hit counter script
شريط الأحداث

أخبار محليّة

عودة ترأس قداسا لراحة نفس فؤاد بطرس: كم نحن بحاجة إلى أمثاله

السبت ١٥ شباط ٢٠١٦ - 16:07

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

أقيم قداس في كنيسة القديس نيقولاوس في الاشرفية، لراحة نفس الوزير السابق فؤاد بطرس، ترأسه متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة في حضور فاعليات وحشد من المصلين.

وألقى المطران عودة عظة جاء فيها: "يحدثناالنص الإنجيلي الذي تلي على مسامعنا عن إنسان مسافر سلم أمواله إلى عبيده وسافر، وقد أعطى أحدهم خمس وزنات والثاني وزنتين والثالث وزنة واحدة ليعملوا بها ويثمروها.
للوهلة الأولى يتساءل المرء لما التمييز بين العمال وأين العدل في هذا التوزيع، الجواب بسيط. إن الإنسان المسافر يمثل في هذا المثل الرب يسوع الذي يوزع المواهب والنعم على الذين أسكنوه في قلوبهم، لكنه يوزعها بحسب طاقاتهم ولا يحمل أحدا أكثر مما يحتمل. أما أصحاب الوزنات فهم البشر في العالم، وقد جعل الرب كما يقول بولس الرسول في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس البعض رسلا والبعض معلمين أو أنبياء أو ذوي مواهب، ما يعني أن الوزنة تعطى بحسب المقدرة لا بسبب ظلم العاطي. الرب لا يظلم الإنسان ولا يحمله أكثر من طاقته بل هو يعطيه ما يمكنه من العمل الحسن الذي يعطي النتيجة الصالحة. ولا يقل أحد لا أملك سوى وزنة واحدة لا أقدر أن أعمل بها شيئا. أنت لست أفقر من الأرملة التي أعطت الفلسين الوحيدين اللذين كانا معها فاستحقت أن تدخل فرح ربها ولست أقل علما من بطرس ويوحنا اللذين كانا أميين من عامة الشعب ومع ذلك قبلا في السماء لأنهما أظهرا غيرة كبيرة وعملا كل شيء بمحبة وتفان من أجل المصلحة العامة".

واردف: "ما من شيء محبب لدى الله أكثر من أن نعيش ونعمل من أجل المصلحة العامة. "إن الإيمان من دون أعمال ميت" (يع 2 20). والفشل لا يأتي من قلة الوزنات بل من الكسل والتراخي. الله يعطينا وقتا وقدرات ومواهب وغير ذلك من الموارد بحسب طاقتنا وينتظر منا أن نستثمرها بحكمة وننميها في أعمال صالحة. نحن مسؤولون عن استخدام ما أعطانا إياه الرب استخداما جيدا والقضية ليست كم لنا بل ماذا نفعل بما لنا. "ومن له يعطى ويزاد" كالذي أعطي خمس وزنات وربح خمس وزنات أخر فأعطاه الرب أكثر "ومن ليس له فالذي له يؤخذ منه" كذاك الذي أعطي وزنة واحدة فطمرها وعندما عاد سيده أعادها له كما هي فأخذها منه وأعطاها لمن معه العشر وزنات".

ولفت عودة الى "ان فؤاد بطرس الذي نصلي من أجل راحة نفسه كان من الذين أعطوا وزنات كثيرة لأن طاقته على العمل والإنتاج كانت كبيرة. كان إنسانا عصاميا عفيف اللسان ونظيف الكف. ولقد منحه الله عقلا نيرا وشخصية قوية وفكرا راجحا، بالإضافة إلى ثقافة عالية ونظرة ثاقبة وحكمة ودراية وروية وغيرها من الصفات التي جعلت منه إنسانا إستثنائيا من أحكم حكماء لبنان، إستعمل كل الوزنات الممنوحة له من أجل خير وطنه وتقدمه وازدهاره واستقراره. كان صريحا وصادقا في مواقفه حازما في قراراته لا تعنتا بل قناعة منه أن من واجب من يعمل في الحقل العام أن لا يساير أو يساوم وأن عليه وضع المصلحة العامة قبل كل مصلحة، بل التخلي عن المصلحة الخاصة من أجل الخير العام".

