hit counter script

أخبار محليّة

كرامي في ذكرى رحيل والده: آمن بلبنان القانون وسعى لانتشاله من الحروب

الجمعة ١٥ كانون الثاني ٢٠١٦ - 17:26

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

أحيا الوزير السابق فيصل كرامي الذكرى الاولى لرحيل والده الرئيس عمر كرامي بحفل في قاعة المؤتمرات في معرض رشيد كرامي الدولي في طرابلس، حضره النائب اسطفان الدويهي ممثلا رئيس مجلس النواب نبيه بري، الوزير محمد المشنوق ممثلا رئيس الحكومة تمام سلام، الوزيرة أليس شبطيني ممثلة الرئيس ميشال سليمان، النائب سامر سعادة ممثلا الرئيس أمين الجميل، النائب السابق اميل اميل لحود ممثلا الرئيس اميل لحود، الرئيس نجيب ميقاتي، النائب قاسم عبد العزيز ممثلا الرئيسين سعد الحريري وفؤاد السنيورة، رفعت بدوي ممثلا الرئيس سليم الحص، النائب العام لابرشية طرابلس المارونية الخورأسقف بطرس جبور ممثلا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، الوزيران بطرس حرب وجبران باسيل، النواب: محمد الصفدي، محمد كبارة وآلان عون، علاء الدين ترو ممثلا رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب وليد جنبلاط، مروان خير الدين ممثلا رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال ارسلان، طوني فرنجية ممثلا رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، النائب السابق لرئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي.

كما حضر الوزراء السابقون: جان عبيد، سامي منقارة، فريج صابونجيان، عبد الرحيم مراد، محمد جواد خليفة، كرم كرم، فايز غصن، نقولا نحاس، مروان شربل، شربل نحاس، ألبير منصور ومروان ابي فاضل، النواب السابقون: وجيه البعريني، باسم يموت، أسعد هرموش، جمال اسماعيل وعبد الرحمن عبد الرحمن، محافظ الشمال القاضي رمزي نهرا، رئيس اتحاد بلديات الفيحاء رئيس بلدية طرابلس المهندس عامر طيب الرافعي، رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس والشمال توفيق دبوسي، الرئيس السابق للمحاكم الشرعية السنية العليا في لبنان ناصر الصالح، رئيس محكمة طرابلس الشرعية الشيخ سمير كمال الدين، قاضي الشرع الشيخ غالب الايوبي، رئيس جمعية المشاريع فرع الشمال طه ناجي، رئيس دائرة اوقاف عكار الشيخ مالك جديدة، عقيلة الراحل مريم كرامي ونجلها خالد، ورؤساء الاحزاب والفصائل الوطنية والاسلامية اللبنانية والفلسطينية ونقباء المهن الحرة وحشد من أهالي طرابلس والشمال.

بعد آي من القرآن الكريم تلاها الشيخ خالد بركات والنشيد الوطني، ألقى الفنان سمير شمص قصيدة بالمناسبة، ثم كانت كلمة لعريف الاحتفال المحامي عادل حلو.

بدوره، قال كرامي: "مع كل شمس تشرق على الدنيا، أتطلع الى الدنيا،ما زالت السماء سماء، ما زالت الأرض أرضا، فما الذي تغير؟ هو شيء وحيد تغير، راح عمر. يا أبي يا أغلى الرجال، علمتني كيف أواجه الحياة بحلوها ومرها، علمتني الصبر في الشدائد، علمتني طبائع الأيام، فلا الفرح يقيم، ولا المناصب تدوم، ولا يبقى للمرء غير العمل الصالح ونقاء الضمير. علمتني كيف أمشي، كيف أحكي، كيف أصمت، كيف أرفض، كيف أسامح، علمتني كيف أكون. لكنك يا أبي لم تعلمني كيف أقف هذا الموقف الذي أقفه في هذه اللحظة وأقول: وداعا عمر كرامي".

أضاف: "يا اهل عمر كرامي، يا أصدقاء ومحبي عمر كرامي، يا مدينة عمر كرامي، يا وطن عمر كرامي، من كان مثل عمر كرامي يفارقنا جسدا، وهذا قضاء الله المحتوم، لكنه وكما ترون بعد مضي عام على الغياب، يزداد حضورا، يملأ المكان والزمان لكأني به يقول لنا الآن من عليائه، كفوا عن الدموع فأنا الآن في المقام الذي لا تنفع فيه الدموع، وامنحوني الفرح، ولا شيء يمكن أن يفرحني سوى ثبات الثابتين على الصراط المستقيم، وعودة الضالين الى جادة العقل والصواب. لبيك يا عمر كرامي، أنا، والله، من أهل الثبات على القيم والمبادىء التي زرعتها فينا، فهي خريطة الوجدان، وهي المرجعية، وهي الضوء الذي نهتدي به رغم الضباب القاتم الكثيف الذي يخيم على الوطن والأمة".

