hit counter script

أخبار محليّة

توصيات مؤتمر اتحاد الكتاب: لمواجهة ثقافات الاستتباع والتكفير

الإثنين ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٥ - 12:48

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

عقد اتحاد الكتاب اللبنانيين مؤتمره الدوري قبل ظهر اليوم في قصر الأونيسكو، بعنوان "نحو استراتيجية ثقافية للوطن"، برعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري ممثلا بالنائب مروان فارس وحضور ممثل قائد الجيش العماد الركن الطيار جورج غصن، ممثل المدير العام لقوى الأمن الداخلي العميد عادل مشموشي، ممثل النائب سامي الجميل جورج قزي، نائب رئيس الحزب السوري القومي الإجتماعي توفيق مهنا، الأمين العام لاتحاد الكتاب اللبنانيين وجيه فانوس، أعضاء الهيئة الإدارية، أمين عام الحركة الثقافية في لبنان بلال شرارة وشخصيات.

بعد النشيد الوطني، قدمت للمؤتمر امينة الشؤون الثقافية في اتحاد الكتاب اميرة المولى، التي أشارت الى ان "الثقافة لا يمكنها ان تبتعد عن قضايا الحياة والوطن والأمة، بل يفترض بها أن تكون في القلب منها وفي روحها ونبضها ترسم أطر المواجهة وآفاق الخلاص".

اضافت: "فكيف الحال عندما يهدد الإرهاب والتكفير وجودنا وحضورنا وابداعنا، مستهدفا التراث والفن والتاريخ والحاضر والمستقبل، وعندما يحيط بنا أشباح الظلام والعتمة واستثارة الغرائز". 

وقالت: "ان الثقافة هي في مبتدئها النور الذي يضيء الكينونة بأشعة الفكر والإبداع والتنوع والتفاعل، ولذلك فهي تقف دون لبس أو غموض في الموقع النقيض من الإرهاب والتكفير والقتل والتدمير وتعطيل العقل وتدمير الحضارات".

وتابعت: "لقد عانى المثقفون على مر العصور من التعسف والظلم والإرهاب حرقا للكتب والمخطوطات وتدميرا للفنون والآثار، وصولا الى المحاكمات والسجن والإغتيال والتعذيب والإعدام الجسدي، لكن الثقافة خرجت منتصرة بتوهج الحياة واتساع المدى".

ثم تحدث فانوس فقال: " نلتقي اليوم ونحن في رحاب اتحاد الكتاب اللبنانيين، وفي كل منا روح وطنية وثابة تنظر بقلق جياش الى ما يعتور عيش الوحدة الوطنية في لبنان من أوضاع مؤلمة صعبة مؤذية، لا تخفى على قريب أو بعيد، كل من نتائجها شلل ما انفك يضرب المؤسسات الرسمية السياسية منها والوطنية، أما نيران هذا الشلل فتقترب منذرة بالتهام كل ما بقي من مؤسسات وإدارات. نلتقي اليوم، والإرهاب الفكري يعانق العنف العسكري والتكفير الديني، مزهوا بما يظهره أمام ناسنا من جبروت ومختالا بما يقوم به من غصب ونهب وتشويه، غير سفك الدمار واقتلاع الحريات وتزوير مفاهيم الأديان السمحة واختلاق أساطير وحشية الفكر، ونلتقي اليوم، وشعوبنا العربية ما برحت تداوي الكثير من رياح السموم التي سيقت اليها من أودية جهنم السياسة الدولية، باسم ربيع ماكر".

اضاف: "انطلاقا من هذا الواقع، ومن كثير كثير من تجلياته السوداء، أكانت في لبنان أم في أرجاء كثيرة من الوطن العربي، فإن واجبنا ادباء وكتابا ومثقفين، بوجه عام، أن نؤسس لرؤى استراتيجية ثقافية تقود الى تخليص عيشنا المقبل مما يثقل هذا العيش اليوم ويشوهه ويسعى الى القضاء عليه، هي ذي مسؤولية كل واحد منا، وهو ذا واجب كل مثقف حر عبر احترام رؤيته ورأيه، ولهذا نلتقي في هذا المؤتمر".

