hit counter script

الحدث - طوني شاميه

التسوية: اعطونا... نعطيكم

الأربعاء ١٥ كانون الأول ٢٠١٥ - 01:09

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ما يجري اقليميا ودوليا يؤكد ان الكلام انما هو عن تسوية شاملة . فالحوثي سيبدأ محادثات جدية للحل السياسي وبمباركة اقليمية وبالتحديد سعودية – ايرانية تقوم على مبدأ المشاركة وتأكيد توزيع عادل للسلطة في اليمن.

في العراق ووسط محاولات دحر داعش، يسعى الفرقاء الداخليون والاقليميون الى تقدم الحل السياسي ولكن على قاعدة اللامركزية او الفدرالية الواقعية. فالعراق بات 3 دويلات: سنية شيعية وكردية وهذا ليس بجديد، انما الجديد هو التفاهم على مصير دولة داعش. فهل ستقدم واشنطن على خنق وليدتها وهي التي امنت لها المتنفس الطبيعي عندما سمحت لها بالوصول الى منابع النفط؟ لا شيىء حتى الان يوحي بان هذا الامر سيتحقق.

اذاً، لا تحالف واشنطن جدي في قتل فلذة كبد الولايات المتحدة وهذا الغرب، الذي لم يتوان ومنذ هتلر عن دعم الحركات المذهبية الاصولية الاسلامية، منذ بدء تكوينها ان مصر او في فلسطين ... وهذا الدعم ما زال، ووفق اشكال مختلفة.

 ولعل الوجود المسيحي، الكاثوليكي والارثوذكسي، هو اول المستهدفين من سياسة الغرب، اي القضاء على المسيحيين في الارض التي وجد وترعرع فيها المسيح. وهذا آخذ بالتحقق والتمدد حيث ان المسيحيين في فلسطين ارض المسيح باتوا معددوين. وفي العراق ارض المسيحيين الاوائل، تحولوا الى ارقام مهاجرة ومشتتة ولاجئة في انحاء العالم، ولاسيما الغرب صاحب نظرية التهجير. في سوريا الوضع ليس بافضل.

وهكذا فالتسوية السياسية آتية لامحالة، اذا ما استندنا الى كلام وزير الخارجية الاميركي جون كيري الذي اعلن ان هذه التسوية ستنطلق على الاقل مع بداية العام الجديد في سوريا، مع الاشارة الى عدم التوافق الاميركي الروسي على هذه الملفات وان اشهر قليلة تفصلنا عن انغماس الاميركيين في التحضير للانتخابات الرئاسية وبالتالي عدم انشغالهم عن قضايا العالم.

 السعودية بدورها تعد العدة لجمع المعارضات السورية عبر مؤتمر جامع في الرياض، ايضا اعتبارا من مطلع العام الجديد، لتوحيدها وتشكيل وفد مشترك منها باستثناء داعش. وهذا يعني ان التسوية اذا ما قيض لها ان ترى النور فستفضي الى تشكيل حكومة رئيسها مقرب من الرياض، مقابل رئيس مقرّب من ايران وروسيا، وهو حتى الان الرئيس الاسد وحتى في المرحلة الانتقالية والذي قد يبقى بعدها، في حال  قرر الترشح.

اذا التسوية سياسية، وهذا ما تحدثت عنه ايران وروسيا جهارة، والعمليات العسكرية الجوية الروسية بالتزامن مع الانجازات الميدانية للجيش السوري وحلفائه، انما هي لتعزيز موقع المفاوض السوري الحكومي.

وهكذا فان الحديث عن تسوية سياسية، وان ستستغرق بعض الوقت، قد بدأ. ولعل ما اصاب برج البراجنة وباريس وتونس وغيرها من البلدان التي ضربها ارهاب داعش انما دفع الجميع الى ضرورة تفعيل هذه التسويات السياسية للتفرغ للقضاء على داعش، وان كنا لا نعلم ان ذلك سيتحقق ام ان المطلوب تقليم اظافر هذا التنظيم الارهابي وليد الغرب واسرائيل.

قبل اشهر تحدث البعض عن سيناريو ينص على ان السعودية وايران، اللاعبان الاقليميان المؤثران في المنطقة، لا يمكن ان يساهما في اي حل سياسي الا اذا تحققت مصالحهما. وبناء على هذا السيناريو قيل ان ايران سيكون لها اليد الطولى في العراق مع احترام مصالح المكونين السني والكردي .. وهذا آخذ في التبلور.

يبقى سوريا. فالمشروع السعودي داعم لتغيير النظام، مع الرئيس السوري بشار الاسد او من خلال مرحلة انتقالية، ويبدو ان ايران وروسيا قد تعهدا بها، على ان تلاقيهم الرياض عبر اقناع المعارضة المنبثقة من لدنها للجلوس والتفاوض مع الفرقاء الاقليميين والدوليين حول طاولة المفاوضات من اجل نظام سوري جديد او طائف سوري على غرار الطائف اللبناني . وهكذا تكون السعودية قد حققت بعضا من مصالحها عبر حكومة سورية برئاسة احد الوجوه المعارضة، وعلى راس النظام شخصية مثل الرئيس الاسد مقربة من محور ايران – روسيا او من يمثل مثل هذه المصلحة.  

وحده لبنان كان خارج هذه التسوية من هنا فهي ناقصة، وقد جاء كلام السيد حسن نصرالله لتصويب المرحلة وتحدث عن تسوية شاملة لبنانيا لتتلاقى مع ما يحاك من تسويات سياسية من صنعاء الى بغداد ودمشق وان كانت ستتزامن مع خضات دموية وصراعات مفتوحة لتحسين مواقع التفاوض لكل فريق.

هذه الدعوة تلقفها الرئيس سعد الحريري، واعلن انه يؤيد هذا الكلام، لا بل اندفع بعد تلقيه الدعم السعودي، لايجاد ارضية عل الحل السياسي يبصر النور، ولكن على قاعدة منظومة حكم فيها رئيس يطمئن حزب الله وسوريا وايران وصولا الى روسيا، ورئيس حكومة من لدن السعودية، التي لا يمكن ان تفرّط برئاسة الحكومة والصلاحيات التي انيطت بها، وهي الورقة الوحيدة لها والمحققة منذ الطائف.

تنازلوا نتنازل... "اعطونا في هذه البلدان نعطيكم في لبنان". هذا هو مبدأ التسوية اي توزيع المناصب على الطوائف والمذاهب على طريقة القول الفرنسي: " Donnant … Donnant... والله يرحم العلمانية حلم روسيا وقيصرها بوتين.      

  • شارك الخبر