وأردف: "هكذا كان فؤاد بطرس مستقيما ذا أخلاق وأنفة لم يستجد منصبا ولا ساير مطالب جماهيرية من أجل منفعة شخصية. كانت الوزارة بالنسبة له كالوزنة وسيلة للخدمة لا لمصلحة أو منفعة ولم يستغل قط وجوده في الحكم من أجل أن يأخذ شيئا، بل كان عفيفا نظيف الكف، ما جعل مواقفه محترمة وأفعاله مقدرة من الجميع.
فؤاد بطرس كان أمينا للبنان وكان عنيدا في دفاعه عن لبنان ومصالحه وحقوقه. لم يعرف الخوف أو التذلل. لم يتحيز لفئة أو حزب بل انحاز إلى وطنه فقط وعمل من أجله في أحلك مراحل تاريخه الحديث وأعطاه بلا حساب.
كان من أكثر وزراء الخارجية تميزا وقد عرفت الدبلوماسية في عهده تألقا لم تعرفه مع غيره. كان وزير خارجية بلد صغير لكنه كان يتصرف كند للكبار لأنه كان مؤمنا ببلده وبما كان يقوم به من أجله فاستحق محبة الجميع واحترامهم".

وأضاف: "الكلام عن فؤاد بطرس يطول ولا يوفيه حقه. حسبه أن الرب المخلص الذي أعطاه الوزنات التي يستحقها سوف يقول له "نعما أيها العبد الصالح الأمين. قد وجدت أمينا في القليل فسأقيمك على الكثير. أدخل إلى فرح ربك".
في هذا الظرف الحالك الذي يعيش فيه وطننا لبنان، كم نحن بحاجة إلى أمثال فؤاد بطرس ممن يكون ولاؤهم لوطنهم وحده ويضعون مصلحته فوق مصالحهم وانتماءاتهم ويعملون من أجل انتشاله من الحضيض الذي يرتع فيه بأمانة وإخلاص وتفان وصدق وعدم تبعية أو استزلام أو ارتباط".

وقال: "كم نحن بحاجة إلى وزراء لا يهدأون بل يجعلون وزاراتهم خلايا عمل متواصلا لا محل فيها للمتهاون أو المرتشي أو المستزلم.
كم نحن بحاجة إلى نواب يعرفون واجباتهم ويقومون بها على أفضل وجه من أجل الحفاظ على نظامنا الديموقراطي سليما عوض تعطيل الديموقراطية من أجل غايات.
كم نحن بحاجة إلى أحزاب هدفها المصلحة العامة عوض المصالح الصغيرة الخاصة، أحزاب تجمع اللبنانيين تحت عناوين وطنية صافية وتناضل من أجل قضايا وطنية محقة وعادلة تخدم الجميع.
كم نحن بحاجة إلى زعماء يحبون بعضهم بعضا ويحبون أولا لبنان واللبنانيين فيعملون من أجل خيره وخيرهم ولو على حساب مصالحهم الخاصة.
كم نحن بحاجة إلى مواطنين يعتمدون الصدق والإخلاص والتفاني والتضحية ويطلبونها من حكامهم مواطنين ومسؤولين يحترمون الأنظمة ويطبقون القوانين ولا ينظرون إلى الدولة على أنها قطعة حلوى للتقاسم.
كم نحن بحاجة أن يثمر الجميع وزناتهم مهما كانت قليلة أو كثيرة شاكرين الرب على كل شيء وعاملين بحسب وصاياه ومشيئته. عندها فقط يتحقق حلم فؤاد بطرس بلبنان بلدا مشعا في محيطه قدوة في الديموقراطية والعدالة والمساواة والعمل والإبداع".


وختم المطران عودة: أسأل الله المحب البشر أن يستجيب لطلباتنا ويمنح لبنان السلام والمحبة والمجد إبتغاء لحضوره القدوس في قلوبنا. هذه هي التعزية الكبرى التي يصلي من أجلها من فوق المحبوب فؤاد، حيث الرافعون وجوههم إلى الرب لا تنقطع صلاتهم.
دعائي أن يشمل الرب الإله الزوجة الفاضلة تانيا وأولادها وعائلاتهم بمحبته ويحتضنهم برعايته وأن يسكب مراحمه وبركاته عليكم أجمعين".
 

  • شارك الخبر