hit counter script

صورة القوّات البهيّة... برعاية أنطوانيت جعجع

السبت ١٥ كانون الثاني ٢٠١٦ - 06:59

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

انصبّ الاهتمام السياسي خلال الأيّام الماضية، على لقاء رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، ورئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» ميشال عون. ولكن بعيداً عن الأبعاد السياسيّة «للقاء التاريخيّ»، كانت التغطية الإعلاميّة له حدثاً يستحقّ التوقف عنده. فعند موعد اللقاء، توحّد البثّ على القنوات التلفزيونيّة اللبنانيّة كافّة، وظهرت الصورة بكل تفاصيلها وأبعادها، كما رسمها وأخرجها وأرادها جهاز «القوّات» الإعلامي.
فقبل الإعلان عن موعد اللقاء ومضمونه، دعيت وسائل الإعلام إلى معراب لحضور مؤتمر صحافي «مهمّ». لم يكن أحد يعلم بأنّ عون سيحلّ ضيفًا للمرة الأولى على خصمه التاريخيّ، في داره، سوى الدوائر التنظيميّة القواتيّة التي بدأت التحضيرات اللوجستية قبل ثلاثة أيام من الموعد.
بدا جليًّا أنّ المشهد الذي بثّته الشاشات، مخطّط له بدقّة، وأنّ كلّ واحد يلعب دوره وفق سيناريو ومشهديّة مرسومة مسبقاً، من لحظة وصول عون إلى لحظة رفع الأنخاب. كانت اللقطات شبيهة بأشرطة الأعراس: الجميع انتظروا كأهل العريس، وعند وصول «العروس» علا التصفيق، ترافق الثنائي نزولاً على السلالم ولم يكن ينقص سوى مفرقعات نارية وبعض السيوف والمشاعل حتى يكتمل المشهد. بدت النائبة ستريدا جعجع والوزير جبران باسيل كإشبينين، أما النائب ابراهيم كنعان ورئيس «الدائرة الإعلامية في القوات اللبنانية» ملحم رياشي فتشاركا سويّاً دور أمّ العروس. قالب الحلوى حضر أيضاً، وحرصت ستريدا أن يشارك الجميع في قطعه، أمام الكاميرا.
تتفاوت الآراء حول الأبعاد السياسيّة للقاء عون جعجع المفصليّ، لكن يبدو أنّ هناك شبه إجماع على الحرفيّة العاليّة التي تعامل بها الجهاز الإعلامي القواتيّ مع الحدث. ترى مديرة المكتب الإعلامي لرئيس الحزب أنطوانيت جعجع في اتصال مع «السفير» أن «أهميّة الحدث، لا التحضيرات، هي التي فرضته إعلامياً»، مشيرة إلى أن الحرفيّة في التنظيم ليست جديدة على «القوّات». تسهب جعجع في الحديث عن تفاصيل التحضيرات، وتشير إلى وجود فريق عملٍ متخصّص عني بكافّة جوانب المشهد، من الإضاءة وهندسة الصوت إلى سيارتي النقل المباشر المتوفرتين بشكل دائم في معراب لتوزيع الصور لكلّ المحطات التلفزيونية. «12 كاميرا توزّعت في معراب أدارها المخرجان بودي معلولي وجورج خليل، كان الأمر أشبه بتلفزيون الواقع»، تخبرنا جعجع مشيرة إلى حضور أكثر من مئة صحافي من مختلف الوسائل الإعلامية المحليّة والعربيّة والأجنبيّة، وأكثر من عشرين سيّارة نقل مباشر. وتلفت جعجع إلى أن معراب مجهّزة بكلّ التقنيات التي تسهّل عمل الصحافيين، «إذ يمكن أن يظهروا بشكل مباشر على شاشاتهم عبر كاميراتنا».
إضافة إلى الجانب التقني من المعروف عن أنطوانيت جعجع أنها تحيط زوّار معراب من الإعلاميين باهتمام خاص. «اعتبر أن الصحافيين همّ ناسي لذلك أرتاح بالتعامل معهم لأي جهة انتموا، ولهم الحقّ أن يتمتعوا بالامتيازات فهم ضيوف أعزّاء»، بحسب تعبيرها. تعتبر المستشارة الإعلاميّة أن الجانب الإعلاميّ أساسيّ في العمل السياسي «لذلك نعمل على تأمين أقصى شروط الراحة للإعلاميين، من فنجان القهوة إلى مستلزمات البث المباشر». تربط جعجع نجاح التغطية الإعلاميّة للقاء عون جعجع الأخير بالراحة المؤمنة للإعلاميين: «لا يمكن أن نؤثر على مضمون رسالة الصحافي لكننا لا نعطيه أي حجة ليكون مضمون رسالته سلبياً».
جهود جعجع وفريقها المؤلّف من سبعة أشخاص تلاقى مع جهود رئيس جهاز الإعلام التواصل في «القوات اللبنانية» ملحم رياشي لإخراج الحدث بما يناسب تطلّعات «القوّات». يقول رياشي في اتصال مع «السفير» إن «الحدث تاريخيّ ويستحقّ ما بذل له من تحضير لأنّه أتى بعد صراعٍ سياسيّ ودمويّ ويحمل بطبيعته تغييراً استراتيجيّاً». يشير رياشي إلى أنّ «الأجهزة الإعلامية في الحزب بدأت التهدئة منذ أن بدأت اللقاءات بين الجانبين وكانت أول تجلّياتها إسقاط الدعاوى القضائية، وقد انسحب الهدوء على المناصرين والحزبيين». وعند سؤاله عن الأجواء الاحتفالية المبالغ بها، والتي كانت أشبه بالزفاف، يردّ رياشي ممازحًا: «اذا قصينا غاتو ما بيعجبكن، واذا ما قصينا ما بيعجبكن».
يبدو أن حزب «القوّات» يعمل جاهداً على تفاصيل الصورة التي يظهر بها في الإعلام، وعلى الترويج لنفسه بحرفيّة، بالرغم من حملات إعلاميّة سابقة فشلت، وأثارت سخرية على مواقع التواصل، مثل إطلالة جعجع في إعلان ترويجي حول المخدرات، وشعار «ما بينعسوا الحرّاس» الذي انتشر قبل فترة على مواقع التواصل.
كما يبدو أن الحزب يدرك أهميّة أن يصنع بنفسه الصورة التي يريد لها أن تظهر عبر كلّ وسائل الإعلام. كما يدرك أهميّة الصورة الممسرحة في العمل التسويقيّ لأنّه صنع للقاء بين شخصيتين سياسيَّتين لبنانيّتين ما لم يصنع للقاء الرئيس الأميركي بنظيره الكوبيّ بعد مقاطعة دامت ثلاثين عامًا.

جوزيت ابي تامر - السفير - 

  • شارك الخبر