hit counter script

مقالات مختارة - نبيه البرجي

اللعب في الزمن الضائع

الأحد ١٥ شباط ٢٠١٦ - 07:15

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الديار
رعد الشمال... كيف يمكن للايرانيين ان يسخروا من تلك الارمادا الهائلة؟ المملكة حشدت في مناورات ليست الاضخم في الشرق الاوسط. ربما كانت الاضخم في العالم. اكثر من 350 الف جندي من 25 دولة، بما فيها مصر وتركيا و باكستان. عدد الطائرات 2540، والطوافات 460، اضافة الى 20 الف دبابة..
هل كل ذلك الاسطول الهائل من القاذفات والدبابات لاجتثاث «داعش» من الرقة و الموصل؟ الخبراء العسكريون يقولون ان المسألة لا تحتاج الى اكثر من 20 الف جندي ومائتي دبابة...
المناورات التي على امتداد 18 يوما تجري على حدود العراق. هكذا يقول اسمها «رعد الشمال»، مع ان المنتظر، عقب اقتراب قوات النظام من الجزء الشرقي من حلب، ان تجري المناورات على حدود الاردن، ليكون الاجتياح الصاعق، وعلى الطريقة الالمانية، لدمشق...
السعوديون فكروا بطريقة اخرى، إن دخلوا الى سوريا فقد يدخل الايرانيون الى العراق و يضربونهم من الخلف. يفترض ان يقال لآيات الله ان الوصول الى بغداد لا يستغرق اكثر من عشر ساعات. لن يكون هناك ايراني واحد على ارض الرافدين. استطرادا، كيف يمكن لنظام بشار الاسد ان يبقى ليوم واحد اذا ما سقطت بغداد؟
الحرب ليست مع الروس، ليس فقط لانهم قد يلجأون الى «خيارات هائلة»، وهذا ما نقل الى جون كيري بالحرف. الحرب ضد ايران، على الاقل ان يدق السعوديون بأيد فولاذية على الباب الايراني...
الذين يكتبون من الرياض، او يقرعون الطبول، يقولون ان مناورات «رعد الشمال» ستغير كل المفاهيم الاستراتيجية في الشرق الاوسط. لن يسمح لايران، بحال من الاحوال،ان تكون الدولة العظمى. في غضون شهرين ستنشأ هيكلية لقوات التحالف الاسلامي، وغرفة عمليات مركزية، اضافة الى غرف عمليات في الاردن وتركيا مادامت كل الاحتمالات واردة...
اكثر من ذلك، التلميحات كانت واضحة الى آلاف الصواريخ الموجهة الى اهداف حساسة جدا في طهران كما في دمشق.
اللافت ان يقول احد المعلقين «على الاميركيين ان يدركوا ايضا اننا نستطيع ان نكون فاعلين بقوانا الذاتية، وبقوى الدول الشقيقة». اي دولة، في هذه الحال، يمكن ان تواجه السعودية وتركيا و باكستان ومصر؟ لا مشكلة في الطاقة البشرية، ومع اعتبار ان تركيا وباكستان اللتين تتاخمان ايران تطبقان عليها حين تدق الساعة...

السعوديون جادون في احتلال العراق. هم اجتاحوا الجنوب في بدايات القرن التاسع عشر وازالوا كل اثر للعتبات المقدسة تطبيقا لنظرية محمد بن عبد الوهاب، وقبله ابن تيمية، التي تعتبر الاضرحة والمقامات مظاهر للوثنية.
يعتبرون الا دولة في العراق.الطبقة السياسية والغة في الفساد، وكما هرب الجنرالات، بملابس النساء، من الموصل، يهربون من البصرة وبغداد، في حين ان الميليشيات، بتشكيلاتها الفوضوية، ليست اكثر من ظواهر فولكلورية لا بد ان تتناثر من الوهلة الاولى.
هذه المرة، لا يكتفي السعوديون بهز العصا، انهم يؤسسون لحالة تمكنهم من اعادة صناعة الخرائط، وحتى الانظمة، في المنطقة اذا ما نشأت تلك القوة العظمى، بامكاناتها البشرية والعملانية واللوجيستية الهائلة..
المعلقون كتبوا «المارد السعودي خرج من القمقم». «رعد الشمال» هي الدليل على ان ثمة شيئا ما تغيّر في الشرق الاوسط. اي قيمة لما يفعله الروس حين تنفذ قاذفاتهم آلاف الغارات من اجل استعادة هذه القرية او تلك؟
ماذا يقول الايرانيون الذين لا يرون في البلاط السعودي سوى «غابة من العباءات المزركشة». الحدة تبلغ بهم حد الحديث عن «العباءات الفارغة». يسألون «هل تتحمل الرياض او جدة اكثر من صاروخ واحد كي يهرب الامراء الى مونتي كارلو او لاس فيغاس؟».
الايرانيون يذهبون الى ابعد من ذلك. ثمة رسائل وصلت اليهم من القاهرة وانقرة واسلام اباد بأن هذه العواصم اضطرت الى مماشاة الرياض في تلك التظاهرة، وان كانت طهران لا تثق البتة برجب طيب اردوغان و«استراتيجية توم اند جيري». ها هو حانق على الامم المتحدة، والولايات المتحدة، والاتحاد الاوروبي. حمل على كل هؤلاء، وهدد الاوروبيين بأن يجتاح السوريون (المسلمون) القارة العجوز ان لم يدفعوا له المال،ودائما بطريقة قطاع الطرق...
يسأل قدري غورسل ما اذا كان قد آن الاوان لينزل الراقص عن الخشبة بعدما اعلن الحرب على كل من في الداخل وكل من في الخارج...
الايرانيون يقولون ان «رعد الشمال» زوبعة في فنجان. الاميركيون سألوا «هل تريدون اشعال الحرب العالمية الثالثة؟».
وقالوا «اللحظة الدونكيشوتية هي اللحظة القاتلة». لاحظوا ما حدث في ميونيخ. الاميركيون والاوروبيون اعلنوا «عدونا داعش». كل شيء اخر، لعب في الزمن الضائع!!

  • شارك الخبر