hit counter script

مقالات مختارة - هلا صغبيني

الاقتصاد في خطر.. ماذا لو كان هنا؟

الأحد ١٥ شباط ٢٠١٦ - 06:51

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

المستقبل
منذ الانقلاب الأسود على حكومة الرئيس سعد الحريري، والارقام والمؤشرات الاقتصادية تتدحرج وتكاد تصل الى الدرك. نمو يناهز الصفر او ما دون. دين عام بحدود الـ مليار دولار. ميزان مدفوعات يئن من عجز تراكمي بحدود الثلاثة مليارات دولار - ومرشح الى التفاقم بفعل مراهقة سياسية ترتكب ضد دول الخليج وتهدد بقطع أرزاق أكثر من الف لبناني يعملون فيها وبالتالي وقف تغذية هذا الميزان بتحويلات هؤلاء. قطاع عقاري راكد بعدما كان قاطرة أساسية للاقتصاد. تراجع مستمر في نسب نمو ودائع المصارف بعدما وصلت الى حدود الـ22 في المئة. ناهيك عن مالية عامة «على الحافة».

حاكم مصرف لبنان رياض سلامه المشهودة له دقته في اختيار التعابير والتوقيت لتوصيف الحالة الاقتصادية، يستشرف المرحلة المقبلة ويقول إن «سنة ستكون مثل سنة 2015» (التي سجلت نسبة نمو جاوز الصفر). وهو موقف متشائم مبكّر لم نعهده منه من قبل.

القطاع الخاص من جهته، لا يفوت فرصة للتعبير عن قلقه من حصول انهيار مالي يودي بكل البلد نحو التهلكة. ما استدعى بالهيئات الاقتصادية الى إطلاق الصرخة تلو الأخرى، والتحذير تلو الآخر، دونما صدى.

كما أن معظم الخبراء والمحللين والضالعين في الشأن الاقتصادي يصفون الواقع بعبارة «اننا في أزمة« لا أفق لها في ظل غياب رؤية اقتصادية شاملة وواضحة المعالم.

لكن ليس صحيحاً القول إن الخروج من العتمة مستحيل. فالعودة الى خارطة الطريق التي وضعها الرئيس الشهيد رفيق الحريري، كفيلة بأن تنقل لبنان مجدداً من ضفة التعثر إلى ضفة الازدهار. فالرئيس الشهيد كان يمتلك رؤية اقتصادية واضحة ومتكاملة لاستنهاض الاقتصاد اللبناني، مقرونة بخطط عملية متوسطة وطويلة المدى مستندة الى ركائز متعددة أبرزها: اعادة الاعمار وبناء المؤسسات، وتفعيل عمل القطاع الخاص، وتعزيز السياسة النقدية، وتصويب السياسة المالية، وتعزيز النمو، واقامة علاقات مع دول لها روابط وثيقة بلبنان.

ومن خلال هذه الرؤية التي واكبها فريق عمل كفؤ لانجازها، نجح الرئيس الشهيد في ضخ الحياة الى لبنان واعادته الى الخارطة المالية والاقتصادية العربية والدولية، وفتح له باب الثقة التي هي العامل الاساسي امام تدفق الاستثمارات.

وكان لافتاً انه خلال ست سنوات فقط، من 1992 الى 1998، نجح رفيق الحريري في إنجاز ما لم يتمكن أحد غيره من القيام به في هذه الفترة القصيرة. فأعاد بناء بلد مدمر كلياً، من خلال تعزيز الثقة وتثبيت سعر الصرف وإعادة بناء مؤسسات الدولة وتفعيل الخدمات الاجتماعية، ورفعه من الحال التي هو فيها ليصبح بمصاف دول المنطقة.

ومن العام 2000 الى 2004، أطلقت ورشة عمل كبيرة لمراجعة وتطوير القوانين التي ترعى حركة الأعمال والاستثمارات ليكون لبنان مركزاً للأعمال في منطقته، ومن أهمها القوانين التي ترعى إصلاح وتحرير القطاعات المهمة (كهرباء واتصالات). كما اعتمدت إصلاحات بنيوية شكّلت الأساس للبرنامج الإصلاحي الذي قدّمه لبنان في «باريس 1« و«باريس 2،« ونال على أساسه ثقة المجتمع الدولي والذي ترجم الى دعم مالي غير مسبوق في حينه. لكن بعد هذه المرحلة بدأ العمل على محاصرة انجازات الرئيس وإيقاف الإصلاحات التي تم التعهد بها في المؤتمرات الدولية.

وقد نال رفيق الحريري وسام الشرف الخاص من مؤتمر الأمم المتحدة لإعادة إعمار لبنان في برشلونة في العام 2004 في اعتراف دولي على ما حققه.

وللتذكير فقط، فإن رفيق الحريري كان أول من أدخل للعالم العربي خدمة الإنترنت، وأول من أدخل للعالم العربي خدمة الخلوي، وإصدارات سندات الخزينة بالعملة الأجنبية، وأول من تمكّن من عقد القمة العربية في لبنان، وكذلك الفرنكوفونية، ومؤتمر «الأوبك». وهو الذي أسّس للعديد من المشاريع والبرامج التي يتم اعتمادها اليوم مثل «ايدال» و«اكسبورت بلاس» و»كفالات» والقروض المدعومة، وهو الذي أرسى الاستقرار النقدي والمالي، وأسس لكل التشريعات من مكافحة تبييض الأموال (والذي أدى إلى شطب اسم لبنان من لائحة مجموعة «غافي» للدول غير المتعاونة)، الى مشاريع الكهرباء والاتصالات وهو الذي بنى 4 معامل كهرباء، ومن عمل كل شبكات الصرف الصحي وشبكات المياه، وهو من وقّع مع الاتحاد الاروربي اتفاقية الشراكة الاوروبية.

اليوم، يمر الوضع الاقتصادي بمرحلة سيئة صعبة جداً كانت لتكون أسوأ بكثير لولا الثوابت الاقتصادية التي أرساها رفيق الحريري.

فماذا لو كان رفيق الحريري هنا اليوم؟ لكان جعل الاقتصاد مجدداً في سلم أولوياته، واستعان بفريق عمل متخصص ليحدّث رؤيته لتتماشى مع التطورات المحلية والدولية. ولكان عمل أولاً على استعادة الثقة بلبنان وباقتصاده بهدف جذب الاستثمارات، ولكان خلق ورشة عمل متعددة الجوانب، ووضع حوافز لاستقطاب القطاع الخاص مجدداً في مشروعه الذي يرتكز على استهداف النمو كونه الانطلاقة الأساسية لأي سياسة اقتصادية سليمة. ولكان...

باختصار، ما نحتاجه اليوم هو إعادة إحياء رؤية الرئيس الشهيد الذي آمن بتطوير الوطن بعيداً عن المزايدات وبعيداً عن المحسوبيات الطائفية والحزبية.

لقد قال الرئيس الشهيد في ختام كتابه «الحكم والمسؤولية 1992 1998» «كل ما نحتاج اليه في الحقيقة هو التصميم والتعاون، وتجديد ثقة اللبنانيين والاشقاء والعالم بوطننا ودورنا والوفاء لقيمنا الراسخة في الوفاق والحرية والديموقراطية، واهم من ذلك كله نحتاج الى الرؤية ثم الرؤية ثم الرؤية«.
 

  • شارك الخبر