hit counter script

مقالات مختارة - نقولا ناصيف

رئيس المجلس: فضيلة الشغور تفكيك 8 و14

السبت ١٥ شباط ٢٠١٦ - 07:11

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الاخبار

لا يبدو الرئيس نبيه بري في عجلة لانعقاد مجلس النواب. يقول: لدي مشاريع في الادراج برسم المناقشة والاقرار. لست مستعجلا عليها، وانتظر دورة آذار بعد اسابيع قليلة. المهم اولاً واساساً استمرار عمل الحكومة

اتاحت مغادرة الوزير علي حسن خليل دقائق قبل التئام الجلسة 24 لحوار حزب الله وتيار المستقبل مساء الخميس في عين التينة والذي يشارك فيه وزير المال، كي يرد رئيس مجلس النواب نبيه بري على ملاحظة حيال الدفتر الصغير الذي يلازم وزيره باستمرار، فلا يفارقه حيث يكون، كي يدوّن ما يشهد او يحضر. خليل هو احد ثلاثة وزراء مشهودين عرفهم بري يكتبون في جلسات مجلس الوزراء تفاصيل الوقائع.

اكثرهم مراساً واوسعهم خبرة والماماً بتدوين المحاضر وحفظها النائب الراحل جوزف سكاف الذي اشترك معه بري في حكومة الرئيس رشيد كرامي (1984 ــــ 1987) في عهد الرئيس امين الجميل. ترك النائب الراحل عشرات المفكرات عن حقب توزيره. اما ثالثهم فهو الوزير السابق غازي العريضي.
بفضل ما كان يكتبه وزير المال نقلا عن رئيس المجلس امكن تدوين وقائع حرب تموز 2006 بأدق تفاصيلها كي تمسي روايتها «موضوعية اكثر بكثير مما نشر بعد ذاك عن تلك الحرب بسبب التعويل على محاضر الاجتماعات وشهود العيان والمفاوضين الرئيسيين» يقول بري. الا انه يعترف بخطأ ارتكبه قبل ذلك، مذ اتكل في سنوات ماضية على الذاكرة، فلم يحتفظ مرة قرابة ثلاثة عقود من العمل السياسي بوثائق ومحاضر اجتماعات واوراق كانت تؤول عنده الى الاتلاف او الى الفرّامة.
على نقيض منه، كان الجميل طوال سني عهده يدوّن يومياً في المساء وقائع اليوم المنصرم، وانتهى به المطاف الى انجاز مذكرات بمئات الصفحات انجزها ترقد لسنوات خلت في ادراج مكتبه عن عهده. على ان بري يذكر ايضاً ان النائب السابق للرئيس السوري عبدالحليم خدام اخبره مرة ان بين يديه ثمانية آلاف صفحة من يوميات الحرب اللبنانية مذ وُضع الملف بين يديه. يكتب وقائعها بعد كل استقبال في مكتبه في دمشق، او اجتماع في لبنان، او حدث وثيق الصلة بها. يكتب اولاً مختصر الوقائع، ثم يلجأ الى تدوين التفاصيل في وقت متأخر من الليل.
قاد الكلام عن الجميل وخدام الى واقعة يرويها بري عن خلاف بينه وبين الرئيس السابق للجمهورية في جلسة تالية لجلسة كان عقدها مجلس وزراء حكومة كرامي، في سرايا بكفيا، حيال تفسير قرار اتخذ لاسبوع خلا يرتبط بوزارته المحدثة له، وزارة الدولة لشؤون الجنوب والاعمار. نجم عن هذا الخلاف اتهام بري الجميل بالتزوير، ولم يشأ الوثوق بما دوّنه الامين العام لمجلس الوزراء في محضر الجلسة حينذاك، وطلب الاحتكام الى مفكرة زميله سكاف بالقول: اذا كان معي حق سامحك الله (على التزوير). اما اذا كنتُ انا مخطئاً فسأخرج واعتذر على الملأ حتى آخر الدنيا.

