hit counter script
شريط الأحداث

أخبار محليّة

فضل الله: لتفويت الفرصة على مشاريع الفتنة المتربصة بالبلد

الجمعة ١٥ شباط ٢٠١٦ - 12:54

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

 ألقى العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية:

"عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بتقوى الله، التي هي الزاد في الدنيا والآخرة. وحتى نبلغ التقوى، لا بد من أن نكون مصلحين، ولذلك قال الله: {فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم}، وفي ذلك كل التآسي برسول الله "المصلح"؛ وهذه الصفة كانت إحدى صفاته التي تميز بها قبل أن يبعث نبيا، وهو الذي أصلح بين قبائل قريش حينما وقع الخلاف بينها حول من يضع الحجر الأسود في مكانه. يومها، جاء رسول الله، وطلب منهم أن يأتوا له بثوب وضع فيه الحجر، ودعا كل قبيلة إلى أن تأخذ بطرف منه، ولما وصلوا به إلى موضع الحجر الأسود، رفعه ووضعه في مكانه. وبعدما بعث نبيا، كان رسول الله يسارع إلى حل الخلافات التي تحدث بين الناس أو بين أصحابه، وقد ورد في سيرته، أن رجلا من اليهود مر على نفر من أصحابه من الأوس والخزرج يتسامرون، وكان ثمة خلاف بين القبيلتين أيام الجاهلية، فغاظه ما رأى من توادهم، وراح يذكرهم بقتلاهم، فثارت ثائرتهم، وتنادوا السلاح السلاح. هنا، أسرع رسول الله إليهم، وقال: يا معشر المسلمين، أتدعون الجاهلية بعد أن هداكم الله إلى الإسلام وأكرمكم به، فأصبحتم بنعمته إخوانا؟! أترجعون إلى ما كنتم عليه كفارا؟ فعرفوا أنها نزغة من نزغات الشيطان وكيد عدوهم، فألقوا السلاح، وعانق بعضهم بعضا. هذه الصورة تكررت في تاريخنا وستتكرر، فهناك الكثيرون من دعاة الفتنة والساعين إليها، ومن الذين يعملون وفق قاعدة فرق تسد، التي ينبغي أن تبقى ماثلة أمامنا، لذلك تبقى الحاجة ماسة إلى حكماء ومصلحين لا يديرون ظهرهم لمشعلي نار الفتن في القلوب وعلى الأرض، بل يسارعون إلى إطفائها وإعادة المحبة إلى القلوب والحياة. هؤلاء هم من ينبغي أن يرفعوا على الراحات، هم صمام الأمان للمجتمعات، وبهم نواجه التحديات".

وأضاف: "البداية من لبنان، الذي لا يتوقف عداد الأزمات فيه عن الدوران من الأزمة المعيشية الخانقة، والجمود الاقتصادي، وارتفاع نسبة البطالة، إلى أزمة النفايات بكل تبعاتها الصحية والبيئية التي باتت تهدد صحة المواطنين وحياتهم، إلى الوضع المالي المتردي في الخزينة العامة، والذي يعمل السياسيون على البحث عن حلول له من خلال فرض ضرائب جديدة من جيوب الفقراء، بدل معالجة الهدر والفساد الذي يعشعش في الإدارات العامة، والعمل على تنمية موارد الدولة، والتي يمكن أن تسد العجز المالي، إضافة إلى الملفات الملحة التي تنتظر فتح أبواب المجلس النيابي، والعمل السريع في مجلس الوزراء، وعدم التباطؤ أو الكيدية فيه، وانتخاب رئيس للجمهورية، وإيجاد حل لملف النفط. ورغم ذلك، فإننا لا ننكر أن ثمة إيجابيات تحصل هنا وهناك، ولكن يبدو واضحا أن المسؤولين غير مستعجلين لكسر الجمود وإيجاد حلول للملفات بمستوى حرارة المطالب، ولماذا يستعجلون ما دام الشعب المطلوب حضوره ليطالب بالحد الأدنى من حقوقه، غائبا، ويكتفي بالتأفف، وإذا كان من حراك له، فهو خجول ومحدود وغير مجد".

