hit counter script
شريط الأحداث

أخبار محليّة

جمعية نساء المستقبل أحيت ذكرى استشهاد الحريري في مسجد الأمين - بيروت

الأحد ١٥ شباط ٢٠١٦ - 16:05

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

أحيت "جمعية نساء تيار المستقبل" في مسجد الأمين في بيروت اليوم، الذكرى ال11 لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري ومرافقيه، وذلك في احتفال حاشد، رعته نازك رفيق الحريري وحضره ممثل رئيس مجلس الوزراء تمام سلام هاشم جارودي، ممثلة الرئيس ميشال سليمان الوزيرة السابقة منى عفيش، ممثل الرئيس امين الجميل النائب فادي الهبر، ممثلة الرئيس سعد الحريري النائب بهية الحريري، الرئيس حسين الحسيني وممثلة السيدة نازك رفيق الحريري السيدة هدى طبارة، ممثل مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان الدكتور محمد انيس الأروادي، ممثل وزير العدل اشرف ريفي القاضي محمد صقر، الوزير نبيل دي فريج، النواب عاطف مجدلاني، مروان حمادة، جمال الجراح، احمد فتفت، باسم الشاب، خضر حبيب، امين وهبة، كاظم الخير، غازي يوسف، محمد قباني، جان اوغاسبيان، زياد القادري وخالد زهرمان، النائب انطوان زهرا ممثلا رئيس "حزب القوات اللبنانية" سمير جعجع، النائب ستريدا جعجع ممثلة بفيروز رحمة، رئيس "حزب الكتائب" النائب سامي الجميل ممثلا بريتا بولس، الامين العام لقوى 14 آذار فارس سعيد، الامين العام ل"تيار المستقبل" احمد الحريري ممثلا ببسام عبد الملك، السيدة مي شدياق ووجوه إعلامية وسياسية وبلدية وتربوية وطلابية.

وبعد النشيد الوطني، والوقوف دقيقة صمت على أرواح الشهداء، وتلاوة آيات قرآنية، ألقت السيدة ليلى الترك كلمة قالت فيها: "على الرغم من مرور 11 عاما على استشهاد الرئيس رفيق الحريري، لا يزال الشهيد حاضرا ولا تزال ذكراه خالدة بيننا. وان راعية الذكرى السيدة نازك الحريري ضنينة على الوحدة ومصرة على الوفاق وهي لا تزال تبذل الجهد لصون الوطن وترفض التفرقة بين أبناء الوطن".

ثم تحدثت نازك الحريري، فقالت: "نلتقي اليوم بعد مرور احد عشر عاما على استشهاد الرئيس رفيق الحريري لنتذكر مسيرة عطاء ومحبة ما زالت ذكرها العطرة تمثل مصدر إلهام وحكاية نجاح تتناقلها الأجيال. رفيق عمري ودربي، أناجيك ولبنان يقف عند مفترق طرق، ومعه الأسرة العربية والدولية. يا شهيدنا الغالي أين نحن الآن مما أردته؟ أين نحن الآن من نهج المؤسسات الدستورية الفاعلة وقانون التشريعات؟ أين نحن الآن مما كنت تسعى جاهدا من أجله، وتعمل بعزيمتك ووطنيك لإعادة السيادة والحرية والإستقلال والأمن والأمان لهذا البلد الحبيب لبناننا الذي نحلم به جميعا. شهيد لبنان، كانت المخاطر تحيط بك، ولكن إيمانك بالله عز وجل، ووطنيتك وحبك واعتزازك ببلدك طغت على تلك المخاطر، وكأنك كنت على يقين بألا أحد يريد أن يعمل على إيذائك، وبأنه لا سبب لتلك التحذيرات التي كانت تدلى عليك من المحبين لك ولهذا البلد. فلم تصغ إلا لصوت ضميرك الحي الممتلئ بالإيمان والثقة والعزم، ومحبة لبنان. كنت تقول دائما: لا أخاف على نفسي، وأنا أسعى جهدي الجاهد للخير والعمل الوطني والإنساني من أجل لبنان، والوطن العربي أجمع، ولنبقى في لبنان على تواصل دائم مع أمتنا العربية ونكسب ثقة المجتمع الدولي بكرامتنا وعزة نفسنا وعنفواننا ووحدة كلمتنا".