كان رفض الطلب مزدوجاً: لا الجميل وافق على هذا الاحتكام، ولا سكاف قبل بوضع مفكرته بين يدي رئيس حركة امل آنذاك. مع ذلك اخذ نائب الرئيس السوري على حليفه توجيه تهمة التزوير الى رئيس الجمهورية. ردّ: هل يعطيه منصب الرئاسة ان يفعل؟
أكثر من مرة لاحقاً سأل رئيس المجلس نجل سكاف، النائب السابق الراحل ايلي، عن مفكرات والده، قائلا: فيها ادق مراحل تاريخ لبنان واصدقها. فيها كل تاريخ المراحل تلك.
على انه لم يحظَ بجواب.
فحوى ما رواه رئيس المجلس كان في معرض تساؤل مع زواره عمَن يروي للمستقبل تجربة الاستحقاق الرئاسي الحالي؟
لم يعد يسعه التفاؤل، ولا الايحاء به حتى، في ظل هذا الايصاد على انتخاب الرئيس وانقسام الكتل والافرقاء بين مرشحين معلنين، جهر كل منهم بتأييد احدهما، لكن دونما الذهاب الى مجلس النواب لانتخابه.
في اعتقاد بري ان فضيلة الشغور ــــ ان صح ان ثمة فضيلة فيه ــــ انه افضى في المحطة الحالية من الانقسام السياسي الداخلي الى ما يصح تسميته «فرط» قوى 8 و14 آذار على السواء: لا قوى 14 آذار لا تزال كما هي، ولا الفريق الآخر كذلك. الا اننا رغم هذه الايجابية لم نتمكن من انتخاب رئيس الجمهورية.
ومع انه، على مرّ سنين طويلة على رأس السلطة الاشتراعية، حضر تمديدين لرئيسين للجمهورية هما الياس هراوي واميل لحود، وانتخابين لرئيسين هما لحود وميشال سليمان، شاء حظ ولايته الطويلة هذه ان لا يعبر استحقاق رئاسي، تحت وطأة وجود سوريا في لبنان او اندلاع ما يشبه حرباً داخلية، لا يمر بتعديل دستوري شأن ما رافق تمديدي 1995 و2004 وانتخاب 1998، او ان يُنتخب رئيس خلافاً للاحكام الدستورية بالقفز فوق تعديل الدستور كانتخاب 2008.
شاء حظ ولاية بري ان تسجل سابقة لم يعرفها اي من اسلافه: رقم قياسي في تحديد مواعيد الجلسات: انتخب سليمان في الجلسة الـ20، ولا احد يعرف رقم الجلسة التي ستلي الرقم 36 ويُنتخب في ظلها الرئيس المقبل.
منذ اخفقت ما يعدّه جهود الافرقاء المحليين في التوصل الى «حل لبناني» لانتخابات الرئاسة، يحيل رئيس المجلس سائله على احداث المنطقة التي من شأن اي تطور ايجابي فيها ان ينعكس ايجاباً على الوضع الداخلي، وعلى الاستحقاق خصوصاً. الا ان رئيس البرلمان بات اكثر اهتماماً بمراقبة عمل حكومة الرئيس تمام سلام. يبدي ارتياحه الى قرارات الجلستين الاخيرتين، ويلاحظ انها انجازات في ملفات بدا انه يصعب التوافق عليها: ترحيل النفايات، الدفاع المدني، القرارات المالية، الكلام المرحب باجراء الانتخابات البلدية والاستعداد لها. صار الرجل اكثر اطمئناناً الى تماسكها هذه المرة، واصرارها على المضي في جلسات بلا اسباب لتعطيلها. احد ابرز المؤشرات واقربها انسحاب وزير العدل اشرف ريفي من جلسة الخميس بلا ضجيج من تياره السياسي، اذ كان في المقلب الآخر من هذا الموقف.

  • شارك الخبر