إستمع للخبر
يعيش الشرق الليبي، وبالأخص مدينة درنة، واقعا صعبا، إثر الإعصار المدمر الذي ضرب البلاد، الأحد، وأسفر عن مقتل وفقدان الآلاف، من بينهم أشخاص من مصر والسودان وسوريا وفلسطين.
وجاءت ضربة الطبيعة القوية غير المسبوقة، في ظل انقسام سياسي تمر به البلاد، التي تمتلك حكومتين، واحدة مدعومة من البرلمان في الشرق، وأخرى في الغرب، ووسط سنوات من الانهيار على عدة مستويات، أهمها البنى التحتية.
وانهار سدّان في مدينة درنة، مما ساهم في زيادة أعداد القتلى بصورة كبيرة، في حين أرجع مسؤول بالشرق الليبي، الصعوبات التي تواجه البلاد حاليًا إلى "نقص الخبرة" في التعامل مع مثل هذه الكوارث.
وقال عضو مكتب الإعلام بفرع الإدارة العامة لأمن السواحل بطبرق، مروان الشاعري، في تصريحات للحرة: "حاليا جميع الفرق المحلية والدولية تنتشل الجثث. العدد حسب آخر إحصاء هو نحو 6200 قتيل. المفقودين وصلوا إلى نحو 9 آلاف".
ولا توجد حصيلة نهائية حتى الآن، حيث تتواصل عمليات انتشال الجثث في مناطق مختلفة، وسط تقديرات بأن عدد القتلى قد يصل إلى نحو 20 ألف شخص.
وقال الحويج في مقابلة خاصة مع قناة "الحرة"، الأربعاء، إن "المدينة تعرضت لكارثة غير مسبوقة"، لافتا إلى أن العديد من السدود انهارت، فيما سقطت 5 جسور.
وأضاف الحويج أن الخسائر شملت "مدنا أخرى مثل سوسة وشحات والبيضاء والمرج والمخيلي".
"مبان كأن لم تكن"
وواصل عوام حديثه، موضحا أنه مع وصوله إلى المدينة، "كان الوضع مأساويا"، قائلا: "شقيق أحد أصدقائي توفي هو وزوجته وولداه. حضرنا العزاء وكان المشهد لا يوصف. هناك أيضا صديق آخر توفيت زوجته وأبناؤه السبعة... مهما حكيت لا يمكن للحديث وصف ما يحدث على أرض الواقع".
وع ذلك، حاول الشاب الليبي وصف هول ما رآه، وقال: "بكيت على الفور حينما شاهدت البلد. كانت هناك شوارع أسير فيها مع أصدقائي وأبنية ومقاهٍ، لم أجدها جميعها.. أصبحت ترابا على الأرض. وكأنه لم يكن هناك مبنى من قبل.. لقد مُسحت".
وأظهرت صور ومقاطع فيديو نشرت على منصات التواصل الاجتماعي، حجم الكارثة التي حلت بدرنة، حيث الشوارع والمباني مدمرة، والأشجار مقتلعة، وأشخاص يرفعون الأغطية عن الجثث الملقاة على الرصيف لمحاولة التعرف عليها.
ولا يمكن الوصول إلى المدينة الآن إلا عبر مدخلين إلى الجنوب (من أصل سبعة)، وانقطع عنها التيار الكهربائي على نطاق واسع، وتعطلت شبكة الاتصالات فيها، وفقا للمنظمة الدولية للهجرة.
"مصريون فضلوا البقاء"
وأعلنت مصر، الأربعاء، أنه تم التعرف على هوية 84 شخصا من الضحايا المصريين، وتم نقلهم جوا إلى وطنهم.
وبحسب بيان لوزارة الخارجية، فإن "القنصلية المصرية في بنغازي تنسق مع السلطات الصحية والأمنية بمدينة درنة، والهلال الأحمر الليبي، بهدف حصر الأعداد الدقيقة للضحايا والمصابين المصريين، والعمل على إنقاذ الناجين وإيوائهم، رغم الظروف الصعبة التي تحيط بعمليات الإنقاذ بسبب انهيار البنية التحتية".
من جانبه، قال الشاعري إن هناك حوالي "60 ناج من المصريين،قرر بعضهم البقاء"، وأوضح: "خيّرناهم وبعضهم قرر العودة إلى بلاده، والبعض فضّل البقاء".
وأشار إلى أن أغلب الناجين المصريين "كانوا في سوق درنة الشعبي، منهم من توفي ومنهم من نجا، ومن بينهم نساء".
"جثث لفظها البحر"
وتواصل فرق الإنقاذ المحلية والدولية، عملها في مواقع شرق درنة وغربها على طول سواحل المدينة.
وبحسب المسؤول بإدارة أمن السواحل بطبرق، فإن هناك "بلاغات تصل في المدن الساحلية القريبة من درنة، حول وجود جثث"، قائلا: "أغلب الجثث لفظها البحر".
وحول ما يواجهونه من مشاكل حاليًا، قال الشاعري: "بحكم أن ليبيا لم تمر بكوارث كهذه من قبل، فإن أغلب المشكلات تتمثل في أن هناك نقصا في الخبرة. نحتاج إلى خبراء في هذا المجال".
واستطرد موضحا: "بالفعل أرسلت عدة دول معدات وفرق إنقاذ متخصصة في الانتشال، مثل مصر وتركيا وتونس والإمارات، وغيرها الكثير من الدول".
وكان ممثل منظمة الصحة العالمية في ليبيا، أحمد زويتن، قد صرح لقناة "الحرة"، مساء الأربعاء، أن "الأولوية الآن هي انتشال الجثث ودفنها في أقرب وقت"، مشيرا إلى أن "ربع المراكز الاستشفائية في المنطقة المنكوبة أصبحت خارج الخدمة".
وأكد أن الأولوية حاليًا هي "إعادة المستشفيات إلى العمل وتقديم الرعاية الصحية لسكان المناطق المنكوبة".
الحرة