أضافت: "يا رفيق العمر، ليتك معنا في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بلادنا بها، لتساعد في إيجاد الحلول التي تنقلنا من الغموض ومن حالة عدم استتباب الأمن والإستقرار الى مكان أفضل. إننا اليوم أحوج ما نكون الى وجودك بيننا، فكأننا تجردنا من الإنسانية والشفقة على أنفسنا وعلى ناسنا وشعبنا وأمتنا، فشعوبنا لا تستحق إلا الخير والحياة الرغيدة كما وعدتنا بها ونفذت الكثير منها، غير أن اليد الغاشمة قد امتدت اليك واغتالتك لتهدم آمالك وأحلامك لهذا البلد. وكأنهم أرادوا باغتيالك وبغيابك عنا اغتيال لبناننا الغالي عليك وعلينا جميعا. أرادوا اغتيال العدل والحق والسلام والإستقرار والإزدهار. أرادوا اغتيال الوحدة الوطنية والإستقلال الذي كنت تسعى الى تحقيقه بالعلم والعمران. لقد أرادوا باغتيالك اغتيال مسيرة رفيق الحريري، لكنها كانت، بحمد الله، عصية عليهم. وإرثك العظيم بقي قلعة صامدة منيعة في وجه من أراد تفكيك الوطن. يا شهيدنا الكبير، تركت لنا، حتى في استشهادك، طريق مجد وأمل لنكمل المشوار. وإن شاء الله سنستمر بمسيرتك التي أردتها للبناننا مع جميع المحبين والمخلصين والأفياء، ورغم كل الصعوبات والتجاذبات والإصطفافات السياسية، لن نيأس من رحمة الله سبحانه وتعالى، فهو وحده القادر على كل شيء، وعلى أن يعيننا في إصلاح الأمر لما فيه خير هذه الأمة جمعاء. أترك الكلام الآن لصاحب الذكرى وسيد الكلام الحكيم، شهيدنا الكبير، المنبر لك والكلمة لك: (الكلمة بصوت الرئيس الشهيد الحريري) "ليس الوقت وقت التهرب من المسؤولية، ولا وضعها على عاتق فئة دون فئة، نحن جميعا مسؤولون، كل في موقعه، وعندنا ثوابتنا للانتماء والسيادة والإستقلال ووحدة الأرض والناس. ويكون علينا بالحوار وبالتشخيص للمشكلات، وبالقرارات الصائبة أن نصون وجودنا ومصالحنا، وأن نفتح مع شبابنا أفقا مستقبليا".

وتابعت: "الشكر من القلب لكم، لمشاركتنا الذكرى، ونبقى على أمل بألا تصبح رؤية الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومسيرته الوطنية والإنسانية مجرد ذكرى، حتى نستفيد من تجارب نجاحه ومن مبادراته لتحقيق التغيير وتجديد الأفق والإصغاء لاحتياجات الناس التنموية والإنسانية، من أجل مستقبل افضل لشعبنا وأولانا وأحفادنا".

وختمت الحريري: "استودعكم الله العلي القدير، والى لقاء قريب في ربوع الديار، بإذن الله، وأدعو الله تعالى بأن يأتي اليوم الذي يحقق وعدي لكم. فقد اشتقت اليكم والى أرض وطننا الحبيب الذي ذرف فيه دم شهيدنا الغالي وسائر الشهداء".

