hit counter script

مجتمع مدني وثقافة

المطران عون ترأس قداس مار مارون في الكويت: الأوطان تبنى بالتخلي عن الذات

السبت ١٥ شباط ٢٠١٦ - 10:21

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

احتفلت الرعية المارونية في الكويت بعيد القديس مارون خلال قداس احتفالي اقيم في كاتدرائية العائلة المقدسة، ترأسه راعي ابرشية جبيل المارونية المطران ميشال عون عاونه فيه خادم الرعية الخوري الاب ريمون عيد، القائم بأعمال السفارة البابوية في الكويت المونسونيور اندري والاب انجولوس مسعود وخدمته جوقة كنيسة مار يوسف المارونية بقيادة الياس الهاشم.

وحضر القداس النائب سيمون ابي رميا، سفير لبنان في الكويت خضر حلوة، متروبوليت بغداد والكويت وتوابعهما للروم الاورثوذكس المطران غطاس هزيم، راعي الكنيسة الانجيلية الوطنية في الكويت القس عمانوئيل غريب، راعي الكنيسة الارمنية الاثوذكسية الاب ازداك كهيايان، وفد راهبات الوردية برئاسة الام بياترين عقيقي، رئيس مجلس الرعية المارونية في الكويت جوزف اسطفان، الرئيس السابق شربل اسطفان والاعضاء، مستشار مجلس الامة الكويتي ربيع الشاعر عضوي الرابطة المارونية كارلا شهاب وفادي جرجس، عضو اللجنة التنفيذية في المؤسسة المارونية للانتشار حسان العميل، رئيس مجلس ادارة "نورسات" المدير العام ل "تيلي لوميار" جاك كلاسي، عضو مجلس نقابة الصحافة جورج بشير، رئيس حركة الارض طلال الدويهي وامين السر زياد الاصفر وحشد من ابناء الجالية اللبنانية في الكويت.

بعد الانحيل المقدس القى عون عظة نقل في مستهلها تحيات البطريرك الراعي ومعايدته لابناء الجالية بالعيد، منوها بالجهود التي يقوم بها مجلس الرعية المارونية في الكويت من اعمال ومساعدات للمعوزين.

وتحدث عون في عظته عن مراحل حياة القديس مارون وقال: "إن الإنجيل الذي يعلن في عيد مار مارون، والذي يكلمنا عن "حبة الحنطة، التي إن لم تقع في الأرض وتمت، تبقى مفردة، وإن ماتت تأتي بثمار كثيرة"، يعبر عن روحانية القديس مارون الذي أراد اتباع الرب يسوع في حياة التخلي عن الذات والموت عن العالم. فهو لم يقتصر على الأعمال النسكية المعتادة، لكنه اخترع أعمالا أعظم لكي يجمع غنى الحكمة الكاملة. فعلى مثال حبة الحنطة مات مارون عن أمجاد هذا العالم ومباهجه ليكون لأبناء عصره علامة بإيمانه وصلاته واتحاده بالرب يسوع، وشاهدا للكنز الحقيقي الذي وجده والذي جعله يتوق بكل كيانه إلى ربح الملكوت السماوي. لذلك تقاطر إليه الناس من كل صقع ومكان، لما اشتهر عنه من الفضائل والعجائب، ولأنه كان يخمد عنهم اضطرام التجارب والمصائب بندى البركة وظل النعمة. فكان هذا العظيم القدر، أي مارون الناسك، يعالج كافة الأمراض الجسدانية والروحانية بدواء واحد خاص هو الصلاة على حد قول توادريطس اسقف قورش. "كان يداوي الأنفس بما يوافق شفاءها: يشفي واحدا من داء البخل، وآخر من داء الغضب، وآخر يصف له دواء القناعة، ويعلم آخر قانون العدل، وآخر يحذره من الشر".

واضاف: "لم يترك لنا القديس مارون كتابات روحية أو تعاليم لاهوتية، ولكن حياته بما فيها من بطولة وقداسة رسمت خطا روحيا يتميز بروحانية النسك والتقشف وعبادة الله والموت عن العالم، وجذبت الكثير من الرجال والنساء لاقتفاء أثره طلبا للكمال المسيحي. ولأن شهرة قداسته ذاعت في البقاع والقرى القريبة والبعيدة تم إنشاء دير كبير على اسمه على ضفاف نهر العاصي امتلأ بالمئات من الرهبان، وأصبح هذا الدير برهبانه مركز إشعاع روحي طبع شعبا كاملا بروحانية مار مارون.
هذه الروحانية تدعونا يا إخوتي إلى مساءلة أنفسنا عن كيفية عيشنا لإيماننا المسيحي وكيفية الشهادة له في عالمنا الحاضر. فكل روحانية تنبع من الإنجيل يجب أن تقودنا إلى علاقة مميزة وشخصية مع الرب يسوع. هذا البعد العامودي الذي يربط الإنسان بربه وإلهه يتغذى من حياةالصلاة والعبادة، ومن الإصغاء إلى كلام الله والتأمل فيه، ومن الاتحاد به في الأسرار المقدسة لا سيما في سر القربان. ولا مجال إلى عيش هذه الروحانية والسعي إلى اكتسابها وتفعيلها في حياتنا الواقعية إلا إذا آمنا بأن الله هو مصدر حياتنا وفرحنا وسعادتنا، وبأنه الغنى الحقيقي الذي يغني حياتنا، وبأن خيرات هذا العالم لا تفيد الإنسان شيء إن ربحها كلها وخسر نفسه".

