hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - دافيد عيسى

الياس سكاف... يقولون انك قد رحلت

السبت ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٥ - 08:06

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

اربعون يوماً على غيابك ايها الصديق والزعيم الكبير كم نفتقدك في هذه المرحلة الصعبة والحساسة والقاسية والتي لم يعد فيها مكان للعقل والحوار والمنطق والاعتدال.
يا حبيب القلب ويا حبيب الناس ...
يوم وداعك الحزين قدّم ابناء زحلة والبقاع الاثبات والدليل على ان الشعب اللبناني واعٍ ومدرك لكل ما يجري ويدور حوله ومن خلفه، وقادر على التمييز وعلى إصدار احكام عادلة بحق سياسييه، والأهم من كل ذلك اثبتوا انهم شعب وفيّ لرجالاته ولمن يستحق التكريم والوفاء.
الياس سكاف في وداعك الذي تحول استفتاءً شعبياً على زعامتك رأيت الحزن العميق في عيون الناس ووجوههم. رأيت الحزن الصادق النابع من القلب الطالع من الاعماق. رأيت الوفاء في دموعهم وصمتهم وكلامهم، وفي صلاتهم و"نارهم" ...
الياس سكاف أنا لا أعجب ان حزن الناس الطيّبين ابناء زحلة البطلة وابناء البقاع الاشم على غيابك، ولا استغرب ان ذرفوا الدموع وشعروا بوجع الفراق، وانما افهم تماماً لماذا يفعلون ذلك ويطلقون العنان الصامت لمشاعرهم وانفعالاتهم، كيف لا وانت حبيب الناس واعز الناس واطيب الناس واشرف الناس.
ابناء منطقتك في زحلة والبقاع يحزّ في نفوسهم ويعزّ عليهم انهم يخسرون هذا النوع من الرجال الذين اصبحوا اقلية في صفوف الطبقة السياسية والذين يبحثون عنهم بـ "السراج والفتيلة" كما يُقال بالعربي الفصيح.
فاللبنانيون قادرون على التمييز بين الخطأ والصواب وبين الشرّ والخير، بين الفاسدين والاوادم، وبين من صنع ثروة مستغلاً وجوده في السلطة وبين من باع ارضه واملاكه وهو في السلطة لخدمة ومساعدة الناس.
يا اغلى واطيب واشرف الناس ايها الزعيم الغالي ...
اللبنانيون يفتقدون في هذه الايام البائسة والرديئة في زمن الانحطاط السياسي :
- الى الأصالة والعراقة في زمن الطارئين والدخلاء...
- الى الصدق والطيبة في زمن الكذب والخبث...
- الى نظافة الكفّ واللسان في زمن الفساد والعهر السياسي...
- الى العنفوان والرأس المرفوع في زمن التزلف والارتهان والرؤوس المطأطئة...
- الى التواضع والبساطة في زمن التكبّر والغرور الفارغ...
الشعب يريد وبكل بساطة سياسيين قريبين منه متفاعلين معه، يتحسّسون اوجاعه وهمومه، يكونون في خدمته، يمثلونه في تطلعاته وأمانيه...
الياس سكاف كنت من هذا الصنف من الرجال الرجال، فاستحقيت عن جدارة ان تكون الزعيم الشعبي المحبوب والقريب من قلوب الجميع من دون استثناء.
كما كنت بشخصك ونهجك عابراً للطوائف والمناطق والمجتمعات... لذلك أحبك المسيحيون والمسلمون، واحبك اللبنانيون، واحترمك اخصامك ...
الياس سكاف سليل بيت سياسي وعائلة عريقة ضاربة جذورها في أرض زحلة والبقاع... كان أميناً على الأرث الوطني لوالده الزعيم جوزف طعمه سكاف، فأعطى زحلة من كل قلبه وجوارحه وعاش معها قصة حبّ رائعة وقد بادلته زحلة بالمثل وبكته كما لم تفعل من قبل.
الياس سكاف اعطى طائفته من عقله وعاطفته ولم يتهاون مع مطالب وحقوق الروم الكاثوليك ولم يقبل انتقاصاً من دورهم ومكانتهم...
الياس سكاف الزعيم الوطني والسياسي الآدامي مهم جداً... ولكن الياس سكاف الانسان يبقى الأهم لأنه كان ممتلئاً بالقيم الانسانية وملتزماً المبادىء الاخلاقية في العمل السياسي. كان طاهراً في مجتمع سياسي عاهر ورخيص... وأقسى ما في غيابه انه حصل في ذروة الحاجة اليه، وأنه حصل في وطن تتهاون فيه القيم والمبادىء ويعيش حالة هبوط وانحدار وانحطاط على كل المستويات.
يا بك يا ايها الحبيب الغالي...
لم يتغير شيء منذ ذاك اليوم الحزين يوم وداعك، لقد تقاسموا "الانتهازيين" ثوبك فيما بينهم وعليه اقترعوا، فهم ومن ادرى بك من هم، لا يزالون كما كانوا مهووسو سلطة، لم ينتظروا مرور اربعين يوماً على غيابك حتى يظهروا جشعهم للسلطة وحولوها الى "حرب مذهبية" رخيصة، متنطحين معتقدين ان بامكانهم ملىء فراغك او وراثة شعبيتك متناسين ان محبة الناس وثقتهم لا تُشرى ولا تُجيّر ولا تباع... كم هم حقراء وسفلة اولئك الذين لا يحترمون حرمة الموت ومشاعر المحزونين.
لهؤلاء تحديداً اقول، ساكتفي اليوم بهذا القدر من الكلام احتراماً لذكراك، لكني اقول لهم بعد الاربعين ليس كما قبله... فاليوم خمر وغداً امر، وان غداً لناظره قريب.
في الختام اقول لك يا ايها الحبيب والصديق الغالي والزعيم الكبير نم قرير العين مرتاحاً لأنك ستبقى حياً في ضمير وقلوب وعقول محبيك الكثر من ابناء زحلة والبقاع...
الياس سكاف يقولون انك قد رحلت... لكنهم نسوا انه مين "خلّف ما مات".
يا الله رُحماك له يا رحيماً رفقاً به.
 

  • شارك الخبر