hit counter script

مقالات مختارة - مفيد سرحال

جبل الودّ والسلّة المثقوبة

الثلاثاء ١٥ كانون الأول ٢٠١٥ - 01:46

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الديار

التسوية السياسية في لبنان عالقة بين السلة وحبل الود الموصول بين الرئيس سعد الحريري والوزير سليمان فرنجية ولان فلسفة كينونة لبنان قامت على توليفات وتفاهمات تطفىء وللاسف نارا متقدة وتبقي جمراً مؤجل الاشتعال كلما هبت رياح الخارج او اختلت موازين الداخل، وما من فريق او مكون لبناني الا ويحبذ التلاقي على التجافي والتواصل على القطيعة. ومن نافل القول ان ازمات لبنان او البيت بمنازل كثيرة كانت ستبقى الى حين، النظام السياسي المتكلس العصي على الاشتغال الا وفق منطق تحويل الدولة الى عقارات طائفية مطوبة في سجلات العائلات الروحية وكل التفاهمات التخديرية من الـ43 مرورا بالطائف وصولا الى الدوحة لم تلامس الجوهر الاصلاحي واكتفت بالطلاء الخادع لتشققات وجه النظام دون اللجوء الى مبضع الجراحة الجذرية اي «قانون الانتخاب» لانه يعيد الحقوق الى اصحابها ويعيد عقارات الدولة الى الدولة ويجعل من «الانسان - الفرد» اللبناني مواطنا.
ولعل الازمة التي يعيشها لبنان اليوم تتلخص بمسألتين كما تقول اوساط سياسية:
الاولى: تمسك قادة «الطائف» بحصونهم الطائفية والعمل الدائب على تحصين وتدعيم هذه القلاع بالمال والسلطة والاستئثار وتكريس منطق التبعية وتجديد الزبائنية بحلة الحداثة.
الثانية: مساعي قوى التغيير لتصديع ركائز النظام، واعادة البناء على اسس مختلفة عصرية حداثوية تحاكي مبادئ الديموقراطي الحقة... لان فكرة التوافق «الديموقراطي» تعني تأييد النظام الطائفي.... واذا كانت الطوائف الاسلامية قد نظمت خلافها فيما بينها واستبعدت «النقار في الدار»، الا انها جعلت من الساحة المسيحية حلبة ملاكمة بالواسطة ولا يخلو التقارب العوني ـ القواتي من ارهاصات فهم مستجد خارج منطق الحصص من ان ضياع الحقوق افقد المسيحيين الدور وان استخدامهم كعصي للتضارب عن الغير، وهم مدركون ان التطواف بين الحراب انهكهم والوقوف على اعتاب الطائف اغتال مزيتهم السياسية في بلد التنوع الخارق للوحة المنطقة.
ولان الكتلة المسيحية الاكبر في الساحة المسيحية مشحت هذه الشريحة بعلامتين فارقتين، الاولى تنكب تيار العماد عون الوازن مهمة الاصلاح في النظام السياسي اللبناني الى جانب كثير من القوى السياسية المؤمنة بضرورة هدم قلاع الطائفية السياسية ومفتاح الاصلاح في هذا المجال قانون الانتخاب على اساس النسبية الكفيل بتشذيب دويلات الطوائف وتهذيب الخطاب السياسي بمعنى يصبح اكثر تواضعا وطواعية ومرونة.
اما المشحة الثانية فهي انقلاب مزاج الجمهور المسيحي من حالة الاستتباع لسياسات الغرب والتماهي مع تلك السياسات لحد الخوض في مغامرات لطخت في كثير من الاحيان الثوب المسيحي بنقاط سوداء، وذهاب المسيحيين بغالبيتهم مذهب مناصبة مشاريع الغرب العداء ومواجهة ادواته في المنطقة والخروج من عباءة الملمح الاستعماري القديم الجديد ووصماته الكارثية على الوجود المسيحي حتى بت تسمع انطوانيت في جونيه وكسروان تهتف بحياة السيد حسن نصرالله والمقاومة وطانيوس في الاشرفية يحيي النووي الايراني وعدة الجمهورية الاسلامية السياسية والعسكرية وهذا ما شغل الغرب الذي باع المسيحية في مهدها بالقدر الذي شغل شركاء الوطن.
