hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - نادر حجاز

عن الشيخ ابو حسن عارف في ذكرى رحيله

الخميس ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٥ - 06:56

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

"في لبنان أعلى القمم الروحية تشُعُّ على الشرق، من تلّة عنايا، الى تلّة البيّاضة، الى تلّة جْربتا، الى تلّة كفيفان، ويستقرُّ شعاعُها اليومَ حجيجاً على تلّة الباروك"، هي كلمات وصف بها الشاعر هنري زغيب لبنان عشية وداع عميد الهيئة الروحية العليا للطائفة الدرزية الشيخ ابو حسن عارف حلاوي في 26 تشرين الثاني 2003، هذا الزاهد المتصوّف الذي اختزل في مسيرته ومسلكيته الى جانب المعاني الروحية السامية، القيم الوطنية والاجتماعية، فكان كبيرا في مواقفه، صادقاً في دعواته، كريماً كينابيع الباروك التي احتضنت ثراه، فيما كانت لا تزال تردد مع ابنها الشاعر رشيد نخلة أبيات النشيد.

للطريق الى بلدة معصريتي في قضاء عاليه، حيث عاش في خلوته لعدة سنوات، رهبتها وهي تشق عباب تلك الوديان حيث شهد لبنان اول عهود استقلاله. هناك كان للشيخ ابو حسن عارف خلوة متواضعة تعبق بدفء الايمان والتقى، تحوّلت الى محجة لكل من عرف الشيخ وأيقن انه تخطى طائفته الى "ما هو فوق الاديان"، فلم يتردد ابناء الطوائف اللبنانية كافة بزيارته وليس فقط الدروز. كيف لا وكان رمزاً للصمود في الجبل في اقسى سنواته العجاف إبان الحرب الاهلية والاجتياح الاسرائيلي، رافضاً التعدي على احد، ليلعب لاحقا دورا بارزا في إعادة المهجرين الى قراهم، فكان رمزا من رموز العيش المشترك لا سيما بعد انتهاء الحرب.

ليس غريباً ان نستحضر قامة كالشيخ ابو حسن عارف، بعد مرور 12 عاماً على رحيله، وفي هذا الزمن بالذات، هذا الزمن الصعب حيث لا قيمة للانسان كما لا قيمة للاوطان، فكيف بنا والبلاد تنزف جراحها على وقع بربرية لم يعرف الشرق لها مثيلًا.

يحيي الموحدون اليوم هذه الذكرى، فيما تحاصرنا النيران من كل حدب وصوب، وفيما تنهار منظومة القيم التي لطالما قام عليها لبنان، فهذا الوطن الصغير بحجمه، الكبير بدوره، يعيش لحظات تاريخية بأمسّ الحاجة فيها للعودة الى الجذور والى وجهه الحقيقي، والعودة الى المساحة الرحبة بين ابنائه.

وعلى وقع استمرار الاغتصاب الاسرائيلي للارض الفلسطينية، وتضييع العرب للقضية الفلسطينية تحت حوافر الفتنة ومصالحهم الضيقة، تحضر أمامنا قامة الشيخ ابو حسن عارف وما كان يمثله من ثوابت عربية واسلامية، ويُسجّل له إقامته الحرم، هو والشيخ الراحل ابو محمد جواد ولي الدين، ضد التعامل والعمل في فلسطين المحتلة أيام كانت أرض الجنوب لا تزال محتلة، علّه يكون مثالا بسيطاً على حجم القضية والجدية المطلوبة في مقاربتها للدفاع عنها واستعادة الحق وصيانة الكرامة الوطنية والعربية.

في مثل هذا اليوم، اجتمع لبنان في وداع الشيخ في الباروك، فكان في رحيله جامعاً كما في حياته، التقى اقطاب الدولة رغم خلافاتهم، على امل ان تكون ذكراه مناسبة ايضا للوحدة والجمع.

الساعة السادسة مساء اليوم تنطلق مسيرة من ساحة الباروك الى مقام الشيخ ابو حسن عارف، إحياء لذكراه، وبانتظار مسيرة السلام الكبرى التي ستضع حدا للجور والفساد في الارض، يبقى للاوطان أولياؤها وبركة قديسيها حين يفسد حكامها وتعجز شعوبها.

  • شارك الخبر