وتابع: "ها أنا يا أبي ويا قائدي، كما تركتني، وكما سلمتني الأمانة والوصية، ما بدلت تبديلا. وصيتك يا عمر، وهي حرفيا كما قلتها أنت أمام الله عز وجل وأمام الناس. ديني قبل دنياي، تلك تجارتي كما كانت تجارتك، وان قل رزقي في العباد، رضيت وشكرت رزقا عسى ان أستحقه لدى رب العباد. وصيتك يا عمر، عروبتي عقيدتي، هكذا رباك عبد الحميد، ومن ثم الرشيد، وهكذا ربيتموني أنت ورشيد وعبد الحميد، واذا جاء زمان، وقد جاء، وصارت العروبة عقوبة، قلت هو غيم أسود، وبعد الغيم شمس لا تشيب. وصيتك يا عمر، لبنان لبنان لبنان حتى النفس الأخير، هو الوطن الذي افتداه رشيد كرامي بحياته، فكافأته دولة هذا الوطن في الزمن الأسود بالعفو عن قاتله. وهو الوطن الذي ارتضى عمر كرامي لأجله كل المواجع والتضحيات. انه لبنان العربي الواحد الموحد السيد المستقل، لبنان الكريم العزيز المنيع، لبنان الرقي والحداثة، لبنان التسامح والتكافل، لبنان الحصانة والعقل والذكاء والعدالة، لبنان الأخلاق، وبلا هذا اللبنان، لا قيمة لشهادة ولا قيمة لتضحيات، ولا قيمة لوطن".

وأردف: "وصيتك يا عمر، مدينتي عزي وسندي وملاذي، فرحي من فرحها، وحزني من حزنها، ولها وحدها أن تنصفني أو تظلمني. ولي، لا شيء لي سوى ان أرفع رأسي بها حيث ترفع الرؤوس، وأن أنحني اليها حتى التراب وما ترابها سوى كل أهلي، من كان منهم قبل عام، ومن سيكون بعد ألف عام. وصيتك يا عمر، دم الرشيد. ودماؤنا ليست أغلى من دماء باقي الشهداء، لكن رشيد كرامي الذي قاوم العنف والدم والاقتتال الأهلي بسلاح الموقف وبهيبة الشرعية والوطنية، إغتالوه غدرا وقصدهم اغتيال لبنان، ثم اغتالوه مرة ثانية حين فرطوا بدمه وأخرجوا قاتله من السجن بعفو غير دستوري يضرب هيبة القضاء والدولة والمؤسسات. ونحن، وكما أوصيتنا يا عمر، لم نسامح ولن ننسى. ولن يستقيم إنقاذ لبنان إلا بإعادة الاعتبار للقضاء والعدالة ودماء الشهداء".

وخاطب كرامي الحضور قائلا: "في حياته، كنا نقول حين نحكي أمام عمر كرامي أو عنه، انه رجل دولة. اليوم، أقول لكم، لم يكن رجل دولة فقط، كان رجل أمة. لقد عاش عمر كرامي مع أبناء جيله، وهج الحلم العربي بوحدة العرب، وبوحدة قضية العرب المركزية وهي تحرير فلسطين الحبيبة واستعادة الحقوق والكرامة. وتضاءل الحلم يوما بعد يوم. انتقل عمر كرامي وجيله من مطلب الوحدة العربية الى الاكتفاء بوحدة الموقف العربي في مواجهة ومواكبة المستقبل. لكن حتى هذا الأمر لم يعمر طويلا، بعد سلسلة النكبات والخيبات التي عاشتها الأمة، فصار الحد الأدنى من الحلم القديم هو الحفاظ على العمل العربي المشترك، وعلى علاقات الأخوة بين الدول العربية. ما أصعب أن تتهاوى كل الأحلام أمام عيني المرء. والحق ان حال العرب اليوم يبكي القلب والعين ويدمي الروح، وآخر ما كان يتوقع أن يشهده عمر كرامي في حياته هو اندلاع حروب عربية - عربية، وانتشار فتنة مذهبية بغيضة قاتلة بين المجتمعات العربية. ولم يكن أمام عمر كرامي سوى أحد خيارين: اما أن يستسلم الى اليأس واما أن يعتصم بثبات في موقع المؤمن بالنضال مهما كانت التضحيات، وكانت التضحيات كبيرة حقا".