ثم القى دوفريج كلمة قال فيها: "ان التحديات تكون للناس الصلبين فوجود التحديات يخلق صلابة، فإنها تصلب المجتمع وتجعله يقف على قدميه بقوة وتمكنه أن يواجه ويصمد ويطور ويتطور. ان هذه العبارة هي حكمة أطلقها الرئيس الشهيد رفيق الحريري وجعل منها، اعتبارا من تكليفه تشكيل أول حكوماته، منهجا لعمله في الشأن العام. انطلق لممارسة هذه المهام من واقع ان لبنان كان أضعف من أن يواجه الإستحقاقات المقبلة عليه، وهو اعتبر ان هذا الواقع يشكل حقيقة ليس من العيب الإقرار بها، إنما العيب يكون في إخفائها. إلا ان رفيق الحريري ارتأى، في حينه، أن هذا الوضع لا يعفي اللبنانيين من مسؤولية البحث عن الوسائل التي تمكنهم من تحقيق تقدم على كافة المستويات، السياسية، الإنمائية، الإجتماعية، الإقتصادية والثقافية. وهو جاهد، انطلاقا من هذا الواقع، ليمارس لبنان الدور الذي يستحقه في العالم، والمكانة التي يريدها أي لبناني لوطنه، وسط زمن، كان وما زال، محتدما بالتحديات الكبرى. وهو كافح لإثبات وجود دولة تدعى لبنان. اعتبر ان هذا الكفاح يتطلب التوظيف الصحيح للامكانيات والعلاقات الدبلوماسية والإعلامية والسياسية لتقديم الآراء والمصالح والحقوق للعالم بطرق إيجابية. اعتمد رفيق الحريري، لمواجهة هذه التحديات، على الشعب اللبناني. اعتمد على الشعب اللبناني انطلاقا من قناعته ان لا مكان للاحباط في نفوس اللبنانيين، متحديا بذلك البعض الذي كان يعتبر ان لبنان لن يستطيع الوقوف على رجليه وانه لن يستطيع أن يجتاز أية صعوبات تواجهه. انه اعتمد على هذا الشعب الذي مر، أكثر من مرة، بظروف قاسية فقد خلالها الأمل والأمن والثقة بالمستقبل، إلا انه كان يعتبر ان ثقة اللبناني بوطنه وبنفسه كانت تجعله يتغلب على كافة الصعاب التي واجهته، في أي مكان أو زمان. ولهذا السبب، قاوم رفيق الحريري سياسة جر اللبنانيين نحو اليأس، لأن هذه السياسة لا تفيد لبنان، ولأن الشعب اللبناني لا يستفيد منها، ولأنها تحقق فقط إرادة أعداء لبنان، وأيضا، لقناعته بأنه لا يجوز لاي عامل في الشأن العام أن يساهم، بوعي أو من دون وعي، في إفقاد ثقة اللبنانيين بمستقبل وطنهم، ولهذا السبب أيضا اعتبر رفيق الحريري ان مشروع بناء الدولة يشكل الحاضنة التي تتيح للبنانيين مواجهة التحديات، وان هذا البناء هو تحد بذاته، ولأنه كان على اليقين ان التحدي يتحول الى عقبة فقد عندما ننحني أمامه، أخذ موقع الدفاع عن دولة القانون والدستور والمؤسسات لأنها تشكل الرد الحقيقي والفاعل على دولة الفوضى والمهاترات، التي سادت خلال الحرب، مرحلة لا يرغب اللبنانيون برجوعها، فهو اعتبر ان أمام قوى الحرب التي دخلت في السلطة أحد حلين: أما ان ينتهي دورها أو أن تدخل ضمن مسار الدولة. وهو أدرك انطلاقا مما تقدم، انه لا يجوز الدخول في مساومة مع أي ظرف كان على أي أمر كان "خارج نطاق مفهوم الدولة. كان على يقين ان لبنان هو وطن الإعتدال لأنه وطن المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، وهو اعتبر انه لا يفهم من عبارة "المناصفة" اصطفاف المسلمين في جهة والمسيحيين في جهة مقابلة، لأنه كان على قناعة ان لبنان لا يحكم سوى بالمساواة بين المسيحيين والمسلمين كما نص عليه الدستور واتفاق الطائف".

أضاف: "هو قال يوما انه في حال كانت عينه يمكنها أن تفرق بين مسلم ومسيحي فإن قلبه لا يفرق، كان يدعو الى اعتماد الإعتدال كقاعدة للحكم والإبتعاد عن التشنج واللجوء الى العقلانية وقيادة الشارع الذي ننتمي اليه وان لا ندعه يقودنا الى متاهات تدفع البلاد نحو الإنقسام الداخلي. كان يدعو الى الإعتدال، لأنه يتوافق مع مبادئ الديمقراطية التوافقية المعتمدة في لبنان، ولذلك ايضا، كان يدعو لمحاربة الإرهاب لأنه نقيض الروح الديمقراطية، خصوصا اذا استحكم هذا النقيض بالشباب، لأن مجتمعنا يكون وصل الى حال من التحجر والتعسف والتطرف ونبذ الآخر، وكان الرئيس الشهيد أول من أعلن ان الإرهاب يشكل تحديا لمبادئنا وقيمنا، وهو ضد كل ما تمثله حضارتنا، لا سيما اننا كنا ولا نزال ضحايا الإرهاب، إذ لم تعاني أمة من الإرهاب مثلما عانينا، ولم يدفع أحد ثمنا له كما دفع لبنان، وكما يدفع العرب الآخرون. وهو دان الارهاب بكل أشكاله بما فيها السياسية والإقتصادية والثقافية وبكل مصادره، إرهاب الأفراد وإرهاب الدول. لذلك، فإنه كان على ثقة ان أصالة تجربتنا في العيش المشترك، القائمة على الإعتدال والتسامح، جديرة بأن يحتذى بها كنموذج للحلول في المجتمعات التي شهدت حروبا او خلافات عنصرية وطائفية أو التي تحاول بناء سلمها الأهلي بعد حرب عانت منها. ولهذه الأسباب، فإنه لم يتخل عن مشروع بناء الدولة، سواء كان في السلطة أم خارجها، دولة ترتكز على التضامن الداخلي والإعتدال، الذي كان وسيبقى الركيزة الأساسية للاستقرار ولحماية القواعد السليمة للدولة الحديثة. دولة تحقق المصالحة الحقيقية بين المواطن اللبناني والإدارات العامة، دولة تكون استخلصت من تجربة الحرب عبرا ومنها:ان الوحدة الوطنية هي أغلى ما يملكه وطن وما تمتلكه بلاد، ان الحروب الأهلية هي خسارة صافية، ولا غالب فيها ولا مغلوب، ولا استقرار للوطن إلا في علاقة طيبة مع الجوار العربي".

