hit counter script

ليبانون فايلز - فن وإعلام فن وإعلام

نتاشا شوفاني: الفرص مكافأة التعب

الجمعة ٢٦ أيار ٢٠٢٣ - 06:57

  • x
  • ع
  • ع
  • ع
اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

من حقيقة أنّ الحياة دموع وابتسامات، تنظر الممثلة اللبنانية نتاشا شوفاني إلى الفن. في الإنجليزية، يصبح التعبير أدق: «Ups and Downs»، مع أحمال إضافية مُلقاة على البدايات. تصارح «الشرق الأوسط» بأنها كانت صعبة: «قلتُ لنفسي لن أستطيع الاستمرار، لكنّ شغفي بالتمثيل ظلّ يهمس بأن أحاول».

من المحاولات، راحت تثبت أنها جديرة بالفرص. حضورها في العملَيْن الضخمَيْن «دكة العبيد» و«سفربرلك» (إم بي سي)، شكّل منعطفاً. صحيح أنّ الأشياء لا تكون أحياناً بحجم التصوّرات، لكن ما يجعلها تُغلّب الرضى على جَلْد النَفس هو هذه القناعة: «أنا اليوم أفضل من الأمس، وأعمل لأكون غداً أفضل من اليوم».

أَحبّت «توجان»، شخصيتها في «دكة العبيد» بسبب تطوّر الدور. فالبداية الفطرية، تتحوّل، تحت الظرف، إلى وعي بحقيقة طباع البشر. وأمتعتها «هنا»، شخصيتها في «سفربرلك» لقدرتها على اتخاذ القرار وحبّها للدراسة، فيما فتيات تلك المرحلة لم يكنَّ على مستوى تعليمي عالٍ. هدوء الملامح لا يتناقض مع القوة الداخلية. يُكملها.

جزآن من «دكة العبيد»، تتحدّث شوفاني عن خوضها خلالهما متعة الرحلة: «حين تُباع (توجان)، إذعاناً لواقع العبودية؛ تحوّل الصدمة إلى درس. تصبح على دراية بالشرّ الإنساني وتدرّب نفسها على التعامل مع قسوة العالم الخارجي. تطلّب الدور التحدّث بإنجليزية مختلفة عما أتقن. التحدّي لم يكن اللغة فحسب، بل المرور بمراحل تغيير الشخصية وعدم التفريط بحسّها المرِح وسط الغضب».

ليس حجم الدور أو مكان التصوير، أول هواجسها مع كل مشروع جديد. تقول: «أصبّ اهتمامي على الشخصية وارتداداتها. وأنتظر من القراءة الأولى للنص أن تحرّك إحساسي. عليها منحي جواباً على سؤالي: هل أمسكتُ بالدور أم لا؟ حاجتي للشعور بأنني معنيّة بها، تفوق اهتمامات متعلقة بمكان التصوير وصنف العمل».

تتحدّث عن الزحمة الأخيرة: «الجزء الثاني من (عنبر 6) تعرضه (شاهد) قريباً، كما أنني صوّرتُ (ترتيب خاص)، مسلسل سوري - لبناني أنتظر عرضه. في (ثمانية) المصري، كنتُ اللبنانية الوحيدة بين ممثلين عرب. (سفربرلك) أتاح تجربة خليجية - عربية، وأدّيتُ دوري في (دكة العبيد) بين خليط جنسيات هائل. هذا غنى الممثل».

إنما تبقى غصّة عالقة: «الجمهور اللبناني قد لا يتابع الأعمال المذكورة كما ينكب على مسلسل محلّي. لذا، يشعر البعض بغيابي. حين عدتُ إلى لبنان بعد التصوير، تكاثرت الأسئلة: (وينك؟ اشتقنالك، ما عم نشوفك على التلفزيون!). مهما بلغت نجاحات الممثل في العالم، يلفحه إحساسٌ بالنقص ما لم يشاركه إياها أبناء بلده».

ترى الفرص «مكافأة من الله»، وتشرح: «البعض حين تتكاثر فرصه، يختزلها بعبارة (حظي حلو). بالنسبة إليّ، الفرص خلاصة الاجتهاد في الوضعية الصحيحة. فحين ألتزم وأتطوّر وأشعر بالتعب، ومع ذلك أتابع عملي، فهذا نتيجة منطقية لبلوغ الأهداف. أما قلّة الحظ فهي إنذار بأن أعيد المحاولة. كأنّ شيئاً ما لا يعمل كما يجب وعليّ إصلاحه».

تذكُر البدايات حين لم يمسك أحد بيدها: «تعلّمتُ من أخطائي وأخطاء غيري. هكذا يتطوّر الإنسان، بالتوق إلى الوعي. لم يوجّهني أحد كما يحدث مع غير ممثلين. صحّحتُ وتعلّمتُ. بالنظر إلى الماضي واليوم؛ نعم أتغيّر».

هي ممن يفضّلون أدواراً على أخرى من منطلق غَرْفها بعض ذاتها لاكتمال الشخصية. تذكُر أدواراً مع ابتسامة، وثمة أدوار تفضّل ألا تتذكرها. المفاجأة هي ردّ فعل الجمهور: «يعني لي مسّ دواخلهم. بعض الشخصيات متعبة، حملتها معي إلى ما بعد انطفاء الكاميرا. وأخرى تطلّبت وقتاً للتحرّر منها. في النهاية، المهم هو الأداء. عليه ألا يتأثر بموقف الممثل من الشخصية».

يبقى معيارها حيال قُرب الشخصية منها، وبُعدها عنها، هو تطوّرها: «أَحبّ الأدوار هو الدور المتحرّك، حيث أقتفي بداية الشخصية ونهايتها والفراغات الواجب ملؤها. أصبحتُ حذرة من أدوار تُبقيني في دوامة. رحلة الشخصية متعتي».

سبق وتكرّست صورتها بالبكّاءة طوال الوقت. أكثر من مسلسل والوجه كئيب يذرف الدمع، حتى كاد المُشاهد ينفر! كيف تعلّل؟ تروي: «صدف أنني صوّرت ثلاثة أدوار يغلب عليها الحزن، وذلك بمسافة زمنية بين دور وآخر. المفارقة أنّ المسلسلات الثلاثة عُرضت تقريباً في وقت واحد، مما جعل المُشاهد يُقلّب المحطة فيصطدم بي باكية على أخرى». تعود إلى مبدأ رحلة الشخصية: «لستُ ضدّ الأدوار الحزينة. المهم عندي هو تطوّرها».

السؤال «لماذا»، هو لبّ علاقتها بالشخصيات والخطوة الأولى نحو فهم الدواخل: «حتى الأشرار لديهم دافع. حين أتساءل، (لماذا حدث ذلك؟ ولماذا وصلت الأمور إلى هنا؟)، فهذا لا يعني أنني أمنح الأذى، مثلاً، مبررات. أبحث عن الرسالة الاجتماعية وسط الخير والشرّ».

بملامح طبيعية ووجه يحتمل تصديقه، تؤدي نتاشا شوفاني الأدوار. بعد الصخب، تبحث عن ساعات تصفها بـ«الحميمية»، تمضيها في الكتابة والرسم. هنا تعتزل العالم وتتوق إلى السلام. الأمر بمثابة هروب، يُهدّئ تسارُع النبض: «حين أصنع فناً بأصابعي، أداوي توتّري. ذلك يغذّيني لأستمر». تريد من الفن أدواراً تمنحها الرضى ومن الحياة أن تكون سعيدة ومَن حولها بخير.

فاطمة عبد الله - الشرق الاوسط

  • شارك الخبر