعية وقبول وقف النار. وفي هذه الدعوة ملامح صفقة تبحث عنها طهران ربما كتعويض عن ما لحق بها من أذى نتيجة اغتيال هنية على أرضها.

في الموازاة، تقصّد الحزب رفع وتيرة تدخله العسكري في رسالة يريد منها القول أنه لم يتأثر باغتيال القائد العسكري فؤاد شكر، وهو ما أبرزه الأمين العام السيد حسن نصرالله في كلمته أول من أمس الثلاثاء.

لكن يبقى أكبر ضحايا كل هذه التطورات الملف الرئاسي الذي بات غائبا عن أي تداول محلي لولا المطارنة الموارنة الذين طالبوا رئيس مجلس النواب نبيه بري بالدعوة إلى جلسةٍ نيابيّة بدوراتٍ متتالية حتى إنتخاب الرئيس، أمام الأخطار التي تهدّد الوطن وهول الحرب الدائرة في جنوب لبنان، ولأنّ الدولة يجب أن تكون حاضرة بكلّ مؤسّساتها وأجهزتها لمواجهة هذا الواقع المصيريّ"، داعين "كلّ الكتل النيابيّة إلى المشاركة في هذه العمليّة الدستوريّة الأساسيّة".