وتابع: "كان رفيق الحريري يعتبر ان التفاهم الوطني هو ثروة لا تعوض وانه يقتضي المحافظة على الأصدقاء لضمان دور لبنان وحضوره في المحافل الدولية. وهو كان يخص المملكة العربية السعودية بإشادة خاصة لأنها واكبت الأزمة اللبنانية ولأنه كان لديها باستمرار مبادرات إيجابية تجاه لبنان ومنها اتفاق الطائف الذى أنهى الحرب اللبنانية، ولأنه كان على قناعة ان لا شيء مهما بلغت حدته لن يثنيه عن متابعة العمل واقتحام التحدي، فهو رأى ان النظام الديموقراطي يشكل النظام الأفضل لإدارة الأمة، لأن الديموقراطية تعني التسامح والإعتراف بالآخر والقبول به، ولأنها حوار حر وتفاعل آراء وغنى، ولأنه ايضا مساواة أمام القانون ومساواة في المواطنية وفي الفرص، ولأن الديموقراطية، تشكل الطريقة المثلى لتداول السلطة بشكل سلمي وفقا لطموحات وآمال وأحلام الشعب، كان يطلب من مجلس النواب منح الثقة ليس للحكومة التي كلف بتشكيلها وإنما للبلاد، ثقة تمكن لبنان من مواجهة التحديات والمخاطر، ثقة تشكل رسالة الى اللبنانيين أولا ثم الى الأشقاء فإلى العالم، رسالة بأن لبنان على صغر حجمه كبير في المجاهرة بالحق، صلب في التمسك بالشرعية وحازم في المحافظة على قيم الحرية والكرامة والديموقراطية".

وقال: "واجهت مسيرة رفيق الحريري صعوبات كثيرة، وهو تعرض لحملات تناولته بكل أنواع الكلام، كان يعتبر ان هذه الحملات تهدف الى وضع حد لمسيرة السلام في لبنان وإعماره، إلا انه كان يرد على هذه الحملات بوحي المصلحة الوطنية العليا، لأن البطولة وفقا لمفهومه، لا تتمثل في تحدي الدولة والتحريض عليها، وخرق قوانينها، وتشويه صورتها، وطعن صدقيتها أمام العالم. ان البطولة الحقيقية، وفقا لرؤيته، تتمثل في الإنتصار على الذات، والتخلي الإرادي والطوعي، عن الحسابات والمكاسب الضيقة، انطلاقا من قناعته انه يجب الإلتفاف حول الدولة القوية والعادلة لا عليها، وان العمل يجب أن ينكب على تصحيح مسارها، إن أخطأت.
ولأن مواجهة التحديات يتطلب تقييما علميا دقيقا، اعتبر الرئيس الشهيد رفيق الحريري، بصفته رئيسا لمجلس الوزراء انه من الخطأ وصف الأحوال الإقتصادية والأمنية والقضائية والحريات والديموقراطية في البلاد وكأن البلد هو غابة ليس فيها قانون يحترم أو احترام للحريات وليس فيها نظام ديموقراطي وان القضاء مسيطر عليه. إلا انه كان يعتبر، في المقابل، ان الخطيئة هو ان نقول ان البلاد بألف خير، لأن هناك أخطاء وتجاوزات وعلينا جميعا أن نعمل لوقف هذه الأخطاء وإنهاء هذه التجاوزات.
وانطلاقا مما تقدم، كان على يقين انه يقتضي تغيير نمط عمل الإدارة انطلاقا من أن التغيير ليس نقضا للماضي ولا إنكارا له إنما محاولة متجددة للاطلال على المستقبل".

