hit counter script
شريط الأحداث

الحدث - رامي جبور

هل من الممكن أن يكون للحريري خطَّة بديلة؟

الخميس ١٥ شباط ٢٠١٦ - 06:38

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ليس خافيًا على أحد أنَّ ترشيح الدُّكتور سمير جعجع الجنرال ميشال عون قد أدَّى إلى خلط الأوراق الرئاسيَّة وإلى تعقيد الأمور أكثر فأكثر. فعدا عن إحراج حلفاء الجنرال، الدَّاعمين له في العلن والمعرقلين وصوله في الظلِّ، أدَّت مبادرة معراب إلى فرملة خطَّة الحريري بترشيح النَّائب سليمان فرنجيَّة رسميًّا، علمًا أنَّه يواجه رفضًا مزدوجًا من أقوى حزبين مسيحيَّين في لبنان. لكنَّ هذا الأمر، لم يدفع برئيس تيَّار المستقبل إلى الاستسلام وتسليم مفاتيح قصر بعبدا إلى الجنرال، بل أسرع في وضع العقبات أمام مبادرة معراب من خلال الإيحاء برفضٍ سعوديّ لوصول الجنرال إلى قصر بعبدا. كما واستخدم تيَّار المستقبل لهذه الغاية، موقف رئيس التيَّار النَّائي بنفسه عن الإجماع العربيّ لحضِّ القيادة السعوديَّة على رفض ترشيح عون وإغلاق أبوابها أمام رئيس حزب القوَّات... لم تنجح خطَّة الحريري بضمان فيتو سعوديّ على ترشيح عون، خصوصًا بعد المقابلات الإعلاميَّة لجعجع على ثلاث وسائل إعلاميَّة سعوديَّة (جريدة الشَّرق الأوسط، والرِّياض وقناة العربيَّة) ما يشير إلى رضا سعوديّ عن خطوات الحكيم. فهل سيستمرّ الشَّيخ سعد بالسعي إلى إيصال فرنجيَّة إلى كرسيّ الرِّئاسة على الرُّغم من جميع العراقيل أم أنَّه سيسحب من جيبه الخطَّة البديلة ليفاجئ بها حلفاءه وخصومه على حدٍّ سواء؟
تبدو مبادرة الحريري السَّاعية إلى إيصال فرنجيَّة إلى سدَّة الرِّئاسة صعبة المنال حاليًّا لسببين أساسيين: يتمثَّل السَّبب الأوَّل في رفض القوى المسيحيَّة لهذا التَّرشيح، ما يُفقد فرنجيَّة ورقة المرشَّح ذي التَّمثيل المسيحي القوي في معركته الرئاسيَّة. أمَّا السَّبب الثَّاني، فيظهر بالانقسام داخل قوى الثَّامن من آذار بين الدَّاعم لعون والدَّاعم لفرنجيَّة، إضافةً إلى نيَّة حزب الله تعطيل نصاب الجلسة الانتخابيَّة في حال لم تؤدِّ إلى انتخاب الجنرال رئيسًا.
أمام هذا الواقع، يطرح السُّؤال التَّالي نفسه: "هل من الممكن أن يكون للحريري خطَّة بديلة؟" من المؤكَّد أنَّ تبنِّي ترشيح الجنرال للرئاسة سيكون من الخطوات الذكيَّة التي قد يقدم عليها الرَّئيس سعد الحريري، إذ ليس من المستحيل عليه أن يفكِّر بهذا الأمر، خصوصًا أنَّه سعى سابقًا إلى التَّفاهم مع الجنرال في الموضوع عينه، ناهيك عن امتلاكه هامشًا للتحرُّك، كون رئيس المستقبل لم يرشِّح فرنجيَّة رسميًّا للانتخابات الرئاسيَّة. ولكن ما هي النَّتائج الإيجابيَّة لهكذا خطوة على تيَّار المستقبل وعلى قوى ١٤ آذار؟
وللإجابة على هذا السُّؤال، سنطرح في ما يلي الأسباب الخمس التِّي قد تجعل تيَّار المستقبل وحلفاؤه يسيرون في ترشيح الجنرال.
أوَّلا، يحتاج رئيس المستقبل إلى الرُّجوع إلى لبنان ولملمة الشَّارع السنِّي المتضعضع بعد سنين من التَّجاذبات ما بين قادة تيَّاره. وليس هناك أفضل من قيادة الحريري لرئاسة الحكومة بعد انتخاب العماد عون رئيسًا بغية إعادة الرُّوح إلى هذه الطَّائفة. سيحجز الحريري، في حال انتخابه الجنرال، مقعد رئاسة الحكومة مقابل رئيس من قوى ٨ آذار.
ثانيًا، لم تضع السّعوديَّة، كما أوضحنا سابقًا، فيتو على ترشيح عون ما يعطي الحريري مظلَّة من حليفته الإقليميَّة للسير بهذا التَّرشيح، خصوصًا بعد التزام الجنرال باتِّفاق الطَّائف كأحد بنود مبادرة معراب.
ثالثًا، من الواضح أنَّ ترشيح الحريري لعون سيساهم في تقريب وجهات النَّظر بينهما في العديد من الملفَّات، وأهمُّها قانون الانتخابات. وقد يكون القانون على أساس الدَّوائر المختلطة بين النسبيَّة والأكثريَّة، جامعًا مشتركًا بين تيَّار المستقبل والتيَّار الوطني الحرّ والقوَّات اللبنانيَّة، وبديلًا عن قانون يعتمد فقط النسبيَّة، وهو ما يرفضه الحريري كليًّا.
رابعًا، قد تمحي هكذا خطوة آثار الخصومة ما بين التيَّارين منذ التَّحالف الرباعيّ في العام ٥..٢ حتَّى يومنا هذا، ما قد يفيد قوى ١٤ آذار مستقبلًا بتقريب أحد حلفاء الطَّرف الآخر منها. كما وسيحرج دعم الجنرال، حلفاءه المعرقلين والسَّاعين إلى تحميل المستقبل مسؤوليَّة عدم اكتمال الإجماع الوطنيّ حول اسمه.
خامسًا، سيعزِّز الحريري، في حال قيامه بهكذا خطوة، صورته كشريك معتدل للمسيحيين في لبنان من خلال احترام اتِّفاقهم ما سيحمي الشَّراكة الوطنيَّة والمناصفة الفعليَّة التِّي أُبرم اتِّفاق الطَّائف على أساسها.
من المحتمل إذًا، أن يكون هذا السِّيناريو أو أجزاءٌ منه محطَّ نقاش في الجلسات الحواريَّة ما بين نادر الحريري والنَّائب آلان عون. ثمَّ إنَّ للطرفين مصلحة في الخروج من الأزمة الرئاسيَّة، منتصرين ضامنين العدد الأكبر من المكاسب وهذا لن يحصل من دون تنازلات متبادلة. فهل سيبادر الحريري إلى خطوة مشابهة بالتِّي اتَّخذها خلال أزمة الجلسة التشريعيَّة السَّابقة ويصنع الحلّ أم أنَّه سيستمرّ بترشيح المرشَّح الذِّي ترفضه أغلبيَّة المسيحيين ويساهم بدفن اتِّفاق الطَّائف بيديه الإثنتين؟
 

  • شارك الخبر