hit counter script

مقالات مختارة - ناصر زيدان

العلاقات المصرية ? الروسية في ضوء سقوط الطائرة فوق سيناء

الأربعاء ١٥ كانون الأول ٢٠١٥ - 06:29

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الخليج الاماراتية

بينما كانت موسكو تبذُل جهوداً كبيرة لتعزيز العلاقة مع القاهرة، ومع عواصم عربية أُخرى، بهدف التغطية على تدخلها العسكري في سوريا الى جانب النظام، وللتخفيف من وقع هذا التدخُل على الرأي العام العربي المُتعاطِف مع المعارضة المُعتدلة؛ سقطت الطائرة المدنية الروسية فوق سيناء في 31/اكتوبر/2015، ولقيَ 224 مدنياً حتفهم، في اسوأ كارثة جوية يتعرض لها الطيران المدني الروسي عبر تاريخه الطويل.
 الكارثة الجوية خلطت الاوراق في العلاقات المصرية – الروسية، وكادت ان تؤدي الى توتر بين البلدين لولا تدارُك الامر من قبل المسؤولين المصريين، الذين تعاطوا بحِكمة مع المأساة، واخمدوا الكثير من بؤر الاشتعال التي كانت قابلة للتوسُّع بين البلدين.
رغم كل ذلك؛ فلا يمكن محو الإنعكاسات السلبية للحادث، كما لا يمكن التخفيف من آثاره القاسية على روسيا ومصر. والمصريون دفعوا ثمناً غالياً من جراء هذه الكارثة، فقد انهارت القطاعات السياحية في شرم الشيخ، وتأثرت الحركة في مُعظم انحاء مصر، وغادر البلاد مئات الآلاف من السائحين، وتوقفت بالإجمال الحركة السياحية الخارجية، بعد التأكُّد من كون الحادث ناتج عن تفجير نفذته عصابات " تنظيم الدولة الاسلامية " الارهابي ( داعش). والسياحة المصرية تدرُّ على الاقتصاد المصري ما يزيد عن 12% من الدخل القومي الاجمالي.
الصداقة الروسية – المصرية قديمة العهد، وقد اقام البلدان علاقات الدبلوماسية منذ العام 1943، واستمرَّ التعاون على وثيرة ممتازة بين البلدين طيلة الفترة الماضية، ما خلى عشرُ سنوات لم تكُن العلاقات جيدة، وهي عبارة عن النصف الثاني من حكم الرئيس الراحل انور السادات – اي بعد اتفاقية كمب ديفيد للعام 1978 – والربع الاول من حكم الرئيس السجين حسني مبارك – اي بين العام 1982 والعام 1988 – وفي ذلك العام بدأت "البروستريكا" التي اعلنها الرئيس ميخائيل غورباتشوف، وادت الى تفكُّك الاتحاد السوفياتي في العام 1990.
ورغم العلاقات المُميزة التي ربطت مصر بالولايات المتحدة الاميركية بعد اتفاق السلام الذي وقعه السادات مع " اسرائيل " في كمب ديفيد، بقيت مُعظم الآلة العسكرية المصرية، واغلبية نسق البُنى التحتية الكُبرى للبلاد على النمط الشرقي – الروسي، لأنها تأسست على هذه الوجهة منذ التحالف الكبير الذي ارساه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر مع موسكو في العام 1953، وكانت اولى، واهم نتائجه، تزويد الجيش المصري بصفقة السلاح الروسي المتطور من تشيكوسلوفاكيا، وانشاء السد العالي على نهر النيل بتمويل سوفياتي.
استعادت الصداقة الروسية – المصرية حيويتها بعد وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي الى الحكم في 30 يونيو 2013، وكانت هذه الاستعادة برغبة روسية وقبول مصري. وقد ساعد على تطوير التعاون بين البلدين منذ ذلك التاريخ، مجموعة من العوامل، لعلَّ اهمها: تردُّد الاميركيين في دعم السيسي، ورغبة الرئيس السيسي بإرضاء الكنيسة القبطية الارتوذكسية التي ساندته، وبسبب أوجه الشبه بين شخصيتي فلاديمير بوتين وعبد الفتاح السيسي، لكونهما جاءا من مدرستين امنيتين وسياسيتين مُتشابهتين.
وصل مستوى التبادل التجاري بين البلدين الى ما يُناهِز 3 مليار دولار في العام 2014، وكان مُرشح للتبادل ان يزيد عن هذا الرقم لولا كارثة سقوط الطائرة. وعدد السائحين الروس الذين قصدوا مصر في العام 2014 تجاوز المليونان ونصف المليون مواطن، ما يعادل 60% من العدد الاجمالي للسواح الروس الى الخارج. كما ان الاستثمارات الروسية عادت بقوة الى مصر، وشاركت موسكو بمشروع اعادة تأهيل الاقتصاد المصري الذي اطلقه السيسي، لاسيما في بناء المدينة الصناعية النموذجية في بور سعيد. ووقَّع البلدان على اتفاقية شراء اسلحة روسية للجيش المصري، تجاوزت قيمتها 3 مليارات دولار.
موسكو كانت قاسية في تعاملها مع مصر بعد كارثة سقوط الطائرة فوق سيناء. فقد اوقف الرئيس بوتين كل الرحلات الجوية الروسية الى مصر، واجلى اكثر من 72 الف سائح روسي كانوا في مصر، ومنع الطائرات المدنية المصرية من الهبوط في المطارات الروسية كافة.
رغم كل ذلك، فقد حرصت الدولتان على استمرار التعاون. وكانت الدلالة الواضحة على النية بالتعاون - رغم فداحة الخسائر للجانبين – توقيع اتفاق إنشاء محطة نووية روسية لإنتاج الطاقة الكهربائية في منطقة الضبعة شمال غربي مصر في 19/11/2015 بحضور السيسي، مُمولة بقرض روسي طويل الامد، وهذه المحطة التي تمَّ التخطيط لإنشائها منذ ثمانينات القرن الماضي؛ مُقدر لها ان تبدأ بالانتاج في العام 2022، وعمرها الصالح للعمل 60 عاماً، وهي ستحل مُعضلة النقص في انتاج الكهرباء في مصر، كما ان مستوى الامان الذي تتمتع به، لايمكن خرقة، لا بالقنابل، ولا بالهزات الارضية. اما البارز الهام في العقد النووي بين القاهرة وموسكو، فهو؛ ان سداد القرض الروسي الذي ستتم بموجبه بناء المحطة، سيكون من عائدات بيع الطاقة الكهربائية التي تُنتجها المحطة على مد. ى 35 عاماً.
 

  • شارك الخبر