واردف دو فريج: "فهو اعتبر ان مشروع إصلاح مؤسسات الدولة عمل طويل وشاق وله حساسية سياسية وقد يصطدم، وهو اصطدم كما توقعه، بالكثير من المعارضة الشديدة.
علما ان عمله كان يهدف الى تحسين أداء مؤسسات الدولة، وجعل الدولة أكثر استجابة لاحتياجات المواطنين، عبر اعتماد التقنيات الحديثة في عملها وتبسيط المعاملات وتسهيلها وتحسين نوعية الخدمات العامة.
كان يرى ان هذه الخطوات تساهم في بناء علاقة بين الإدارة والمواطن على أساس الثقة والشفافية. ولأن رفيق الحريري اعتبر ان طبيعة الحركة الإنسانية تعتبر ان لا مكان لشيء ينتهي بانتهاء العمل فيه، فهو خاض الإنتخابات النيابية عام 2000 علما انه كان المعارض الرئيسي لقانون الإنتخاب الذي كانت اقترحته حكومة الرئيس سليم الحص، كان من الواضح ان هذا القانون وضع لتحجيم بعض السياسيين، إلا انه اعتبر، بعد إقرار القانون، انه كان أمامه خياران: إما الإحتكام الى المجلس الدستوري، وإما الإحتكام الى الناس. فاختار الإحتكام الى الناخبين الذين يمكنهم وحدهم تحديد حجم كل شخص وليس قانون الإنتخاب.
وهو خاض الإنتخابات على أساس برنامج سياسي واقتصادي واجتماعي كان الأول من نوعه في تاريخ لبنان، حدد فيه، انطلاقا من التجربة التي اكتسبها، الخطوات الواجب اعتمادها للتغلب على التحديات العديدة التي كانت تواجه لبنان.
أما في المعارضة، فهو انتهج الإعتراض البناء، بحيث لم يعارض الحكومة إلا وطرح بديلا عما كانت تقترحه. كان رفيق الحريري على يقين انه بالعلم نواجه التحديات، وانه علينا أن نكون دائما متسامحين مع الجميع إلا مع الجهل.
لذلك، راهن، خلال مسيرته، على جيل الشباب بحيث يكون "العلم سلاحهم الوحيد، يحققون عبرة رفاهيتهم الشخصية، وبه يحققون رفاه مجتمعهم وإنمائه، وبه ينهضون ببلدهم وبأمتهم". وهو نصحهم، انطلاقا من تجربته الشخصية، انه يتوجب عليهم، لخوض معارك الحياة، التقيد بشرط أساسي: العمل الذي يعتمد الجدية شعارا والصدق أسلوبا والامانة منهجا".

واضاف: "اعتمد على الجيل الطالع، لأنه تبين له ان البلاد التي تتوافر لديها الإمكانات العلمية والتقنية الملائمة لاقتصاد المعرفة هي البلاد التي تحقق نجاحات اقتصادية باهرة لها ولشعوبها. فلهذا السبب، اعتبر انه يقتضي إعادة النظر في المناهج التعليمية التي تخطاها الزمن، والتي ما زالت تتولى تخريج أعداد كبيرة من حملة الشهادات الجامعية غير القادرة على التكيف مع سوق العمل، مما يتسبب بخلق مشكلة بطالة تؤثر سلبا على الإستقرار الإجتماعي.
ولهذا السبب ايضا، اعتبر ان التحديات في لبنان تتطلب الإهتمام في تنمية الموارد البشرية لان الإستثمار في هذا القطاع يشكل عنصرا أساسيا لضمان تحقيق تنمية قابلة للاستمرار على المدى الطويل، وهو كان على قناعة انه يمكن، من خلال التعليم والتدريب وإعادة التأهيل، بناء القوة العاملة التي تتلاءم مؤهلاتها مع حاجات الإقتصاد الوطني".

