hit counter script

مقالات مختارة - ناصر زيدان

عون وجعجع والتسوية

الإثنين ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٥ - 06:48

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الانباء الكويتية

مُعظم الاطراف السياسية اللبنانية تلقفت جدية الكلام عن التسوية. وقد تعاملت مع هذا الكلام بواقعية اكثر بعد الإشارة التي اطلقها السيد حسن نصرالله في خطابه الذي اعقب التفجير الارهابي الذي استهدف برج البراجنة، وسجل فيه تراجع واضح عن الثوابت التي كان قد اعلنها في خطاباته السابقة، لاسيما فيما يتعلق بالملف الرئاسي، وفي التراجع عن مهاجمة دولة اقليمة فاعلة معنية بلبنان، وللبنان مصالح كبيرة معها.
حوَّل الرئيس سعد الحريري الكلام عن التسوية الى مبادرة، وتبين انها تحمل موافقات ضمنية مُسبقة من اطراف داخلية وخارجية، وهي جديَّة جداً، ويمكن لها ان تُشكِّل مخرجاً من المأزق الذي تعيشه البلاد من جراء الفراغ والشلل في مؤسسات الحكم الرئيسية، طالما لم يبادر احد آخر لإطلاق مبادرة.
وبصرف النظر عما أُعلن من تحركات في اتجاه تنفيذ المبادرة – او ما بقي منها في السر – فإن اجتماع الرئيس سعد الحريري مع النائب سليمان فرنجية في باريس، كان مُثمراً، وفقا لوصف مصدر مُطلع. وعلى ضوء هذا اللقاء حصلت اجتماعات في باريس ضمَّت الحريري مع رئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط ومعه الوزير وائل ابوفاعور من جهة، والحريري ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل من جهة ثانية. واعقب هذه الاجتماعات مروحة واسعة من الاتصالات الهاتفية شملت العديد من القيادات السياسية في بيروت، خصوصاً مع الرئيس نبيه بري، ومع قيادات اساسية في قوى 14 آذار.
توليفة التسوية الرئاسية جاهزة وقابلة للتطبيق – وفقاً لتأكيدات مراجع مواكبة – ويمكن لهذه التوليفة ان تتجاوز الكثير من نقاط التعقيد المُرتبطة بالتطورات الساخنة في المنطقة - تحديداً منها الناتجة عن اسقاط الطائرة العسكرية الروسية فوق الاراضي التركية - كما ان نجاح عملية انتخاب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية ستؤدي - فيما لو حصلت – الى إراحة الاجواء المُتعلقة بالاتفاق على قانون جديد للإنتخابات، واطلاق عجلة العمل التشريعي في مجلس النواب، وربما؛ زيادة وتيرة تصريف الاعمال لدى حكومة الرئيس تمام سلام.
اوساط سياسية مواكبة عن كثب لما يجري من اتصالات، ترى: ان الاسراع في تنفيذ مبادرة الرئيس سعد الحريري الرئاسية، متوقفٌ بالدرجة الاولى عند قراري العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع، لأن اصحاب المبادرة حريصين بالمقام الاول على إرضاء الفريقين، ولكون كل من عون وجعجع مرشحان متنافسان على المنصب، والمبادرة ليست موجهة ضدهما، ولكن الافق المسدود فرضها، بل جعلها موجِب وطني، خصوصاً ان؛ كل الطبقة السياسية مُتهمة بالاستخفاف بمصير البلاد، ولا يوجد عذر يحميها من التهجمات الشعبية. والكلام الطائفي عن مصدر المبادرة غير مُقنع، لأن المواقع الكبرى في الدولة تخضها كلها للمشاورات، وللإنتخاب، وهذا ما ينطبق على الاستشارات لتكليف رئيس حكومة، وكذلك في عملية انتخاب رئيس لمجلس النواب.
مما لا شك فيه؛ ان التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية مُحرجان الى ابعد الحدود في التعامل مع المبادرة، ففرنجية حليف لعون، وكان محسوباً على ذات الفريق السياسي، وهذا يفرض على عون مراعاة الموقف من الناحية الادبية على الاقل. اما جعجع؛ فهو يتهيب الموقف، لأنه قد يُتهم بتضييع فرصة ذهبية لإنهاء الشغور الرئاسي الحاصل منذ سنة وستة اشهر، وهذا الموقف بدوره سيُحرجه في الشارع المسيحي المُتلهِف لرؤية رئيس عتيد للبلاد، خصوصاً ان المُرشح الحالي( فرنجية) من ضمن الاسماء الاربعة التي تمَّ الاتفاق عليها في لقاء بكركي، وهذا ما اخذه اصحاب المبادرة الجديدة بعين الاعتبار.
تأييد حزب الكتائب للمبادرة الرئاسية - رغم بعض الشروط - انطلاقاً من حماسته لإنهاء الفراغ، وكذلك الامر الارتياح الذي بدى في اوساط الكنيسة، مُضافين الى تأييد مجموعة من النواب المُستقلين؛ كل ذلك يزيد من حراجة التعاطي مع الموضوع عند الحليفين اللدودين – اي عون وجعجع – لأن عرقلة التسوية ستنعكس سلباً عليهما، مهما كانت النتائج. فاذا سقطت المبادرة؛ لا يمكن لهما ان يبقيا مُرشحَين اساسيَين، لأنهما سيخسران الكثير من الحلفاء على ضفتي الانقسام اللبناني، وربما ينعكس الامر ايضاً على تدني مستوى شعبيتهما. واذا نجحت المبادرة، وأُنتخب فرنجية – وهذا وارد جداً - سيكون الرئيس العتيد وصل الى بعبدا من دون اية مساعدة من قبلهما، وهذا بالتأكيد سيؤثر على علاقاتهما المُستقبلية معه، برغم تأكيد فرنجية: انه سيضع فواصل جدية بين عمله كزعيم في منطقة الشمال وبين عمله كرئيس للجمهورية، وهذا الامر ينطبق ايضاً على صداقاته الشخصية، وهو سيفصل بين العلاقات الشخصية والعلاقات السياسية.
 

  • شارك الخبر