أضاف: "دعوني أصارحكم، أنا الذي رافقت عمر كرامي كظله طوال مسيرته السياسية، لم أره يوما متفائلا منشرح الصدر مرفوع الرأس تقفز الفرحة من عينيه، سوى في محطات انتصارات المقاومة على اسرائيل، سواء في لبنان أو في فلسطين. لقد منحته انجازات المقاومة في وجه العدو الأوحد للعرب الكثير من العزاء والأمل، ولم يعد خافيا على أحد انه اشتهى يوما لو كان شابا لكي يذهب الى حيث يجب أن يكون، على جبهة القتال ضد اسرائيل".

وتابع: "لقد دخل عمر كرامي معترك السياسة اللبنانية حامل أمانة وصاحب قضية ووريث نهج من الوطنية الصافية، ولكن شاءت الأقدار أن يتزامن حضوره في الزمن السياسي اللبناني مع دخول لبنان طور الانهيار الكبير في الأسس والقيم والمعايير، وكان من الطبيعي أن يمضي عمر كرامي معظم حياته السياسية في صفوف المعارضة، وليس في سرايات السلطة. لقد كان رجل دولة يؤمن بلبنان القانون والمؤسسات، وسعى خلال حكومته الأولى إلى انتشال لبنان من رذائل وذيول الحروب الأهلية، ووضع الأسس السليمة لبناء دولة العدالة والحداثة، ولكن التيار الإقليمي والدولي لم يكن ضمن مشاريعه إنشاء دولة في لبنان، بل تأسيس شركة مذهبية لم تجلب لنا سوى الويلات، حتى أننا صرنا نترحم على أيام الحرب".

وقال: "كان عمر كرامي رجل سياسة يعتبر الاستقامة نهجا، لكن رياح الزمن الجديد أسست للفساد نهجا، كان رجلا صلبا يقيم وزنا كبيرا للرأي الحر والمستقل، بغض النظر عن التحالفات والصداقات، ولكن لبنان دخل بقوة في زمن التبعية، ورهن القرار الوطني للمرجعيات الدولية والاقليمية. كان عمر كرامي ضنينا بالتفريط بنقطة دم واحدة في الحروب العبثية، ولكن ما تم رسمه للبنان هو هدر دماء الناس وأرزاقهم واحلامهم في اكثر الحروب الداخلية عبثية ومجانية. وكان رجل حوار بامتياز، ومن سخرية الأقدار أنه رأى بعينيه قبل الرحيل، كيف صار الحوار ليس لحفظ الوطن، بل لحفظ مصالح القابضين على الوطن".

أضاف: "أحب عمر كرامي لطرابلس كل ما يمكن أن يحبه رجل عاشق لمدينته وأهلها، رآها دائما كبيرة، وأصعب لحظات حياته كانت وهو يراها تتهالك حجما ووزنا، وتفقد الكبرياء والكرامة، بعد أن دمرتها سياسات الإفقار والإهمال واجتاحها المال السياسي، وفقدت قدرتها على الصمود، لكن عمر كرامي لم يستسلم الى اليأس، وأوصانا بأن النضال كان قضية نبيلة، واليوم صار قضية مقدسة، لأن على الأجيال أن تستعيد الدور والمكانة والكرامة".

وتوجه الى الراحل قائلا: "يا أبي، يا دولة الرئيس، اشتقنا اليك، اشتاقت اليك الناس والبيوت والطرق، واشتاق اليك قصر كرم القلة صبيحة كل يوم جمعة جالسا بين أهلك وقومك، اشتاق إليك بحر طرابلس وشجرها وعبق زهر الليمون فيها، اشتاقت إليك كل الساحات والشوارع. يا أبي، بعد عام على الرحيل، عزاؤنا الوحيد أن وطنك ومدينتك لم يتركاك تغادر الدنيا، الا في مأتم هو عرس من الوفاء، وأنت الذي كنت من كنت، سيد الوفاء، بل أمير الوفاء".

وختم: "بالأمس، قررت طرابلس أن تطلق على أحد أبرز شوارعها اسم جادة عمر كرامي. وكل يوم، يولد في بيوت المدينة طفل يحمل اسم عمر، وكل لحظة، في بيته وعائلته يحضر في اللفتة والنسمة والكلمة والذكرى والضحكة والدمعة اسم عمر. أيها الأهل، لم يعلمني كيف أقول وداعا عمر كرامي، لعله كان يعرف ألا وداع بيننا، لقد علمني من غير أن يعرف ومن غير أن أعرف أنا، أن أقول: معا، دائما معا، وحتى انقطاع النفس، معا يا أغلى الرجال، معا يا عمر كرامي".
 

  • شارك الخبر