hit counter script

الحدث - ابراهيم درويش

عندما تحولت خيم رياض الصلح إلى مصانع للصبر ومخابز للأمل

الأربعاء ١٥ كانون الأول ٢٠١٥ - 01:11

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

هناك في تلك الخيم التي تحولت الى علب من الاسرار، ومصانع للصبر، ومخابز للامل أمضى اهالي العسكريين المخطوفين سنة وأربعة اشهر خلت، من القهر والتحمل.

في تلك المساحة الخضراء بالقرب من السراي الحكومي، كان يزرع أهالي العسكريين المخطوفين أحلامهم، المروية بدموع الامهات على أمل أن تزهر حرية في يوم من الايام.

كان يتفنن الاهالي المفجوعون في نسج الفرح حتى ولو على مضض، كانوا يقرضون بعضهم الصبر، يسرقون من الماضي القريب فرحة غابت عن ثغورهم، كانوا يحدقون طويلاً في الصور المنشورة حولهم، كانوا يخاطبونها بأعينهم، كانوا يسألونها عن يوم اللقاء المنتظر.

سلاح الصبر الامضى في يد هؤلاء كانت هواتفهم المحمولة، لما تختزن من صور وذكريات وتسجيلات صوتية، كانت كفيلة باستعادة لحظات مسلوبة.

لرنين الهواتف في خيم الاهالي معنى مختلف، فأي رنة كانت تسمع هي أشبه الى خبر عاجل، يرغم الاهالي على قطع حديثهم وانفاسهم، ليستجمعوا حواسهم بترقب، لما يمكن أن يحمله الاتصال الوارد، من أخبار سيئة أو أخبار فرحة.

سنة وأربعة أشهر صبغت ايام الاهالي بالوان العذاب المختلفة، وخصوصاً قبل أن تتوقف التهديدات بالذبح، لا سيما في ظل الرسائل المتعاقبة للخاطفين التي كانت  تفرض على الاهالي اغلاق الطرق والتنقل بين المناطق، وسط تفقد للاسر الغائبة وتهديدها بذبح ابنائها.

لم يتعب اهالي المخطوفين من الاعتصام على الطرقات، ولم ترهقهم رائحة الاطارات المشتعلة والامطار والاوحال، بل ما كان يؤلمهم الضبابية التي كانت تلف مصير أبنائهم، والتهديدات المتعاقبة بالذبح، وعدم تفهم الناس لأوجاعهم وتململهم من صراخهم.

بالأمس اسدل الستار على كابوس مزعج لستة عشر من العسكريين المخطوفين واهاليهم، فيما لا يزال جرح المخطوفين لدى داعش مفتوحاً، هم فرحون اليوم بعودة ابناء رفاقهم، لكن بالطبع باتوا اكثر قلقاً ووجعاً، هم يعلقون آمالهم على اللواء عباس ابراهيم في ان يحدث خرقاً كبيراً في هذا الملف، وهو من وصفه بعض الاهالي بـ "أيقونة التحرير" نظراً لاياديه البيضاء  في الملفات الانسانية.

وحدهم من لم يعد امامهم سوى لملمة الجراح والتعالي على مصابهم، ذوو الشهداء الذين قتلوا وذبحوا على ايدي الجهات الخاطفة، كانوا يستحقون ان يعودوا الى اهلهم ان يرفعوا على الاكتاف، الا يموتوا  بسكاكين ورصاص صناع الموت العبثي..
نفرح وفي العين دمعة وفي البال قلق على العسكريين المخطوفين لدى داعش ،على امل ان يكون اطلاق سراحهم اسرع من التهديدات التي يخشى ان تتحرك مجدداً لتحريك الملف والضغط لتحقيق مكاسب اضافية.

  • شارك الخبر