ولفت الى ان "كان رفيق الحريري على يقين ان مواجهة التحديات الإجتماعية والإنسانية تتطلب مواصلة مسيرة الإنماء المتوازن التي كان يعتبرها قناعة وخيارا، وان تحقيق هذا الهدف يتطلب الجهد والمثابرة والمعاناة، لذلك، سعى الى العمل في كل مكان، لا، كل مكان في لبنان يحتاج الى العمل، وذلك رغم شح المساعدات، ورغم عمليات التضييق والمضايقات التي عانى منها، ولذلك ايضا، سعى الى إعادة لبنان على الخريطة السياسية والخريطة المالية في العالم بحيث أصبح قادرا على أن يدخل بورصات نيويورك ولندن وباريس وفرانكفورت وغيرها، والإستحصال على التمويل متى كان يطلبه، في حين كانت تواجه بعض الدول صعوبات في ذلك.
ولأنه أدرك ان مواجهة التحديات يتطلب مساهمة كافة القوى المعنية بالنمو. كان رفيق الحريري يعتبر ان على القطاع العام تأمين البنى التحتية والخدمات الأساسية، التي تحتاجها المشاريع الخاصة لتنجح، وانه يتوجب على السلطات الدستورية تطوير التشريعات التي ترعى الحركة الإقتصادية والإستثمار الوطني والعربي والأجنبي، لجهة تخفيف القيود وتحرير القطاع الخاص".

وختم دو فريج: "قال الرئيس الشهيد رفيق الحريري مرة: الناس المتشائمون ماذا يقولون؟ يقولون البلد فيه كذا وكذا، وأنا أقول وماذا بعد، هل يدعوننا للانتحار؟ نحن لن ننتحر. هل يدعوننا الى ترك البلد. لن نترك البلد. هل يدعوننا الى اليأس؟ لن نيأس".
قال الرئيس الشهيد رفيق الحريري هذا الكلام لأنه كان يعتبر ان التحديات هي جزء من حياة الإنسان وهي التي تجعلنا نتطور ونتقدم، لذلك، نعاهدك اليوم اننا لن نيأس، واننا لن نترك البلد، لأننا تعلمنا منك انه علينا مواجهة التحديات، وانه في حال وقعنا خلال هذه المواجهة، فإنه من واجبنا أن لا نركع وأن نقف مجددا وأن نستمر في المواجهة، ولأنك قلت لنا انه من الصعب هزيمة رجل لا يستسلم، لأنو كان معك حق، ولأن الحق بعدو معك، نقسم اننا لن نستسلم واننا سنناضل لاستكمال تنفيذ مشروعك واننا سوف نجدد هذا القسم في 14 شباط من كل عام".

وكانت كلمة لوزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس جاء فيها: "ولو لم يكن في كفه غير روحه لجاد بها فليتق الله سائله، يا ويحهم جاد بها وما اتقوا.
وما كفوا عن المطاردة ومحاولة إخماد الحياة في القبر الخصيب، العصي العلي على هندسة الموت، وعن نهشه بأنياب العطب ولدغه بألسنة الكذب ولسعه بأسواط اللهب؟ تبت يدا أبي لهب. هو البحر من أي النواحي أتيته فلجته المعروف والجود ساحله، لكم غصنا فيه على الدر، ولكم أسلس أمواجه لالوان الاشرعة الساعية الى آفاق المستقبل، لكنهم اعتقلوا ملاحته والملاحة، وصدوا الريح عن القلع، وجعلوه بحرا مرتعا للقروش، تفترس الفارين من أبابيل الجو، وضواري البر والشر، ويما مهجعا لاطفال لم يجدوا وسائد في ضمير المجتمع الدولي، فأسلموا نعاسهم الى أسرة القيعان ورمال الشطآن".

وأضاف: "تعود بسط الكف حتى لو انه طواها لقبض لم تطعه أنامله، ألم يكن ابو تمام يراه قبل قرون ببصيرة الكشف والرؤى، فعناه بهذه القصيدة التي سرت في ظهور العروض والقوافي، وعبرت البحور والفيافي لكي تصل الى هذا المكان، وتخاطب انسان عين زمانه وتشهد له بأنه خلف وراءه زخرف الدنيا، وانه قدم ثروته كفالة مرتين: واحدة لدى مهاتير محمد، واخرى لدى مصرف لبنان، ليقيل الخزينة من عثرات خطيرة، قائلا لاخيه الرئيس فؤاد: ما قيمة الثروة اذا تضعضعت الدولة وأي مستقبل يبقى لعائلتي الصغيرة اذا تقوض البيت الكبير؟
أي رب عائلة هو هذا الذي يسعى لابناء الناس سعيه لابنائه الخارجين من صلبه، كأنه يرد الجميل لصلب الشعب الذي اخرجه وحصنه بقناعة الكفاف وعزة الاشراف وفطرة الخيرين. هتف للفضل شلق على باريس، وكان في وداع النسق الاول من الطلاب، في مطاره الذي استحق اسمه قبل إطلاقه عليه، وقال له: نحن في شهر ايلول، والابناء ذاهبون بملابس الصيف، فأمامك أربع ساعات مسافة رحلة الطائرة الى هناك لتشتري لهم المعاطف المناسبة لبرد باريس، فردني هذا الى ان الجذر اللغوي لكلمة معطف، هو العطف، وان بطانته حاشية دافئة نقية من خيوط الرياء".