وقال: "هذه المسيرة الروحية التي تقود بطبيعتها كل مؤمن إلى القداسة، تقوم على أساس التوبة والعودة إلى ينابيع كلمة الله التي تهدينا على طرقات هذاالعالم، وتساعدنا على تمييز الخير الذي يبني الجماعة الكنسية بالمحبة، والذي يبني الأوطان بالعمل والعطاء والتضحية من أجل المصلحة العامة.
وهنا نصل أيها الأحباء إلى البعد الآخر لإيمانناالمسيحي ألا وهو البعد الأفقي الذي يدعوني أنا المؤمن إلى تجسيد إيماني في علاقتي مع إخوتي في الكنيسة كما في الوطن بحياة عنوانها الالتزام والشهادة. فإذا كانت الكنيسة جماعة الذين يحبون بعضهم بعضا بروح التواضع والخدمة والتسامح لكي تنمو في القداسة، وتشهد أمام العالم لقيم الإنجيل، فكم بالأحرى يجب على أبنائها أن يكونوا نورا في ظلمة هذا العالم وخميرة بين أبناء جيلهم ليشهدوا لإيمانهم بصدق وأمانة، ويعملوا مع شركائهم في الوطن على زرع المحبة ومد الجسور وتفعيل الحوار الصادق بين كل الأفرقاءالذي من شأنه أن يزيل كل المخاوف ويعيد الثقة في العمل السياسي والاجتماعي والاقتصادي والإنمائي".

واردف عون: "هذا ما نرجوه اليوم يا إخوتي في هذا العيد الميمون لوطننا الحبيب لبنان كي ينهض من محنته ويستقبل أبناؤه كلهم ولا سيما القيمين على شؤونه الوطنية الروح الذي يلهمنا إياه مار مارون. فالروح الذي يشعه مارون في عيش التخلي بمفهوم حبة الحنطة، يعلمنا أن الأوطان تبنى أيضا بالتخلي عن الذات وعن المصالح الشخصية وعن الأنانيات من أجل الخير العام ومن أجل كل المواطنين على حد سواء. هذا هو الطريق الذي يجب أن يسلكه المسؤولون كلهم، ولا سيما رؤساء الكتل النيابية والأحزاب، للنهوض بالوطن على كافة المستويات وصولا إلى انتخاب رئيس للجمهورية في أقرب وقت، يحمي الدستور والمؤسسات، ويسهر على روحية الميثاق الوطني، ويعمل على ترسيخ العيش المشترك.
فلنطلب من الرب، بشفاعة أمنا مريم العذراء وبشفاعة ابينا مار مارون، أن يزيدنا تعلقا بإيماننا، ويعطينا أن ننمو بالقداسة في قلب الكنيسة، فنختبر أننا جسد واحد يحقق دعوته بالتضامن والأخوة والمحبة الحقة. وليكن هذا الاحتفال السنوي، الذي يحضره بكل عناية وتفان وسخاء مجلس الرعية المارونية في الكويت مع خادم الرعية المحترم، مناسبة لتجديد الالتزام بروحانية مار مارون، وتذكيرا بأهمية الالتزام بمسيرة الإيمان في قلب الرعية، فتعملون كجماعة واحدة مع الأسقف والكهنة والمؤمنين المعمدين على بنيان الإنسان والجماعة على القيم الإنجيلية، مع السعي إلى نشر ثقافة المحبة والأخوة والسلام، لنسير بمجتمعاتنا إلى النمو الشامل، علنا نبلغ الفرح والسعادة هنا وفي العالم الآتي".

وختم: "أعاد الله عليكم هذا العيد، وعلى لبنان وشعبه، وعلى الكويت العزيز، أميرا وحكومة وشعبا، بالخير واليمن والنعم".

وكان السفير حلوة اقام مأدبة غداء على شرف المطران عون والوفد المرافق في دارته، شارك فيها النائب ابي رميا، اسطفان وعدد من المدعويين.  

  • شارك الخبر