hit counter script

مقالات مختارة - كبريال مراد

المسيحيون طرحوا خشبة خلاص... فهل يلتقطها الحريري؟

الجمعة ١٥ شباط ٢٠١٦ - 09:20

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

البلد

تتجه الأنظار نهاية الأسبوع الى الاحتفال الذي سيقيمه تيار المستقبل احياء لذكرى الرابع عشر من شباط. وفي الوقت الذي قد ينتظر البعض صورة الحضور، ومن سيحضر ومن سيغيب، على وقع خلط الأوراق الحاصل منذ أسابيع، والترددات السلبية التي أعقبت لقاءات باريس بين رئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري ورئيس تيار المردة النائي سليمان فرنجية، فالقوى المسيحية تنتظر ما سيقوله الحريري، وهل سيتلقف الفرصة ام سيضيعها؟

لماذا هذه المعادلة؟ يقول المعنيون أن حداً فاصلاً يفترض ان يكون قد رسم في الثامن عشر من كانون الثاني 2016. ففي تلك اللحظة، بدا اعلان معراب بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية بتبني ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، بمثابة "خريطة الطريق المشتركة" للاصلاح تحت سقف الدستور. بحيث اظهر الحزبان المسيحيان، بما يمثلان داخل بيئتهما وعلى المستوى الوطني، حرصا على الدولة والكيان والمؤسسات، من خلال وضع الاصبع على جرح الخلل ووصف الدواء الشافي للحال التي وصلت اليها البلاد جرّاء التطبيق المعتور لاتفاق الطائف، بما نجم عنه من تغييب للشراكة الفعلية والمناصفة الحقيقية.

لم تأت الأفكار المشتركة بين الرابية ومعراب مقفلة على ذاتها، لا بل مفتوحة على النقاش مع مختلف الافرقاء. فهي مصالحة تمهّد للاتفاق الوطني. وفي تلك اللحظة، بدا أن الأغلبية المسيحية المطلقة قادرة على ان تلتزم بهذا المشروع القائم على تحصين الصيغة اللبنانية وتضمن تنفيذه، في الوقت الذي تغيب هذه القدرة عند الآخرين لاسباب عدة، ليس آخرها التمثيل الوازن. فالمردة والكتائب ليسا بحجم المعادلة، لا انتقاصاً من هما، بل انطلاقاً من معايير التمثيل الشعبي والحضور على مستوى الجمهورية، والقدرة على التفاعل مع المكونات الأخرى.

هل الطرف الآخر مستعد؟
وبعدما قام الحزبان المسيحيين بالمبادرة، يطرح السؤال عن استعداد الطرف الآخر لتلقفها بما يخدم مصلحة الجميع، على وقع التصدعات التي اصابت الهيكل اللبناني على مدى سنوات، اذ بدت مرحلة ما بعد الطائف مخيبة للآمال، ولم تبن دولة بمفاهيمها الدستورية والتشاركية والاصلاحية والتطويرية. واليوم، وفي ظل الصراع السني الشيعي في المنطقة، وانعكاساته على لبنان، يفترض بالموقف الضامن للصيغة اللبنانية ان يتقدم على الحسابات الأخرى، حتى لا تزداد الثقوب في السفينة اللبنانية، فتغرق نتيجة ازدياد التسربات والاحمال. في الوقت الذي تبدو فيه الفرصة سانحة لبدء الترميم لتجميد الانهيار، والانطلاق نحو مرحلة جديدة.

يقول بعض العاملين في الكواليس، أن "اعلان معراب" يشكّل خشبة خلاص للجميع، متساءلين عن مدى تلقف الحريري لها لتشكّل "دولاب الإنقاذ" للجمهورية بمختلف مكوناتها. ما هو المطلوب؟ أن لا يبني الحريري في خطابه الأحد على ما مضى، بل يفتح نافذة فعلية على المستقبل من خلال التقدم خطوة نحو الامام لملاقاة "اعلان معراب" في منتصف الطريق، وهو الذي ينطلق بثوابته وعناوينه مما يفترض بها أن تشكّل ثوابت وطنية للجميع.

ابواب غير مقفلة...واستماع خجول
ووفق المعلومات فإن الابواب لا تبدو مقفلة على تبادل الافكار، وإن كان الاستماع المتبادل لا يزال خجولاً مع الامل بأن يتكثّف اذا ما توافرت الارادة المشتركة والقناعة المتبادلة بالجدوى والحاجة اليه.

وسط ما تقدّم، ففي هذه اللحظة، يبدو الثنائي المسيحي قادراً، بما يمثل ومن يمثل والمشروع المشترك الذي يطرح، أن يضمن وحدة لبنان من خلال الالتقاء على الأرضية المشتركة، وهو في هذا الاطار، ينتظر الرد السني الذي يأمل في ان يكون ايجابياً لفتصحة صفحة جديدة قائمة على المساواة والتوازن والاحترام المتبادل، بعد 25 سنة من الخلل.

وإذا كان هذا هو المعيار الضمانة على المستوى الداخلي، فتحييد لبنان عن الصراعات الخارجية مطلوب ايضاً، الامر الذي لا يتأمّن فقط بالعناوين، بل من خلال سياسة خارجية مستقلة، لا يملك أي من المرشحين الموارنة الآخرين امكان تنفيذها، وهو ما ضمّنته ورقة "اعلان معراب" بقولها "التزام سياسة خارجية مستقلة بما يضمن مصلحة لبنان ويحترم القانون الدولي، وكذلك التعاون مع الدول، لاسيما العربية منها، ممّا يحصّن الداخل اللبناني ويساعد على استقرار الأوضاع" .

وكما أن الشجاعة كانت مطلوبة، ليقوم الوطني الحر والقوات اللبنانية بالخطوة الأولى لردم هوة التباعد على مدى ثلاثين عاماً، فالشجاعة مطلوبة كذلك اليوم من الشريك الآخر، لوقف المسار الانحداري من خلال الاعتراف بخطأ الممارسة غير السليمة على مدى سنوات ما بعد الطائف، والشروع في ورشة عمل مشترك تشدشد اساسات الجمهورية وتصلح ما يجب إصلاحه، حتى لا ينهار البنيان على الجميع.

بعد ساعات اذا سيطلّ الحريري. صحيح أن المناسبة قد تفرض نفسها على المضمون، ولكن منصّة الرابع عشر من شباط قد تكون المكان والزمان المناسبين لخطوة جريئة تخرج البلاد من الااستقرار الى مرحلة الاستقرار القائم على الشراكة وصحة التمثيل.
 

  • شارك الخبر