hit counter script

مقالات مختارة - آمال خليل

صيدا كيف؟ المستقبل لا يريد انتخابات بلدية

الإثنين ١٥ شباط ٢٠١٦ - 07:03

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الاخبار

الحكومة أقرت تمويل الانتخابات البلدية ودوائر نفوس محافظة الجنوب أنجزت لوائح الشطب. مع هذا، ليس حاسماً بأن صيدا ستكون على موعد مع بلدية جديدة في أيار المقبل. لكن بوابة الجنوب قد تكون على موعد مع رئيس بلدية جديد في حال إصرار محمد السعودي على تقديم استقالته فور انتهاء ولايته


«صيدا كيف؟»، يسأل الرئيس رفيق الحريري بحسب اللوحات الإعلانية التي انتشرت خلال الأسبوع الفائت في مسقط رأسه، عشية الذكرى الحادية عشرة لاغتياله. على خلفية رمادية، يظهر وجه الحريري مبتسماً، وقد ارتسم أمامه كأنما يخرج من لسانه وقلبه، ذلك السؤال المطمئن عن أحوال مدينته وأهلها، وقلب صغير معلّق ببالون. ذلك القلب المعلق يشبه تماماً أحوال الصيداويين هذه الأيام: خمود بعد ثوران مذهبي وجمود سياسي ونكبة اقتصادية.

لا يمكن الوصول إلى اللوحات الرمادية المعلقة فوق الأسطح والأعمدة لإجابة الشهيد عن سؤاله. التقط البعض صوراً للإعلان واستعانوا بـ»الفوتوشوب»، لتدوين أجوبتهم ثم نشروها عبر الواتساب والفايسبوك. صيدا كيف؟ يسأل الحريري. فيجيبون: «40 ألف صيداوي عاطل من العمل» و»من 6 أشهر مش قابضين» و»صرفونا من أوجيه» و»ما في مصاري وإعاشات وأدوية».
أراد صاحب الفكرة من حملة ذكرى هذا العام أن يشد العصب الصيداوي. لكن السؤال شكّل «فشة خلق» للصيداويين للتعبير عن استيائهم من أداء تيار المستقبل ونائبيه، بهية الحريري وفؤاد السنيورة.