وما تبقى من العرب حيث تأطر الوجدان الجمعي المسيحي خلف قناعات ورؤى وسلوكيات اربكت الخارج والداخل حتى ان قواتيين من ابناء القاع ورأس بعلبك حملوا السلاح الى جانب المقاومة في مواجهة الارهاب... وبذلك دلالات على المزاج العام وتبدل المفاهيم...
من هنا يقول مرجع سياسي: بصرف النظر عن فروسية ومبدئية والتزام سليمان بك فرنجية وحضوره الوطني الوازن والمحترم من القريب والبعيد فالرجل مؤمن بالشراكة والحوار ولا يستطيع أحد أن يبدل من قناعاته ومبادئه قيد أنملة، بصرف النظر عن كل ذلك فان كل ما يحكى عن تسويات وأطروحات غرضه اعطاب اي قانون انتخاب يعول عليه على أنه معول هدم للبناء الطائفي المرجعي المقفل على مصالح أشخاص وطوائف ومذاهب محددة، وقطع الطريق على أي محاولة جدية لنسف الطائف الذي يعتبر الذئب الذي هشّم يعقوب المسيحي في الحكم لأن معظم القوى السياسية في لبنان أصلاً لا تقيم وزناً للجالس على كرسي بعبدا وكل «زجليات» وقصائد «الفراقيات» على فراغها ليست سوى صلاة الغائب عن الحاضر الغائب عقب طامة الطائف...
يتابع المرجع: ان الدهاء الذي طرحت على أساسه التسوية الرئاسية بالتأكيد لن تقابل الا بدهاء مماثل فعلاقة سليمان فرنجية بالعماد عون لن تتزعزع بدليل ان فرنجية عقب جلسة الحوار، أكد الاستمرار بترشح العماد عون وكل حلفاء سوريا وحزب الله رددوا نفس العبارة. أما حزب الله فان قاعدته الذهبية تقوم على عدم التخلي عن الحلفاء والحفاظ على حضورهم والعلاقة مع الطرف الاقوى في الساحة المسيحية العماد عون والتي هي استراتيجية بمستوى سلاح المقاومة ولان حزب الله يعتبر ان رفض النسبية يعني حكماً ديكتاتورياً، حسب ما جاء على لسان سماحة السيد في احدى خطبه ولأن التسوية تظهر ان ثقباً تسرَّب من خلاله قانون الانتخاب وفق النسبية، فالسلة الكاملة تعني السلة الكاملة، فان حظوظ نجاح التسوية معدومة لان الشراكة الحقيقية ليست بملء المقعد الرئاسي بقدر ما هي ملء كل المقاعد الشاغرة بفعل قوانين الانتخاب التي استلبت الدور المسيحي وجعلت نواب الأمة المسيحية حسب لغة الفلاحين يجمعون سنابل القمح وغلال الحقل التي تسقط من يد الحصادين، أي زعماء الطوائف الأخرى، في حين المطلوب عودة الحقل الى اصحابه واسقاط صفة المرابع عند المقاطعجي، وهذه صيغة كرسها الطائف ويتمسك بها حكام الطائف لغاية في الذات المتحكمة القابضة على الحكم ومغانمه ومنّه وسلواه...
ويختم المرجع: سليمان بك فرنجية ليس من قماشة النظام بمعنى القبول بالرئاسة التي يستأهلها ويشرفها على حساب التغيير فهو صاحب رؤية وارادة في هذا الاتجاه ومجرد رفضه لقانون انتخاب لا يتوسل النسبية سبيلاً للتغيير واصلاح النظام يعني ان حبل التسوية سينقطع والسلة التي تحوي تفاحة الاغواء الرئاسية لن تسقط سليمان بك بالتجربة لايمانه العميق بأن جنة الحكم تقوم على اصلاح سياسي يعيد للمسيحيين حقوقهم وحضورهم السياسي ومدخل الاصلاح الحقيقي تفاحة النسبية...

  • شارك الخبر