hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - فارس سعيد

قبل فوات الأوان

الخميس ١٥ شباط ٢٠١٦ - 07:05

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الجمهورية

جاء «اتفاق الطائف» عام 1989 ليؤكّد، شكلاً ومضموناً، جملةً من الأمور هي في أساس أيّ اتفاق يمكن أن ينعقد بين اللبنانيين للخروج من الحرب وإعادة البناء على قاعدة العيش المشترك الذي يلخّص معنى لبنان.

وبصرفِ النظر عن العوامل الخارجية والملابسات التي رافقَت هذا الاتّفاق، فقد اعترف «الطائف» وللمرّة الأولى بصورة واضحة بالطابع النهائي للكيان اللبناني (وطناً نهائياً لجميع أبنائه)، وأكّد ضرورةَ استعادة الدولة سلطتَها على كامل التراب اللبناني بقواها الذاتية، ومن جهة أخرى كرَّسَ الاتفاق انتماءَ لبنان إلى محيطه العربي ومنَحَ المسلمين توازناً جديداً في السلطة توكيداً للمشاركة والتكافؤ.

إنّ التعامل مع اتفاقٍ ميثاقي من نوع «اتفاق الطائف»، على قاعدة «موازين قوى متغيّرة»، داخلية أو خارجية، هو تعاملٌ خاطئ يضرب الاتفاق في الصميم؛

أوّلاً، لأنّ الاتفاق ألغى الحاجة لأيّ «ثنائية طائفية مرجّحة» في الصيغة، خصوصاً بعد إقرار مبدأ المناصَفة وما تَرتّب عليه من إصلاحات سياسية ودستورية، كما ألغى مسألة الاستقواء بالعدد، لأنّ مثلَ هذا الاستقواء يُفسِد الشراكة.

لقد أثبَتت التجربة أنّ الثنائية الدرزية المارونية انتهَت بحربٍ أهلية في 1840-1860، ولم نتجاوزها عملياً إلّا بمصالحة الجبل في العام 2001 من خلال زيارة البطريرك مار نصرالله بطرس صفير إلى الشوف.

والثنائية المارونية السنّية التي قامت في العام 1943، انتهت بحربٍ أهلية بدأت عام 1975 وتنقّلت بأشكالٍ مختلفة من مرحلة إلى أخرى لتنتهي بـ«اتفاق الطائف» التاريخي.

أمّا الثنائية التي ظنّت أنّها حكمت لبنان خلال الوصاية السورية، فقد انتهَت باستشهاد الرئيس رفيق الحريري في العام 2005 وبتوحُّد معظم اللبنانيين في ساحة 14 آذار.

اليوم، نرفض الاستقواءَ بالعدد ونرفض الاستقواءَ بالخارج، كما نرفض الاستعلاءَ الذي يمارسه البعض من خلال تنصيب نفسِه «وصاية جديدة» على أنقاض الوصاية القديمة.

موحّدين، مسلِمين ومسيحيين، سنواجه كلّ مَن يدّعي إدارةَ شؤوننا من خلال سلاحه أو عضَلاته أو استقوائه بالخارج.

موحّدين، مسلِمين ومسيحيين، سنواجه هواجسَ كلّ طائفة وكلّ جماعة وكلّ فرد.

لأنّه ليس من علاجٍ مسيحي لشكوى المسيحيين،

وليس من علاجٍ شيعي لخوف الشيعة في المنطقة،

وليس من علاجٍ سنّي لآفة الأصولية والتطرّف،

وليس من علاجٍ درزي لعقدة الخوف على الوجود،

فإمّا أن ننجوَ موحّدين وإمّا أن نغرقَ فرادى.

موحّدين، مسلِمين ومسيحيين، سندافع عن الطائف ضامناً وحيداً للعيش المشترك.
 

  • شارك الخبر