hit counter script
شريط الأحداث

"رحلات الموت" من طرابلس... "مافيا" المهربين ومعاناة المهاجرين

الإثنين ١٥ شباط ٢٠١٦ - 13:31

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

اين هم ساسة طرابلس وتياراتها السياسية من مخطط تفريغ طرابلس والميناء من شبابها؟
واين هم قادة المدينة ازاء ما حصل ولا يزال يحصل من نزيف متواصل في هجرة الفتيان المحبطين بعد ان سدت في وجوههم كل ابواب العمل والرزق الشريف؟
ما تشهده طرابلس وشهدته حتى اليوم بلغ مستوى بالغ الخطورة دون مبادرات تحد من هذه الهجرة القسرية منذ تطبيق الخطة الامنية التي لم تواكبها الخطة الاقتصادية الموعودة فوجد الشباب انفسهم في معمعة الفقر والتشرد بعد ان استخدمهم السياسيون ادوات في الجولات الدموية العبثية.
لم تكن حادثة اعتقال ابن الميناء البير كيال الا واحدة من حوادث تنم عن خطورة الهجرة ـ المغامرة والتي دفعت بها احداث طرابلس ولامبالاة قادة طرابلس الذين لم يمسكوا بهذا الملف الخطير.
في طرابلس من يسأل: الى متى التلهي بسجالات سياسية لا تعني المواطن الفقير الذي يريد لقمة عيش كريمة لعائلته؟وماذا فعل اولئك الذين ورطوا الشباب ثم تخلوا عنهم ليكون مصيرمن بقي حيا منهم اما السجن واما الهجرة بقوارب الموت؟
فلم تعد رحلة الموت الى أوروبا حلم الطرابلسيين بعدما تحولت من نعمة الى نقمة...
ولم يتوقع أبناء طرابلس المهاجرين من بلد استقبل فيه اكثر من مليون ونصف المليون نازح سوري ان يلقى الصفعة الاولى عند ضفاف بحر ايجه من مهربين لبنانيين وسوريين.

