hit counter script

مقالات مختارة - سعدى علّوه

«رياح» المجلس النيابي تجري بما لا تشتهي «الكوتا» النسائية

الأربعاء ١٥ كانون الأول ٢٠١٥ - 06:57

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

السفير

نضح إناء المجلس النيابي أمس بما فيه. استنجدت التحالفات النسائية لإقرار «الكوتا» النسائية، في قانون الانتخابات النيابية، بالنواب، على أمل انتزاع تعهد علني بدعم «الكوتا» التي وافق عليها لبنان بالتزامه بالاتفاقيات والمواثيق الدولية، وعلى رأسها «سيداو» ومؤتمر بيكين. لكن رياح بعض المشاركين في مؤتمر «التدابير الاستثنائية المؤقتة لتعزيز التمثيل السياسي للمرأة من خلال قوانين الانتخاب» جرت بما لم تشتهِ رياح المنظمين والمتحالفين. ممثلو بعض الكتل النيابية لم يحضروا من الأساس، كـ «حزب الله» والكتائب والأرمن وبعض المستقلين، ولأسباب مختلفة، بعضها أمني أو بذريعة السفر، أو بتحديد مهام اللجنة النيابية الخاصة بقانون الانتخاب بصلاحية النظام الانتخابي وتقسيم الدوائر. وتوزع بعض حديث من حضر من النواب بين من قدم خطاباً قصد منه «مدح» اللبنانيات من زاوية جمالهن في حديث عن ثلاثية «المرأة والجمال ولبنان»، وإن عاد وتحدث عن نجاح السيدات في المراكز العامة والمناصب التي يتبوأونها، أو من اعتبر ان «الكماليات تحتل حيزاً مهماً من حياة النساء»، محملاً إياهن بطريقة غير مباشرة سبب ضعف المشاركة السياسية. وهناك من ذهب إلى المطالبة بتفعيل تعليم الذكور في لبنان لأن مستويات تعليم الإناث هي الأعلى، معتبراً أن ذلك يؤدي إلى ما اسماه «العنوسة» عند اللبنانيات، بغض النظر عن عدم حقوقية التسمية واعتبارها كخيار عند الكثير من النساء. أما «قنبلة» المداخلات فكانت طلب أحد النواب أن لا يكنَّ «داعش» مع من يختلف معهن بالرأي في مسألة «الكوتا».
وكان لافتاً خلال المؤتمر عدم وضع معظم المتحدثين الأصبع على السبب الرئيس للتمييز السلبي ضد النساء في الحياة السياسية والكامن في جزء كبير منه، في النظام السياسي الطائفي والذكوري في البلاد، وكذلك في اعتماد نظام الانتخاب الأكثري بـ «محادله» السياسية والطائفية وتحالفاته المصالحية. وكثرت أسئلة النواب عن الأسباب التي تحول دون وصول النساء إلى مشاركة سياسية فاعلة في الانتخابات النيابية من دون تقديم أجوبة شافية تتناسب مع موقع المسؤوليات التي يتبوأونها.
أما على ضفة الموقف من «الكوتا»، فقد رفض البعض «الكوتا» صراحة، ووافق البعض الآخر بشروط، فيما تحفظ بعض ثالث. وعليه، يمكن التساؤل عن مصير الهدف من المؤتمر كما حددته مسؤولة برنامج الامم المتحدة الانمائي في مجلس النواب فاطمة فخر الدين والكامن في «التوافق مع النواب على اعتماد مبدأ الكوتا وعلى الآليات المناسبة لتطبيقها وهي مختلفة بحسب اختلاف النظم الانتخابية».
ولا يبدو من الأجواء التي سادت خلال مؤتمر الأمس الذي ينعقد بعد يوم واحد على مباشرة اللجنة النيابية الخاصة بقانون الانتخاب عملها في المجلس النيابي، أنها قادرة على أن تنجز القانون خلال مهلة شهرين. كما لا يبدو أن اجواءها تختلف عن أجواء سبق وسادت محاولات أخرى للجان مشابهة، برغم إعلان العديد من الكتل النيابية تأييدها لـ «الكوتا» وإن وضعت بعض الشروط، أو أبدت تحفظات معينة.
وبرز تأييد اعتماد «الكوتا» النسائية من قبل رئيس مجلس النواب نبيه بري في افتتاح المؤتمر في الكلمة التي ألقاها باسمه النائب ياسين جابر، معتبراً أن «الاسباب كثيرة ومن بينها النظام السياسي المعقد وقوانين الاحوال الشخصية، المتعددة والتي تجعل من المرأة شخصا تابعا خاضعا للسلطة الذكورية القائمة على سلطة الطوائف على اختلافها، وكل هذه القضايا الشائكة والمتعلقة بالنظام والتركيبة السياسية للبنان تجعل المرأة غير متفائلة بأن تغييرا سيحصل».