واردف درباس: "وحدثنا محسن دلول، وزير الدفاع في ذلك الحين، ان ضابطا بترت يده اثناء تفكيكه لغما، فأرسله الرئيس الى الولايات المتحدة الاميركية لاستبدالها بكف صناعية ذكية، فلما عاد ومثل بين يديه، أدى له التحية بها، كأنها أصلية اللحم والعظم، فأمسكها الرئيس بالراحتين وراح يديم النظر في وجه الضابط دقائق عدة، ثم قال له: اني الآن أشحن قلبي بالسرور الساطع من عينيك.
ان من كانت مسرته وليدة مسرة الآخر، فقبره يقوى على الردى، ولا يطويه المدى ولا يذبل في جنباته الصدى، ولا يجف له خير ولا ندى".

وقال: "للسيدة نازك التي أكرمتني فاختارتني لهذا الحزن، أقول: لقد أدخلتني الى حدائق الابجدية لأقطف منها باقة من زهر الكلام، أضعها على المناسبة، فخرجت منها مجرحا من جراء تدافع الأحرف بالفواصل، وأزحام المعاني، كل يريد ان يشرف بزينة الاكليل. لكن الاكليل صغير، والأسى كبير، والوقت يؤذن بالذهاب الى الرابع عشر من شباط للاستماع الى الذي حمل النعش بالتزاماته كلها، فلم يبوئه لحدا، بل سار به مع جمهور الرابع عشر من آذار في مسالك الحياة العرة، يودع رفاقا له أعزاء اختارتهم العين الخائنة واغتالتهم الافكار الآسنة، فيحملهم رسائل الى أبيه يقول فيها:"انت لم تعدني لهذا، لكنني سأكون دائما عند حسن ظن من مشى في جنازتك وبكى عليك، وافاد من مشروعك، وآمن بأهدافك، وعند حسن ظنك انت اولا وآخرا، لان عائلتك لن تكون الا على صورتك وعلى مثالك". لقد عشت معتدلا عدوا للارهاب، ونحن في هذا رمحك والسنان، عقلك والجنان، ولن يفل حديد الداعشية الا نول الحريرية الصبور الدؤوب.

وطوفت في أدغال المشاعر، أستقصي خفقة تفضي بي الى مساحة ضوء في هذا المدلهم، فلم أجد سواه، يموت وفوق عينيه ابتسامة، يسير وقد تيقن ان مصرعه أمامه، كما قال الشاعر البغدادي، وتيقن ايضا ان درب الجلجلة هي درب الخلاص، فراح يعبر الطوائف بالخطاب الوطني الرصين، والإنماء والإنفتاح، والعلاقات العربية والدولية المميزة التي وضع فيها رصيده كله، فأنشأ أنابيب نفط افتراضية من آبار الخليج الى ثلوج لبنان، واستضاف الرؤساء والقادة، وجعل من جاك شيراك مديرا لصالة مزاد في الاليزيه في باريس 1 وبارس 2، من أجل لبنان، فتصدى له الكيد والحقد، بالتعطيل والإفتراء ومحاولات التأليب، وإبعاده عن قيادة الورشة، الى ان أطلقوا عليه في مثل هذا اليوم، وهذه الساعة تقريبا، قذيفة من عيار 2 طن من الديناميت، اراقوا بها دماء كثيرة، لم تستسلم للتخثر بل راحت تستكمل مسيرته بعبور الطوائف، ثم صارت المادة التي شدت اللبنانيين الى بعضهم، إرادة مرصوصة تؤلف العناصر وتشبك الاواصر، في تلك اللحظة انكشف مفهوم الاقليات، لانه كما قال الوزير عمر مسقاوي أمس، غريب عن إطار حضارتنا العربية الاسلامية الابراهيمية والتي نظرت الى الانسان كمفهوم كوني شمولي، بدليل ان الاقلية العدد من غير المسلمين حققوا بأكثرية حضورهم ما اثرى الحضارة الغربية من الاندلس الى بغداد".