أسهم المستقبل في صيدا في أدنى مستوياتها ويشبه وضعه ما كان عليه عشية انتخابات 2004
فعدا عن الأزمة المالية والخدماتية التي يعانيها التيار في جميع المناطق، تشعر صيدا بغبن إضافي يتكرر بين الحين والآخر: التجاهل والغياب. وآخر مظاهرهما، تخصيص سيدة مجدليون ثلاثة أيام في الأسبوع لاستقبال الوفود الرسمية والشعبية في «بيت الوسط»، علماً بأنها في صيدا لا تختلط بالشعب إلا في المناسبات النادرة.
أسهم المستقبل في صيدا في أدنى مستوياتها، ويشبه الوضع ما كان عليه عشية الانتخابات البلدية عام 2004، عندما حقق التيار الوطني بقيادة أسامة سعد فوزاً كاسحاً على المستقبل بقيادة الرئيس رفيق الحريري شخصياً. الظروف مؤاتية لكي يستعيد التيار مساحته التي خسرها في الانتخابات النيابية عام 2009 ثم البلدية بعد عام. إذ كان تقييم الحملات الانتخابية للطرفين حينها: «القوى الوطنية تبيع الناس كلاماً. أما آل الحريري، فيبيعونهم وظائف وخدمات». حالياً، يتساوى الطرفان في بيع الكلام. فهل لهذا السبب أعرب كل من الحريري والسنيورة، بحسب ما نقل عنهما في مجالسهما الخاصة، عن تفضيلهما عدم إجراء الانتخابات البلدية بعد ثلاثة أشهر؟ ولكن رغم التأجيل المرجح، لن «تزمط» صيدا من الانتخابات. رئيس البلدية محمد السعودي أبلغ المعنيين منذ عام أنه لن يمدد ولايته في حال مددت ولاية المجالس البلدية، متمسكاً بالاستقالة فور انتهاء ولايته السداسية في 23 أيار المقبل. قرار أربك المستقبل وحلفاءه والتيار الوطني على السواء. من البديل؟ سؤال لم يجد إجابة حتى الآن، لملء فراغ السعودي الذي رشحته الحريري، وربط موافقته على العرض بموافقة صديقه رئيس التنظيم الشعبي الناصري أسامة سعد.
قبل أسبوعين، دعا السنيورة السعودي إلى اجتماع عاجل، طالباً منه التراجع عن قراره والاستمرار في منصبه. مصادر مواكبة للقاء نقلت عن السنيورة قوله إنه «غير متحمس لإجراء الانتخابات من الأساس ويرجح عدم حصولها». السعودي أكّد لـ»الأخبار» رفضه تمديد ولايته، مشيراً إلى أنه وضع المرجعيات الصيداوية في أجواء قراره منذ أشهر. لكن، من حوله، تشاع أجواء مختلفة. ينقل عنه قبوله البقاء في منصبه مؤقتاً، في حال تقرر تأجيل تقني للانتخابات لستة أشهر. إلا أنه ينفي علمه بتلك الأجواء، قبل أن يستدرك قائلاً:» إذا تأجيل لستة أشهر فقط، ما إلي عين أعاند. إنما ليس أكثر».
مصير الانتخابات معلق، يعلّق صيدا في الهواء حتى نهاية الشهر الجاري، موعد انتهاء مهلة دعوة الهيئات الناخبة التي ــــ في حال حصولها ــــ تشكل الدليل القاطع على إجراء الانتخابات. حتى ذلك الحين، تضع القوى الصيداوية كل الاحتمالات على الطاولة، سواء أجريت الانتخابات أو لا. سعد أكّد لـ»الأخبار» أن التنظيم الشعبي وحلفاءه سيبدأون هذا الأسبوع اجتماعات تشاورية لمواجهة كل الاحتمالات، «إذ يهم القوى الوطنية المضي بالتغيير الديموقراطي». لكن، و»بالرغم من الجدية الظاهرة لدى الزعماء»، رجّح سعد تأجيل الانتخابات «لأنهم في الحقيقة يعملون على التمديد خوفاً من تبدل الحجم التمثيلي بعد الأزمات السياسية وتغير التحالفات». أما صيداوياً، في حال بقيت البلدية وغادر السعودي، فلا يعول على تغييرات تمثيلية جذرية تفرزها الانتخابات الداخلية للأعضاء الـ 21. فالمجلس كله من «لائحة الوفاق للإنماء»، نتاج تحالف المستقبل (16 عضواً منهم الرئيس ونائبه) والجماعة الإسلامية (3 أعضاء) إلى جانب عضوين محسوبين على رئيس البلدية السابق عبد الرحمن البزري. وعليه، فإن بديل السعودي «سيكون من الجو نفسه»، مرجحاً انتخاب نائب الرئيس إبراهيم البساط.
ولكن ما هي حظوظ الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري؟ يكاد ينسى كثيرون، ومنهم أعضاء في البلدية، أن الحريري زميل لهم. فهو لم يشارك في الاجتماعات البلدية منذ ست سنوات. مع ذلك، تم الترويج له كخلف للسعودي «في محاولة مستقبلية لاستعادة الشعبية». سعد يستبعد هذا الاحتمال، معتبراً أن المستقبل يخدم الناس من خلال البلدية والقوى الأمنية من دون أن يكون الحريري شخصياً رئيساً.
وهل للجماعة رأي آخر ببديل السعودي؟ يصف المسؤول السياسي للجماعة الإسلامية في الجنوب بسام حمود «التجربة البلدية» برئاسة السعودي بـ»الناجحة والممتازة والمتجانسة والمنتجة». لذلك، تمنى على السعودي «الاستمرار في حمل الأمانة في هذه الظروف الصعبة». لكن، ماذا لو أصر الأخير على الاستقالة، هل ترشح الجماعة أحد أعضائها الثلاثة لخلافته؟ رفض حمود الإجابة، معتبراً أن «الأمر سابق لأوانه، ولكل حادث حديث».
البزري، الشريك في البلدية الحالية، يشكك أساساً في استقالة السعودي. يقول: «في القانون يحل مكانه نائب الرئيس». أما المعايير الخاصة بين الأعضاء بعد ست سنوات من الاحتكاك «فتصبح أهم من التمثيل السياسي وتتحول إلى تقديرات خاصة بكل منهم عن الأجدر والأنسب» يقول البزري. صيداوياً، يجد أن المزاج الشعبي لا يزال خجولاً ولم يدخل في إيقاع الانتخابات «لأنه يشكك في حصولها من الأصل».
 

  • شارك الخبر