ليس بالأمر السهل قرار الهجرة من طرابلس، هذه الرحلة تحتاج الى عدة مقومات أهمها امتلاك المال، وعقد اتفاق مع مهربين في تركيا قبل رحلة الانطلاق من ميناء طرابلس.
بعد ايام على انطلاق شبان من مناطق مختلفة من مرفأ طرابلس رست بهم «العبارة» عند اول محطة في مدينة ازمير، حيث اللقاء الاول مع مهربين سوريين ولبنانيين الذي يرافقونهم في رحلة تستغرق الساعات.
عشرات الشبان من طرابلس والميناء فوجئوا بالإجراءات المشددة التي يطبقها المهربون،اولى هذه الاجراءات وضع المهاجرين في غرفة مظلمة غير مسموح فيها الاضاءة لساعات وربما لايام، حتى يتم تسهيل نقلهم الى اول جزيرة يونانية، لكن ما قبل رحلة الموت اخطر وأقسى حسب ما شرح احد المهاجرين الى «الديار» الذي يقول، عدت الى طرابلس بعد رحلة قاسية عشت فيها ايام في الظلمة في مكان قريب من شاطئ بحر ايجه بانتظار التحضيرات اللوجستية للانطلاق الى اليونان، وقبل الانطلاق حضر المهربون وطلبوا منا دفع الأموال مسبقا اما السوريون فتم الاتفاق معهم بنقلهم بالمركب وبعد وصولهم يدفعون.
يتابع المهاجر العائد بالقول: دفعت ومن كان معي للمهربين، وقيمة المبلغ الذي دفعناه هو 1700 دولار أميركي، ثم نقلنا بعد منتصف الليل الى الشاطئ، وهنا كانت الصدمة الكبيرة، حيث كان بانتظارنا العشرات من السوريين للانطلاق، عبر مركب صغير لا يتسع لأصابع اليد الواحدة، فسألنا المهربين، كيف سيتم نقلنا في هذا المركب ونحن تجاوزنا الأربعين شخصا، وهذا المركب بالكاد يتسع للعشرة، فأكدوا لنا ان الجميع سافروا بهذه الطريقة، ومن كان محظوظا نجا ومن كان طالعه سيّئاً فان الغرق مصيره. فرفضت وبعض الشبان الانصياع لأوامرهم بينما باقي العائلات السورية لم ترفض، وانطلق المركب أمامنا وعلى متنه أربعين فردا معظمهم أطفال، وما هي الا ساعات حتى وصلنا خبر غرق المركب ولقي حينها اكثر من عشرين شخصاً حتفهم.
وأكد انه بعد هذه الفاجعة قرر ومن معه مطالبة المهربين استرداد الأموال التي تم دفعها خصوصا انهم قرروا عدم خوض هذه المغامرة التي مصيرها الموت حتما. لكن المهربين رفضوا رد الأموال للشباب بل وجهوا لهم تهديدات بالموت في حال لم يصمتوا ويعودوا من حيث أتوا.
عاد الشاب المنهار الى طرابلس مع خيبة أمل لم تنته فصولها خصوصا ان حلم الهجرة لم ينته بعد، لكن هذه المرة يقول لن ادفع الأموال قبل ان أصل الى بر الأمان، لان ما تعرضنا له كان قاسيا.
لكن ما حصل مع البير كيال حسب ما قالته زوجته شكل كارثة لعائلته برمتها، حيث تؤكد ان زوجها عسكري متقاعد وحصل تقاعده قبل انتهاء المدة نظرا لوضعه الصحي ومرضه المزمن، وقالت ان زوجها بسبب مرضه لم يجد عملا اضافيا ينهض بعائلتها لذلك قرر الهجرة كما يفعل الآخرون، فانطلق في بداية شهر أيلول من العام المنصرم عبر ميناء طرابلس وعندما وصل الى تركيا قرر الوصول الى اليونان برا مع رفيقه عبر القطار وفور وصولهما الى اليونان ألقت الشرطة القبض عليهما فطلبت منهما العودة من حيث آتيا فعادا الى تركيا وقرر البير الوصول الى اليونان عبر البحر وخلال رحلة الموت تقول زوجته ريما ان المهرب طلب من زوجها ان يقود المركب نظرا لخبرته وكونه ابن الميناء فوافق ألبير دون تردد حرصا على ارواح الناس، وقالت ان زوجها أكد لها انه قاد المركب وحده بعد تخلي المهرب عن المهاجرين عند شاطئ تركيا وأكد لها ان المهرب قال له ان عليه قيادة المركب الى الامام دون ان يحركها يميناً وشمالا ثم يصلون الى اليونان ففعل ذلك.
وتقول ريما ان زوجها لحظة وصوله الى شاطئ اليونان ساعد جميع اللاجئين بالوصول الى الشاطئ حتى ان بينهم من لا يعرف السباحة ساعدهم لكن الكارثة حلت بألبير عندما أشارت اليه شرطة اليونان التوقف واعتقاله بتهمة تهريب المهاجرين، وطلب البير من أربعة سوريين مساعدته والوقوف الى جانبه وان يشهدوا بالحقيقة انه ليس مهربا لكنهم فعلوا العكس بضغوط من المهرب الذي بقي في تركيا ربما لمعرفتهم به. فتابع جميع اللاجئين رحلتهم باتجاه أوروبا الا البير تم توقيفه منذ منتصف شهر أيلول 2015 وما زال حتى هذه الساعة يقبع في سجون اليونان.
ادوار كيال والد البير يقول انه زار الرئيس نجيب ميقاتي وطلب اليه الوقوف الى جانب ابنهم ففعل، وأكد ان ميقاتي دفع شيكا بقيمة ألفي دولار للمحامي الذي تم تعيينه في اليونان لمتابعة ملف البير لكن يقول ادوار: «للأسف اكتشفنا ان المحامي ترك الملف ولا ندرك السبب ولم نكرر زيارتنا الى ميقاتي لأننا نخجل منه فهو الوحيد الذي وقف الى جانبنا ولم يقصر».
ويقول ادوار ان وزارة الخارجية لم تبد حتى الان اهتماما بهذا الملف الانساني حيث ظلم البير مرتين الاولى في وطن لا يجد فيه المواطن لقمة عيش كريمة والثانية حين حاول الهجرة فاذا به ينتهي في سجن اجنبي لا يسأل عنه مسؤولون استقالوا من مسؤولياتهم الوطنية.
ويخشى ادوار ان يحاكم ابنه في اليونان بعقوبة تتراوح ما بين خمس سنوات وعشر سنوات، واعتبر انه في حال صدر حكم بابنه فان حياة ابنه بخطر خصوصا ان وضعه الصحي لا يساعده ان يعيش في السجن لذلك طالب وزير الخارجية جبران باسيل التدخل وإيجاد حل لابنه واطلاق سراحه فورا خصوصا انه بريء وقال ان جميع المهاجرين يعرفون ان المهربين لا يرافقونهم في رحلتهم البحرية خوفا على ارواحهم من الغرق لذلك دائما كانوا يكلفون ابن طرابلس خصوصا ابن الميناء بقيادة المركب نظرا لخبرته. وقال ان ابنه قرر ان يهاجر كما هاجر المئات من الميناء لافتا الى ان عدد اللاجئين تجاوز ألفي شخص وقال ان عدد العائلات المسيحية المارونية في الميناء الى مزيد من تقلص عددها بسبب الهجرة المستمرة منذ عشرات السنين.

(دموع الاسمر، الديار، 13/2/2016، ص4)

  • شارك الخبر