ورأى جابر باسم الرئيس بري أنه «اصبح واضحا ان تقديم اقتراح محدد مثل اقتراح تطبيق قانون الكوتا لرفع نسبة تمثيل المرأة السياسي المتدني في لبنان هو السبيل العملي لتحقيق الهدف، وهذا ما سوف نناقشه، على امل ان نخرج باتفاق مبدئي وعملي مع جميع الفرقاء المعنيين برسم السياسات ووضع قانون انتخابات». ورأى جابر «أن النقاش المطروح حول دستورية او عدم دستورية الكوتا هو امر مستهجن، واذا تطلب الامر، فليعدل الدستور وتضاف الى المادة 24 منه فقرة تنص على تخصيص مقاعد للنساء اسوة بالكوتات الاخرى الموجودة اصلا في المادة عينها». وحول «ديموقراطية الكوتا» قال جابر باسم بري: «ان كانت اجراء غير ديموقراطي الا انه اجراء ينتج منه تعزيز الديموقراطية ووضع حد لتهميش النساء في الحياة السياسية». هذا الموقف للرئيس بري دفع العديد من النساء إلى المطالبة بترجمته عملياً في مجلس النواب، ولدى إقرار الإصلاحات في قانون الانتخابات.
وتولت الدكتورة فاديا كيوان، ممثلة «الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية»، تذكير النواب والحضور بمرور 62 عاماً على إقرار حقوق المرأة اللبنانية في المشاركة السياسية و25 عاماً على اتفاق الطائف الذي نص على ضمان التمثيل النسبي لكل فئات الشعب اللبناني في المجلس النيابي، وعشرين سنة على اعلان بيكين وما يوازيها على «سيداو»، ومع ذلك ما زال الاستهتار بحضور المرأة السياسي. وأكدت كيوان عدم القبول بأي «حجة وبأي ذريعة ان يزدري مهندسو القوائم الانتخابية بترشيح النساء والا تكون المرأة حاضرة بما لا يقل عن 30 بالمئة في القوائم الانتخابية للمرشحين مع تدابير خاصة لضمان فرص فوز المرشحات بنسب هي نفسها نسب فرص فوز المرشحين».
وحضت المنسقة الخاصة للامم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ لبنان على اعتماد «الكوتا» النسائية.
وبعدما عرض وزير الداخلية نهاد المشنوق نجاح النساء في الإدارات العامة ومناصب في القطاع الخاص والعام، أشار إلى أنه «لا بد من تعزيز دور المرأة في التمثيل السياسي عبر تضمين قانون الانتخاب الجديد كوتا للنساء لا تقل عن 15 في المئة وترتفع تدريجياً مع كل دورة انتخابية».
جلسات العمل
بعد ذلك، بدأت جلسات العمل، فترأس الجلسة الاولى النائب ياسين جابر حيث عرضت خلالها «الكوتا» النسائية في الانتخابات، وأهداف «الكوتا»، والبلدان التي تعتمد هذا النظام وعلاقتها باتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة، «سيداو» و «بيكين»، وقدمت الاخصائية في الشؤون الاجتماعية شانتال سركيس، دراسة بعنوان «المبادرة الوطنية من اجل الكوتا»، ثم قدم الخبير في مشروع دعم الانتخابات النيابية التابع لبرنامج الامم المتحدة الانمائي سعيد صناديقي عرضا قانونيا ودستوريا عن التدابير الخاصة لتعزيز التمثيل السياسي للمرأة.
وبعدها أعلن بعض النواب مواقف كتلهم الانتخابية من «الكوتا» النسائية. وأكد النائب مروان حمادة باسم كتلة اللقاء الديموقراطي «التحفظ على موضوع الكوتا النسائية في قانون الانتخاب»، داعياً الى إشراكها في الحكومة، وإلى تغيير الذهنية العقلية.
وأيد النائب أحمد فتفت باسم كتلة «تيار المستقبل» «الكوتا» النسائية، مذكرا بموقف الرئيس سعد الحريري الداعم لذلك.
وكممثل لـ «تيار المردة» اعتبر النائب اسطفان الدويهي «ان القوانين المرعية الاجراء في لبنان لا تميز بين المرأة والرجل باستثناء حق اعطائها الجنسية لابنائها، رافضا «الكوتا النسائية».
ودعم النائب ميشال موسى، ممثلا كتلة «التنمية والتحرير» «الكوتا كإجراء مؤقت لإشراك المرأة في الحياة السياسية».
وأيد النائب أنطوان زهرا باسم كتلة «القوات اللبنانية» «الكوتا» النسائية، ليطالب «بعدم المبالغة بها لعدم ضربها»، ومشيراً إلى أن عدم تطبيقها لا يخالف الدستور.
ودعم النائب الان عون باسم «تكتل الإصلاح والتغيير» «الكوتا» النسائية في الترشيح فقط، وليس في الانتخاب حفاظاً على روح الديموقراطية.
 

  • شارك الخبر