hit counter script

مقالات مختارة - رأفت نعيم

الساكن في صيدا

الأحد ١٥ شباط ٢٠١٦ - 06:52

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

المستقبل
كثيرة هي الذكريات والمواقف والمحطات التي لا يزال يحتفظ بها من عايشوا رفيق الحريري طفلاً وفتى وشاباً في مدينته صيدا، وما لم تستحضره ذاكرة الأفراد حفر في ذاكرة أمكنة ومعالم وصروح.. فكل زاوية من المدينة تكاد تنطق بذكرى أو بأثر أو ببصمة أو بإنجاز.. ومن هذه الأمكنة، بيته الأول في بستان أبو ظهر، بحر صيدا وزيرتها، وكفرفالوس الحلم المخطوف.

البيت الأول

في بيت صغير يتوسط بستان ليمون واكي دنيا في المكان الذي يقوم فيه مبنى سنترال صيدا حالياً بحي الست نفيسة، كانت الولادة في 1 تشرين الثاني عام 1944.. في ذلك البيت ربي ونشأ رفيق الحريري في كنف عائلة مؤلفة من الأب المرحوم الحاج بهاء الدين الحريري والأم المرحومة الحاجة هند حجازي والشقيقين» شفيق وبهية«. وتفتحت عيناه ووعيه على ما تعلمه من قيم هذا البيت وما تشرّبه من حسن الخُلق وصفات الكرم وحب الناس برغم ضيق الحال آنذاك.

ومن ذلك البيت انطلق رفيق الحريري طفلاً الى المحيط القريب والبعيد مستكشفاً الطبيعة والأمكنة والأشخاص وقضايا الناس والمجتمع والوطن والأمة، متفاعلاً معها.. كانت صيدا بعمقها المتجذر بالأرض والتاريخ والايمان والقيم المجتمعية، الغنية بكل تنوع العائلة اللبنانية، وبمداها الرحب المنفتح بحراً على العالم، بمثابة أرض خصبة نمت فيها وكبرت أحلام ذلك الفتى لأسرته ولمدينته.. ولاحقاً لوطنه وأمته..

اختفى البيت.. واختفى البستان.. وما زال رفيق الحريري مقيماً في ذاكرة المكان..

جاروفة صيدا

بين بحر صيدا وجزيرتها» الزيرة» وصياديها بعض من ذكريات مشتركة لهم مع رفيق الحريري شاباً، مرافقاً بعضهم في رحلات إبحارهم ومساعداً إياهم في «شد الجاروفة« او الشباك المثقلة بخير البحر، وقاصداً مع بعض اصدقائه «الزيرة« لممارسة هواية السباحة في مياهها النقية وتمضية بضع ساعات من العطلة الأسبوعية.

يقول نزيه سنبل إن بعض صيادي الأسماك كانوا زملاء دراسة لرفيق الحريري او اصدقاء «جيرة« او «حي»، فكان يحرص على مشاركتهم أوقات الصيد ومعاونتهم في رفع الشباك.. وإن كثيراً ممن عايشوه منهم يستعيدون بفخر كبير أمام زملائهم بعضاً من ذكرياتهم معه..

ويضيف «رفيق الحريري جزء من ذاكرة الصيادين.. سواء اللي بعمرو او اكبر منو، كان يحب البحر والسباحة ويعشق الزيرة.. او اللي عايشوه كرجل انماء ورجل دولة لأنو كان صمام امان للبلد كلو.. كان اكبر عقدة يحلها وكان اللبناني مطمئناً انو فيه مين يحمي هالبلد ويحل مشاكله.. الله يرحمو«.

لا تزال أطلال المدينة العلمية في كفرفالوس التي أرسى دعائمها الرئيس الشهيد رفيق الحريري قبل 36 سنة شاهدة على اول حلم لرفيق الحريري تحقق أمام عينيه وخطف أمام عينيه..

كانت مدينة كفرفالوس تقوم على مساحة مليوني متر مربع في كفرفالوس شرق صيدا، وتضم «مستشفى اكاديمي مرتبط بالجامعة الأميركية ومدرسة تمريض، ومركز دراسات جامعية مع الجامعة اليسوعية، وثانوية صيدا الجديدة التي انتقلت لاحقاً الى صيدا باسم ثانوية رفيق الحريري. أراد رفيق الحريري من مشروع كفرفالوس لأبناء صيدا والجنوب أن يأخذوا حقّهم في العلم والمعرفة..

بدأ رفيق الحريري بناء كفرفالوس في العام 1980، وكان يفترض ان ينجز في تموز 82.. فوقع الاجتياح وانجز قسم من المشروع هو المستشفى ومدرسة التمريض في العام 83. وتعرض المشروع للقصف عدة مرات لكن الضربة القاضية كانت في حرب شرق صيدا من العام 1985. وعندما تم تحديد خط الانسحاب أبقى الاحتلال الاسرائيلي على مركزه في قصر سالم غرب كفرفالوس ليبقى مسيطراً على المشروع الذي تعرض تباعاً للسرقة والنهب والإحراق والتدمير بعدما كان يضم أحدث المعدات والتجهيزات الطبية والجامعية المتطورة آنذاك. أراد رفيق الحريري أن تكون المستشفى والجامعة والمدرسة جسوراً للأجيال نحو المستقبل.. وعندما دمرها الاحتلال الاسرائيلي كان جواب الرئيس الشهيد أن بنى جسوراً بديلة للأجيال بين لبنان وكلّ جامعات العالم ومعاهده لتصبح كفرفالوس أكبر من الوطن وعلى امتداد العالم.. وتنتصر الأجيال بالعلم والمعرفة.. 

  • شارك الخبر