وتابع: "إن هؤلاء المسؤولين ليسوا خائفين من حساب الشعب، لأن الحساب لن يأتي ما دام التمديد هو سيد الموقف، وإذا كان هناك من انتخابات بلدية قادمة، فلا يبدو أنها تقلقهم، فالكل آمن مطمئن، لأنه قد رتب خياراته التي تضمن أن تتكرر الصورة، ولو بتعديلات بسيطة لا تمس الجوهر، ويكفي هذا المسؤول أو ذاك، لكي يبرد أي اعتراض من حوله، أن يدغدغ المشاعر الطائفية والمذهبية، وحينها يسكت الجميع، ويرفعونه على الأكتاف، لكونه صمام أمان الطائفة أو المذهب".

وأضاف: "إن مسؤوليتنا الدينية والوطنية تدعونا إلى أن نرفع الصوت عاليا ليؤدي من تحمل المسؤولية مسؤوليته. إن رهاننا لبلوغ ذلك سيبقى على وعي اللبنانيين، الذين من حقهم أن يعيشوا حياة كريمة هم وأولادهم، ومن واجبهم أن يشكلوا أداة ضغط حقيقية، وأن يتحركوا بقوة ليكونوا فاعلين، لكن بحكمة، لتفويت الفرصة على مشاريع الفتنة المتربصة بهذا البلد، وأن يشعروا المسؤولين أنهم أمام شعب لا يتحرك عندما يراد له أن يتحرك، أو يتوقف عندما يراد له أن يتوقف. هو شعب يراقب ويتابع ويدقق ويحاسب، ولا يكتفي بالوعود المعسولة، ولا تخدره الكلمات، ولا يمكن التلاعب بعواطفه أو بعقله، ولا يسكته الابتزاز بمقولة إن أي تحرك يؤدي إلى خراب الوطن وتهديد مصيره، فهذا هو السلاح الدائم المرفوع عند أي انتقاد أو تغيير".

وتابع: "أما سوريا، فقد بات واضحا مدى التعقيد الذي وصلت إليه الأزمة في هذا البلد، فهي خرجت عن كونها أزمة نظام ومعارضة وإصلاح، لتدخل في أتون الصراع الإقليمي والدولي الحاد على هذا البلد أو المنطقة، أو لتسوية صراعات في مواقع أخرى. ولذلك، لم يعد الرهان على الحل من خلال حوار يجري بين النظام والمعارضة، بقدر ما بات الرهان على حل يأتي من توافق جميع الدول المؤثرة، إذا صحت التوقعات على ما جرى وسيجري اليوم في ميونيخ وغيرها، ليكون الحل في تقاسم جبنة هذا البلد والمنطقة وأماكن أخرى في العالم، لأنه مع الفشل، لا بديل إلا استمرار الحرب الضروس، والتي يمكن أن تتوسع إلى دول الجوار، ما يهدد بحرائق كبيرة في المنطقة، ومع الأسف، هناك من يراهن على ذلك".

ورأى ان "الشعب السوري الذي تزداد معاناته، فما عليه إلا أن ينتظر في المخيمات، وعلى شواطئ البحار، وعلى أبواب هذه الدولة أو تلك، أو يبقى خائفا في الداخل في عالم بات خاليا من القيم والمشاعر أو من الحكمة".

وختم: "أخيرا، مرت علينا الذكرى السابعة والثلاثون لانتصار الثورة الإسلامية في إيران، والتي قدمت أنموذجا في قدرة الشعوب على الإمساك بقرارها وزمام أمورها، والحفاظ على حريتها واستقلالها، وعدم الارتهان للدول الكبرى، رغم حرصها على الانفتاح على العالم، ومد يدها إلى القريب والبعيد. إننا في هذه المناسبة، نهنئ الجمهورية الإسلامية قيادة وشعبا، ونرى أن المسؤولية كبيرة في تعميق تجربتها الإسلامية، لتقدم أنموذجا رائدا للاسلام الحركي المنفتح على العصر، مقابل كل الصورة المشوهة عن الإسلام، والمسيئة إليه، والتي نعاني ويلاتها".
 

  • شارك الخبر