وتابع:"لا بد لي، وأنا في هذا المقام، من أن أتوجه بالشكر الجزيل والتقدير الكبير لما يبذله راعي هذا المؤتمر، دولة الرئيس نبيه بري، عضو اتحاد الكتاب اللبنانيين ورئيس المجلس النيابي اللبناني، معنويا وماديا من دعم وتأييد غير مشروطين للاتحاد، وخصوصا في الأزمة المالية التي مر بها الإتحاد في السنتين المنصرمتين، الأمر الذي يسر للاتحاد القيام بنشاطات وأعمال أعادت له بعضا من عافيته، كذلك أنوه بالتعاطف الطيب الذي أبداه معالي وزير الثقافة، ريمون عريجين والمدير العام في الوزارة فيصل طالب، في تشجيعها لمساعي الإتحاد في إضافة الوجه النقابي الى وجوده الثقافي والإبداعي، إتاحة لأعضائه في حفظ كثير من حقوقهم، بما فيها حق الطبابة والإستشفاء، لمن ليس له هذا الحق من خلال أي صندوق تعاوني أو تعاضدي. ولعل الأسابيع الأولى من الشهر المقبل ستشهد بدء تحضير الإتحاد للوائح المطلوبة للأسماء وسوى ذلك، ولسوف يصدر عن الأمانة العامة للاتحاد بيان يوضح هذه الإجراءات وترتيباتها في قريب عاجل".

ثم تحدث النائب فارس فقال:" وانا اعد كلمتي لهذا اللقاء الثقافي لم اكن اعلم ان الرئيس نبيه بري سوف يكلفني بأن امثله في هذا المرتمر وفي ذلك دلالات عدة ان رجال السياسة في بلادنا ليسوا رجال سياسة فقط انما هم مثقفون كبار، عدد منهم كانوا في هذا الاتحاد وقد تشرفت لفترة طويلة ان اعمل معهم. ولانني اعرف جيدا تاريخ هذا الاتحاد فقد كنت لفترة طويلة مسؤول العلاقات الخارجية في الاتحاد وكان هنالك رجال كبار اذكر منهم الرئيس نبيه بري والمرحوم كمال جنبلاط كلهم كانوا في الاتحاد مثقفون كبار وسياسيون ونحن كنا نعمل معا لانجاز حياة ثقافية جديدة" .

وتابع:"يشرفني الان ان امثل الرئيس بري في هذا اللقاء، والرئيس بري مقام في الحياة الثقافية في لبنان، فهو محام مشهور ومعروف وقائد استثنائي للمجلس النيابي اللبناني، فهل نتصور في هذه الحالة يستطيع ان يقود مجلس نواب في لبنان هذه الحالة الصعبة لا يستحقها الا رجال كالرئيس نبيه بري".

اضاف: "قالت العرب: تقف العود قومها وهذبها، وقالت العرب ايضا ساس الخيل قومها وهذب مشيتها.مما يعني بأن الثقافة والسياسة حالة واحدة فرعان من اصل واحد فالثقافة مرتبطة ارتباطا وثيقا بحالة الامة، فاما ان تكون هذه الحالة سوية اما ان تكون في حالة انتظار".

وتابع:"اننا في لبنان بحالة انتظار دائمة لان حالة الوطن تقوم على تنازعات داخلية. فلا وحدة حقيقية ولا ارتباط وثيقا بين اللبنانيين فيما بينهم، تفرقهم الطائفية وتفرقهم المذهبية ويفرقهم الاقتصاد مما يعني ان الاستراتيجيا الحقيقية التي عليها ان تؤدي الى احلال مفهوم الوحدة محل مفهوم التجزئة والتقسيم هي استراتيجيا تقوم على جملة من المفاهيم:

1 - مفهوم الاتحاد الوثيق بين ابناء الشعب الواحد الذي هو شعب ممزق طائفيا واجتماعيا. فالاقتصاد يوحد والارادة الواحدة في المعرفة والثقافة تبني جسر العلاقات المشتتة في شبكة جديدة.

2- ان الوطن بحاجة الى ثقافة جديدة باعتبار العقل شرعا اعلى في المجتمع. وكي يكون العقل هو الشرع الاعلى يتوجب احترام الدستور والشرائع الموضوعية. 

3 - ان احوال الامة الان هي خارجة عن الوضعية المرتقبة لها. مثلا بموجب اتفاق الطائف الذي وضع دستورا للبنان بعد انتهاء الحرب الاهلية عام 1989، ان هذا الاتفاق في المادة 95 من الدستور اللبناني يدعو الى تشكيل الهيئة الوطنية العليا لالغاء الطائفية السياسية في الفقرة الاولى من المادة ذاتها. وفي الفقرة الثانية تتم الدعوة الى الغاء الطائفية.

4 - الى الان، منذ ذلك التاريخ لم يحصل شيء من هذا الامر. بل على العكس من ذلك ان الامور تزداد سوءا في لبنان. يبتعدون رويدا رويدا عن هذه الاهداف. واذا كان على قانون الانتخاب الجديد يجب ان يعتمد لبنان دائرة واحدة خارج القيد الطائفي بموجب مبدأ النسبية. اننا الان بعيدون كل البعد هذه هذه الاتجاه. فاللجنة المكلفة بوضع قانون جديد للانتخابات تستبعد كل الذين يدعون الى وضع المبادىء هذه موضع التنفيذ.