وتابع درباس: "واذا كان لي ان أرفع اليه تقريرا كما كان يفعل رفاق الزعيم كمال جنبلاط في ذكرى استشهاده، فهو ان الشعب اللبناني الذي يشهد مأساة أشقائه العرب، ويعاني مع الاخوة السوريين الظلم والخطر وأعباء التهجير، لن يغادر صموده، فلقد بلا من قبل الاحتلال الاسرائيلي والاقتتال الاهلي، وتعلم من المحنتين استيلاد النور من الظلمة والامل من الحلكة، وهو في هذه الظروف، مصمم أكثر من أي وقت مضى على تحويل الازمة الى فرصة، فالسوريون عائدون الى سلامهم ان شاء الله، ونحن عائدون معهم من أجل سوريا العمران والامان، وعائدون ايضا الى مؤسساتنا الدستورية التي لا يسوغ ان يسكنها الفراغ طويلا وان بالغوا في الرقص على شفير الهاوية.
فلقد رأينا ورأوا معنا بالعين المجردة ان الدولة ملاذنا، والديمقراطية رصيدنا ومدخراتنا التي عشنا عليها في هذا الخضم، فلن نفرط بها، ولا يجوز العبث بقواعدها الوطيدة، وسيكون لنا رئيس ملائم "يصون ولا يبدد، يحمي ولا يهدد، لا ينحرف ولا ينحاز، يشد أزر الصديق، يرد كيد العدو"( رحم الله جمال عبد الناصر)".

وقال: "لكننا في حكومة مكثت أكثر مما ينبغي، فطالت واستطالت خيبتها، واستغرقت مدة نفعها، تطالبها الشوارع بكل شيء، وهي لا تملك من أمرها أي شيء، لانها معتقلة داخل قضبان المكونات، كأنها ناطورة المفاتيح، لا تقدر ان تهش الغربان عن الكرم الذي لا يأبه أصحابه الى ان أعنابه الى يبس، ودواليه الى ذبول.
نحن في حكومة يطبق بعض ابنائها عليها الخناق، ولا يسمحون لها بالتنفس الا على حدود الرمق، ويشلون حركتها، ثم يصبون عليها جام جماهيرهم بتهم العجز والفشل وقلة الحيلة، فأي حيلة هذه التي تزعم ان التعطيل الدستوري هو علاج الديموقراطية الناجع، وان الاقلية وحدها صاحبة الحق الحصري بانتخاب الرئيس، بحجة البصيرة التي ترى الى أمام، لانها مزعومة من صلب زرقاء اليمام".

وأضاف: "سعيت بين الالف والياء، لأمتاح حفنة ماء أرشها على وردك، ولأنسج من خيوط حريرك شالات قزحية، أقدمها للسيدة نازك الأمينة على تراثك وذكراك، وللسيدة البهية الراعية لمسيرتك وصيداك، ولسعدك الذي ينقل السعد الينا بابتسامته الدائمة الحاضرة من الغياب، وهو المعاني من وعورة المسيرة وجبال الظلم والإفتراء، فما وجدت إلا حريرا خضبته دماؤك التي حسبوها من فصيلة الجفاف، فاذا هي نهر نسفوا سده، فتدفق من الديار الى الجوار، طوفانا ينتظر الفلك المشحون، ومعجزة سيدنا نوح، وخروج ذي النون من بطن النون.
ايها الجالس على سدة التاريخ الآمن في ضمير الغيب، انت هنا ترى كل شيء، لان عينيك تبثان الشعاع من ثقوب الثرى، فالضوء الحميم لا ترديه لسعة عتم، والجبين العالي اذا انغرس في التراث نبت نخيلا باسقا وسروا شاهقا ومنارة صديقة للسفين".

وأردف: "سعيت بين الالف والياء، فشاهدت ما لا يحصى من الكلمات التي تحبك وتفيض عن مساحة الاوراق، فعدت الى ما قلته فيك بعيد الرحيل، وهو أقل ما قيل، أنشره بين يديك عل النائم المشرف من هجعته على دموع وشموع الواقفين يشفق على حزنهم السخين:
جاءت شموع العاشقين وكلهم اهل الحسب، وجميعهم فرد توحد بين مفجوع وصب، رسموا الاشارة كلما الناقوس أجهش وانتحب، وامتدت الراحات فاتحة الى الله الطلب، ان يشفق الموتى على الاحياء في حزن عجب، يا نخلة عربية ذبحت فخضبت النسب، من أحرق الزيت المقدس قبلما الزيت انسكب، من كان لؤم شرارة، من كان حمال الحطب، من أطفأ الاحلام في عين العشيرة والعرب، تبت يداه ابي لهب تبت يداه بما كسب".

وفي نهاية الاحتفال وزعت دروع تكريمية على الوزيرين درباس ودو فريج باسم نازك الحريري. 

  • شارك الخبر