5 - اننا نقول في هذا الباب كلاما خطيرا للغاية لانه ليس في الافق امر يدعو الى الامل. لذلك فان الاستراتيجيا هي استراتيجيا مفقود منها الامل. الامل ضائع والمستقبل اذن الى مزيد من الضياع في هذا الوطن الذي يأتي اليه اليأس من كل مكان. والامل يبقى مرهونا برجال جدد واحزاب جديدة علها تأتي من رحم الثقافة الجديدة التي تعملون من اجلها علها تأتي يوما وهي لا بد آتية".

والقى الشاعر وجدي عبد الصمد قصيدة من وحي المناسبة .

وتسلم راعي الحفل درع الاتحاد عربون تقدير ووفاء.

وفي الختام صدر عن المؤتمر البيان الختامي الاتي:
في ظل الظروف المصيرية التي تعصف بمنطقتنا والعالم، جراء الهجمة الإرهابية الهادفة إلى تدمير البنى الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والدينية والعمرانية والحضارية، في مشهد دموي مأساوي لم يشهده الشرق مثيلا له.
فإن أهمية الدراسة والبحث والوقوف على ما يجري لا سيما على المستوى الثقافي ودور المثقف وما عليه، يحتم على المؤسسات الثقافية المشاركة في صياغة رؤية ثقافية استراتيجية تنهض بالجميع لمواجهة هذا التحدي الأخطر.
لقد ارتأى اتحاد الكتاب اللبنانيين تناول موضوعات أساسية تصب في هذا الهدف، وهي على تنوعها، أختير منها محوران اثنان، اعتقادا بقدرة إسهامهما في هذه المهمة التاريخية.
- المحور الأول: الرؤية الوطنية في لبنان وإمكانية تحقيق استراتيجية ثقافية.
- المحور الثاني: فاعلية المثقف في قضايا المجتمع والدولة ومواجهة الإرهاب.
وبعد البحث وإستجلاء الآراء والمناقشة، من قبل نخبة من أهل الاختصاص والخبرة، تم اعتماد التوصيات التالية:
أولا: يؤكد المؤتمرون ضرورة مشاركة المثقفين والمفكرين في مواجهة الخطر الوجودي الذي يهدد منطقتنا وتاريخنا وحضارتنا بالوسائل المتاحة شتى، وترسيخ ثقافة المشاركة واستنهاض حس المسؤولية وتحملها، والحفاظ على ثقافة المقاومة ومؤازرة ارتباطها بالمؤسسات والشعب للحفاظ على الوطن وحمايته من سائر المخاطر المحتملة.

ثانيا: يؤكد المؤتمرون على العلاقة بين الثقافة والدولة من خلال العمل على ترسيخ سبل المواطنة السليمة والمحافظة على الهوية، وتوحيد الرؤية، والحفاظ على اللغة ومعرفة العدو، وتقبل الآخر.

ثالثا: يدعو المؤتمرون إلى احترام الماضي والجذور الثقافية للمجتمع والفرد، والاستفادة من العلم وتقنياته والتجربة على أنواعها، مع المحافظة على الثقافة الوطنية لشخصية المجتمع.

رابعا: يدعو المؤتمرون إلى العمل على توفير السبل كافة للمثقف والمؤسسات الثقافية، الرسمية والأهلية، لمواجهة ثقافات الاستتباع والاستهلاك والعجز والانغلاق والإلغاء والتكفير، وترسيخ ثقافة الديموقراطية التي تقود إلى العدالة الاجتماعية والمساواة والحرية.

خامسا: يرى المؤتمرون أن ما تخلفه الحرب من دمار لبنية المجتمع يوجب الدعوة إلى السلم الأهلي وثقافة المحافظة على ممتلكات ومقدرات الوطن وتحمل المسؤولية الكاملة من قبل الساسة والمسوؤلين والقائمين على المؤسسات والأفراد والمجتمع.

سادسا: يرى المؤتمرون أن ما يحدث في المنطقة من دمار ممنهج للتراث والعمران والحضارات التاريخية والمعاصرة هو تدمير للهوية التاريخية للمنطقة وإلغاء لذاكرتها. وأن ما يحدث من تهجير للبشر هو اقتلاع منظم لحاضرها يهدف إلى إلغاء مستقبلها وتطلع أجيالها.

سابعا: يدعو المؤتمرون وسائل الاعلام على أنواعها لمواكبة الحراك الثقافي في الوطن ومواكبة المثقف ودوره، وإلى تحمل المسؤوليات تجاه هذا الواقع المر الذي تعيشه المنطقة، في إطار من مواجهة الفتن والتحلي بروح الدعوة إلى التوحيد والتآلف.

أخيرا، يرى المؤتمرون أن أي استراتيجية ثقافية لا يمكن أن تتحقق إلا بتآزر الجهود وتحمل المسؤوليات وإعطاء الفرصة للنهوض بالثقافة ودور المثقف".  

  • شارك الخبر